بدا أن نظام الرئيس بشار الأسد قد انتقل إلى موقع دفاعي يظهر توتره عقب الانسحاب الروسي العسكري من سورية، فقد رفض وفد النظام التفاوض المباشر الذي وافقت عليه المعارضة، وشن رئيسه بشار الجعفري هجوماً شخصياً على نظيره في وفد المعارضة محمد علوش.

Ad

قبل ساعات من اجتماع الموفد الدولي إلى سورية ستيفان ديميستورا وفداً ثانياً من المعارضة السورية يضم نائب رئيس الوزراء السابق قدري جميل المقيم في موسكو، استبعد أمس بشار الجعفري كبير مفاوضي نظام الرئيس بشار الأسد في جنيف الدخول في محادثات مباشرة مع المعارضة، مؤكداً «وفد الجمهورية العربية السورية لا يشرفه على الإطلاق الجلوس مع إرهابي في محادثات مباشرة وكبير مفاوضي وفد الرياض ينتمي إلى فصيل إرهابي».

وقال الجعفري، في مؤتمر صحافي بجنيف، إن القيادي في «جيش الإسلام» محمد علوش «قصف السفارات وقتل طلاب كلية الهندسة، ولا يشرفنا أن ننخرط مع هذا الإرهابي بمحادثات مباشرة، ولن يكون هناك محادثات مباشرة ما لم يعتذر هذا الإرهابي عن تصريحه ويسحبه من التداول وأن يحