مصر تبكي «الهرم الرابع»... محمد حسنين هيكل
ودعته بموكب جنائزي مهيب يليق بأشهر صحافي عربي
ودعت مصر والثقافة العربية كلها، أمس، الكاتب السياسي الكبير والمؤرخ محمد حسنين هيكل، عن عمر يناهز 93 عاما، في موكب جنائزي مهيب، يليق بأحد أشهر الصحافيين العرب والمصريين، والإعلامي الذي صعد سلم السياسة إلى أن صار وزيرا للإعلام في الستينيات، والمؤرخ الذي حفظ جزءا من أهم وثائق الملفات السرية العربية، خلال النصف الثاني من القرن العشرين.الكاتب الكبير، الذي عمر طويلا، وملأ الدنيا وشغل الناس، تدهورت صحته خلال الأسابيع الماضية، بصورة غير مسبوقة، حين بدأ يرفض تناول الدواء، الذي انتظم في تناوله، لمعالجة أزمة وجود «مياه على الرئة»، كما رفض عملية الغسل الكلوي، التي كان يجريها ثلاث مرات أسبوعيا. وفي الأسبوع الأخير، قال مقربون منه، قبل أيام من وفاته، إن آلامه زادت لدرجة جعلته يتوقف حتى عن تناول الطعام.
هيكل (المولود في سبتمبر 1923) كان مقربا لأغلب الأنظمة المصرية، منذ دخوله الوسط الصحافي، قبل سنوات من انتهاء فترة الحكم الملكي لأبناء أسرة محمد علي في مصر، والتي سبقت ثورة يوليو 1952، وشهدت علاقته بالسلطة، طوال أكثر من 60 عاما، تقلبات كثيرة، من التواؤم التام مع الزعيم جمال عبدالناصر، إلى التعايش الذي وصل إلى حد الصدام والسجن، في حكم الرئيس الراحل أنور السادات، إلى الفجوة الباردة مع نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ثم العودة إلى منطقة التأثير في صناعة القرار المصري، إبان ثورة 30 يونيو 2013.عين وزيراً للإعلام والخارجية عام 1970 وترك «الأهرام» بخلاف مع الساداتبدأ هيكل، ابن قرية "باسوس"، محافظة القليوبية (شمال القاهرة)، والحاصل على مؤهل متوسط، العمل بالصحافة عام 1942، بالتحاقه بقسم الحوادث في صحيفة "الإيجيبشان جازيت"، وحينما قامت الحرب العالمية الثانية كان لايزال شابا في العشرين.واستطاع هيكل ان يميز اسمه وسط نجوم "صاحبة الجلالة"، ففي عام 1944 انتقل إلى مجلة "آخر ساعة" الأسبوعية، بعدما أقنع رئيس تحريرها آنذاك محمد التابعي، رئيس تحرير "الإيجيبشان جازيت"، بانضمامه إلى كتيبة آخر ساعة، بعد انضمامها إلى مؤسسة "أخبار اليوم"، التي أسسها الأخوان علي ومصطفى أمين.وكانت تغطياته الميدانية متميزة، خصوصا خلال حرب فلسطين 1948، حيث قرر السفر إلى ميدان المعركة، لتغطية الأحداث، ونال خلال تلك الفترة جائزة "فاروق الأول للصحافة العربية"، عن سلسلة تحقيقات أجراها في قرية "القرين" بمحافظة الشرقية، شمال مصر، والتي شهدت انتشار وباء الكوليرا بعنوان "الحياة في قرية الموت".ونظرا للأداء المتميز، ترك علي أمين رئاسة تحرير "آخر ساعة" عام 1952 لهيكل، وحين قامت ثورة 1952 ووصل الزعيم جمال عبدالناصر إلى الحكم كان هيكل أحد الوجوه الصحافية البارزة، باعتباره أحد مراسلي حرب 1948، وحينئذ رفض هيكل عرضا من عبدالناصر لرئاسة تحرير صحيفة الجمهورية، حيث التقيا لأول مرة في فلسطين، وتعمقت علاقتهما في سنوات قليلة، ليصبح الصحافي الأقرب إلى عبدالناصر، وخلال تلك الفترة تولى رئاسة تحرير "الأهرام" عام 1957، وبقي 17 عاما.تعيينه وزيراًونظرا للقيمة الكبرى التي نالها هيكل، بسبب انتشار مؤلفاته وترجمتها إلى عدة لغات، وعلاقاته بعدد من الرؤساء في الوطن العربي، وفي العالم الغربي، عُين عام 1970 وزيرا للإعلام، ثم أضيفت إليه وزارة الخارجية مدة أسبوعين فقط، في غياب وزيرها الأصلي محمود رياض.وعقب وفاة عبدالناصر، سبتمبر 1970، تولى السادات رئاسة الجمهورية، حيث جمعته علاقة طيبة مع هيكل، في البداية، حيث كان من المؤيدين له، وكتب هيكل ثلاثة مقالات حملت عنوان "السادات وثورة التصحيح"، أشاد خلالها بالرئيس.واستمرت علاقة هيكل بالسادات جيدة في بدايتها، إلى أن قامت حرب أكتوبر 1973، حيث أعلن هيكل وقتها رفضه طريقة تعامل السادات مع انتصار حرب أكتوبر سياسيا، حيث رأى أنه أعطى للولايات المتحدة دورا أكبر مما تستحقه، لينتهي الأمر بينهما إلى الخلاف، ما دفع السادات إلى إبعاده عن جريدة الأهرام 1974، وتدهورت علاقتهما إلى أن سجنه السادات ضمن اعتقالات طالت الكثير من المعارضين، قبل أسابيع قليلة من اغتياله في أكتوبر 1981.وفي بداية حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وعقب خروج جميع المعتقلين من السجون، كان الأستاذ معجبا به، وأعلن تأييده الشخصي له، ودعا المواطنين إلى تأييده ومساعدته لينجح في مهمته.ورغم محاولات مبارك لكي يكون هيكل في محيط صناعة القرار فإن الأخير فضل التفرغ للكتابة، إلى أن تحولت العلاقة بينهما إلى جفوة، حين تسببت محاضرة ألقاها هيكل في الجامعة الأميركية، عام 2002، في توتر العلاقة مع مبارك، حيث قال وقتها نصا: "السلطة شاخت في مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما كانت الصورة حلوة فلابد أن نقول كفاية".الأستاذ والثورةوبينما دعم هيكل، منذ البداية، ثورة 23 يوليو 1952، عاد إلى الموقف نفسه، حين دعم بإصرار ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بنظام مبارك، وثورة 30 يونيو التي عزلت نظام الإخوان من سدة الحكم، وأنهت فترة حكم استمرت عاما للرئيس الأسبق محمد مرسي.وأعلن الكاتب الكبير استئذانه في الانصراف، عام 2002، لافتا إلى توقفه عن الكتابة، حيث اتجه بعدها لإجراء حوارات سياسية شاملة مع فضائيات عربية ومصرية، تناول فيها بالتحليل والمعلومات والخبرات القضايا والأحداث الدائرة وقتها، وكان آخرها حلقاته على فضائية "سي بي سي" المصرية التي كانت بعنوان "مصر إلى أين؟"، وأثارت كثيراً من الجدل.السيسي: مصر فقدت علماً صحافياً قديراًشيعت عصر أمس جنازة الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل من مسجد الحسين في قلب القاهرة التاريخية، بعدما وافته المنية في ساعة مبكرة من صباح أمس، ونعى الرئيس عبدالفتاح السيسي ببالغ الحزن والأسى هيكل، متقدما بخالص التعازي والمواساة لأسرته وذويه وكل تلاميذه ومحبيه.وقال بيان الرئاسة إن "مصر فقدت اليوم عَلَماً صحافياً قديراً، أثرى الصحافة المصرية والعربية بكتاباته وتحليلاته السياسية التي تناولت فترات ممتدة من تاريخ مصر والأمة العربية"، مؤكدا أن الراحل سيظل "رمزا للكاتب الصحافي وخيرَ معلم لأجيال من الصحافيين الذين أثروا الصحافة المصرية بعطاء ممتد وتفان لا ينقطع".بدوره نعى العالم المصري الحائز جائزة نوبل في الكيمياء، أحمد زويل، هيكل قائلا، في بيان له، إن "فقدان مصر قيمة كبيرة مثل هيكل، هي خسارة لا تعوض، حيث كان الفقيد الراحل شخصية موسوعية تتسم بالعمق والموهبة والوطنية".وبينما أصدر الأزهر الشريف وعدة أحزاب مصرية بيانات تعزية في هيكل، اعتبر وزير الثقافة المصري، حلمي النمنم، أن هيكل سيظل علامة بارزة وأستاذا لجيل كامل من الصحافيين، ورمزا لأجيال من السياسيين، وأن كتاباته ستظل في ذاكرة الوطن بأسره". بدوره، أشاد الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، بالدور البارز الذي قام به الفقيد الراحل، سواء من خلال مسؤولياته الحكومية في الدولة المصرية، أو على الصعيد الفكري، وإسهاماته الكبرى في الحياة العربية المعاصرة التي امتدت لما يقارب الثمانية عقود، وما قام به من جهود متصلة على الصعيدين الإقليمي والدولي للانتصار لقضايا الأمة العربية.هيكل و«الأخوان أمين»... صداقة مزقتها «السياسة»"وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعافلما تفرقنا كأني ومالكاًلطول اجتماع لم نبت ليلة معاً"...ربما دار في ذهن الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل هذان البيتان من الشعر العربي القديم، وهو يسترجع تفاصيل علاقته بالأخوين مصطفى وعلي أمين، حيث كانت علاقته مع أكبر رموز شارع الصحافة المصرية، يكتنفها الغموض أحياناً، وتمتاز بالصراحة أحياناً أخرى، لكنها في جميع أحوالها تكشف نقاط الضعف الإنسانية في شخصيات سدنة "الكلمة".هيكل لم يجلس على قمة "الأهرام" إلا عبر بوابة "أخبار اليوم" التي أسسها مصطفى أمين مع شقيقه علي، فـ"الأستاذ" عرف سنوات المجد الصحافي الأولى مع محمد التابعي عبر صفحات مجلة "آخر ساعة"، والتي اشتراها أمين، لتنضم إلى كتيبة أخبار اليوم في منتصف أربعينيات القرن الماضي، ليترقى هيكل داخل مؤسسة الأخوين علي، حتى عدّ الأخ الثالث لهما.انتقال هيكل في اتفاق تاريخي إلى مؤسسة الأهرام المنافسة في عام 1957، ليرأس تحريرها، قابل رغبة ذاتية في كتابة تجربة أكثر استقلالية، حيث كان الانتقال الشرخ الأول في جدار علاقة الصداقة المتينة مع الأخوين علي، حيث بكا الجميع عندما أعلن هيكل للمرة الأولى نيته الانتقال إلى الأهرام، وأجبرته قوة المشاعر على تأجيل طموحه إلى حين.جاء الصدام الكبير حول العلاقة بالزعيم جمال عبدالناصر وثورة يوليو 1952، بعدما أفرزت الثورة رجالها، وجدت الكيمياء سريعاً بين هيكل وعبدالناصر، القيادي الشاب في تنظيم الضباط الأحرار، الذي اتضح في ما بعد أنه العقل المدبر للثورة، الذي أصدر "فلسفة الثورة" عام 1953، ولم يجد أفضل من هيكل ليصيغه وينقح أفكاره، فقد كسب "الجورنالجي" الجولة الأولى في الاقتراب من الرجل القوي.ورغم محاولات مصطفى أمين التقرب من عبدالناصر، فإن الأخير فضّل الاحتفاظ بهيكل، ما ساعد في زيادة التوتر بينهما، ودفع العلاقات المشحونة بمنافسة الأوراق إلى الانفجار، بعد القبض على مصطفى أمين، في 21 يوليو 1965، متلبساً بتهمة التجسس على مصر لحساب المخابرات المركزية الأميركية.تقطعت السبل بين هيكل والأخوين أمين، مع نهاية عصر عبدالناصر، لكن الصدام الذي قطع كل الروابط إلى الأبد، جرى في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات في سبعينيات القرن الماضي، عندما وقع الصدام الشهير بين الرئيس والجورنالجي، حول السلام مع إسرائيل، وأسس السياسة المصرية وقتذاك، حيث طرد السادات هيكل من الأهرام عام 1974، وإمعاناً في إذلاله قرر تعيين علي أمين رئيساً لتحرير الأهرام، وأخرج مصطفى من السجن ليضعه على رأس "أخبار اليوم".انفلتت حرب تبادل الاتهامات من عقالها، الأخوان أمين أفردا صفحات الأهرام والأخبار للهجوم على هيكل، دفاعاً عن سياسات السادات، والأخير رد بكتب ومقالات تؤكد قصة جاسوسية مصطفى. كانت مرحلة السبعينيات صعبة على الجميع، فقدت فيها مصر الكثير، من قيادة العرب، إلى الثوابت الوطنية، كما شهدت وصول العلاقة بين هيكل والأخوين إلى طلاق لا رجعة فيه.قائمة مؤلفاته • إيران فوق البركان.• أزمة العرب ومستقبلهم.• لمصر لا لعبد الناصر.• المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل - الأسطورة والإمبراطورية والدولة اليهودية.• المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل - عواصف الحرب وعواصف السلام.• المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل سلام الأوهام أوسلو • ما قبلها وما بعدها.• المقالات اليابانية.• أكتوبر 73 السلاح والسياسة.• اتفاق غزة - أريحا أولاً السلام المحاصر بين حقائق اللحظة وحقائق التاريخ.• باب مصر إلى القرن الواحد والعشرين.• الخليج العربي.• العروش والجيوش.• العروش والجيوش 2 - قراءة متصلة في يوميات الحرب (فلسطين 1948).• الإمبراطورية الأميركية والإغارة على العراق.• كلام في السياسة قضايا ورجال: وجهات نظر.• مدافع آية الله قصة إيران والثورة.• كلام في السياسة عام من الأزمات.• كلام في السياسة نهايات طرق.• كلام في السياسة الزمن الأميركي: من نيويورك إلى كابول.• سقوط نظام! لماذا كانت ثورة يوليو 1952 لازمة؟• استئذان في الانصراف رجاء ودعاء... وتقرير ختامي.• المقالات المحجوبة (نشرت في جريدة المصري اليوم).• مبارك وزمانه (ثلاثية).الأستاذ... ورحلة البحث في الوثائقفي فبراير 1974، كان قرار الرئيس الراحل أنور السادات، إزاحة رئيس مجلس إدارة رئيس تحرير "الأهرام" محمد حسنين هيكل عن منصبه، يحمل في ظاهره صيغة الاحتفاء عبر تعيينه مستشارا للرئيس، وفي باطنه إخفاء الصحافي البارز من مشهد التأثير، وهو ما فطن إليه الأخير، فقال إن قرار خروجه من "الأهرام" يملكه الرئيس، لكن مصيره بعدها يملكه الصحافي وحده.وصحيح أن هيكل ظل يعرف نفسه في كل المحافل والكتابات باعتباره صحافيا أو "جورنالجي"، على حد تعبيره، غير أن خروجه من السياق الوظيفي لمؤسسة الأهرام البارزة في السبعينيات لم يحل دون استكماله عمله في نفس المهنة، لكن هذه المرة عبر صفحات الكتب، وليس أوراق الصحف.ويرصد المتابع لمسيرة هيكل ان فترة الزخم في إنتاجه وكتاباته أعقبت خروجه من الأهرام، وباستثناء الأعمال التي كانت ردا على أحداث جارية أو تتعلق بقضايا ملحة مثل كتاب "لمصر لا لعبد الناصر" (1976) الذي قاوم من خلاله الحملة الشرسة التي بدأت أجهزة الدولة -بدعم من السادات- شنها على شخص الزعيم الراحل، استطاع هيكل أن يبني مجده ككاتب بارز، ويفتح بابا هو رائده في الصحافة العربية، للكتب السياسية المدعومة بالوثائق التي تتنوع بين الرئاسية والوزارية بل والمخابراتية.ويعزو كثيرون تفرد هيكل بالكتابات الموثقة، إلى حصوله على مستندات لم يتمكن غيره من الوصول إليها أو حتى المعرفة بوجودها، بحكم منصبه كوزير للإرشاد القومي، فضلا عن علاقة الصداقة التي جمعته بعبدالناصر والسادات لفترة محدودة.ويمكن اعتبار كتاب "الطريق إلى رمضان"، الذي أصدره باللغة الإنكليزية أولا، عام 1975، هو الفتح الأول في جدار وثائق هيكل، إذ استخدم فيه الرجل بحرفية ما لديه من معلومات في كتاب عن حرب أكتوبر 1973، خاصة أنه الذي كتب بيديه التوجيه الاستراتيجي للجيش قبل انطلاق معاركه لتحرير سيناء.وعلى الرغم مما أثاره الكتاب وغيره من كتابات هيكل في الصحف الدولية، من غضب السادات، الذي أبدى تعجبه من مواصلة الصحافي عمله رغم فصله –بحسب قوله- غير أن هيكل استكمل مشروعه غير عابئ بما يدور.ومكنت قدرات هيكل ككاتب متمكن من اللغتين الإنكليزية والفرنسية، فضلا عن أسلوبه المميز في العربية، الصحافي أن يظل على تواصل بدوائر النشر والسياسة محليا ودوليا، واستطاع أن يقدم ككاتب له وزنه كتابا عن العلاقات المصرية السوفياتية "أبوالهول والقوميسير"، وترجم إلى العديد من اللغات.وعلى مستوى المشروعات الملحمية الراسخة، بدأ هيكل عام 1986 في نشر أول أعماله ضمن مجموعة حرب الثلاثين سنة، وكان على الترتيب 4 مؤلفات كبرى صدرت بالإنكليزية، وترجمت فيما بعد وهي على الترتيب: ملفات السويس، سنوات الغليان، الانفجار، أكتوبر "السلاح والسياسة".وأدرك هيكل مبكرا جدا خطورة ما لديه من وثائق تجاوزت 175 ألف وثيقة –بحسب تقديره- فضلا عن يومياته التي يسجل فيها بدقة شديدة كل ما يدور حوله، وما يجريه من اتصالات، فتمكن من حفظ الخطير منها خارج مصر، فيما نشر كثيرا منها في كتبه.ولعل واقعة كشفها الرجل بنفسه ضمن مقاله الذي نشره عام 2003، وعنونه بـ"استئذان في الانصراف"، تبدو لافتة، إذ إن وثائق وكتبا ضمن مكتبه بالقاهرة اختفت فجأة أثناء غيابه خارج مصر للعلاج عام 2000، وهو ما كان جرس إنذار بالنسبة له.من أقواله المأثورةبعد ساعات من إعلان خبر وفاة الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل، تكدست صفحات التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر" بأقوال الأستاذ، التي قد تختلف مع فكره ومنهجه، لكن لا خلاف على أنه "الأستاذ"، فهو عالَم له دهاليزه الخاصة، كشاهد على التاريخ، فقد عاصر "مصر الملكية" إلى أن تحولت إلى جمهورية.الأستاذ كان يعرف من الماضي ما نجهله، ولديه قدرة على قراءة الحاضر للوقوف على ملامح المستقبل، رغم تخطيه التسعين من عمره، ولكنه كان قادرا على العطاء، ومواصلة إنتاجه المُميز وتحليلاته للحياة السياسية المصرية والعربية والدولية.ومن بين تلك الأقوال التي تناقلتها مواقع التواصل:• "لا أريد أن أكون ضمن هؤلاء الذين تنحني هاماتهم أمام الحكام في قصورهم، وترتفع هاماتهم أمام الحكام في قبورهم".• "الثورة قيمتها أنها استثمار في المستقبل".• "الآن لدينا في عالمنا العربي، يمين يذهب إلى الجهل ويسار يندفع إلى المجهول".• "الغاية النبيلة لا تحققها وسيلة رذيلة".• "إذا لم تتحدد قواعد أي حوار ومقاصده، ارتبك سياقه وضاعت نتائجه".• "تاريخ كل أمة خط متصل، وقد يصعد الخط أو يهبط، وقد يدور حول نفسه أو ينحني ولكنه لا ينقطع".• "الحقيقة غالية، ذلك لأنه لا شيء في معترك الحياة يتحول إلى حقيقة ثابتة إلا بعد التجربة. وعندما تقع التجربة فإن ثمنها يكون دُفِع بالكامل".• "ظلام الليل كله لا يستطيع أن يطفئ نور شمعة، لكنه يستطيع ذلك إذا تحالف مع هبة ريح".• "وقائع التاريخ الكبرى عائمات جليد، طرفها ظاهر فوق الماء، وكتلتها الرئيسية تحت سطحه، و من يرد استكشافها عليه أن يغوص".• "الحروب تدور في مجال السياسة، ومشاهدها الأخيرة فقط هي التي تنتقل إلى ميادين القتال".• "المُثقف بطبيعته لا يملك جواباً نهائياً لسؤال، ولا يتصور مثل هذا الجواب النهائي!!".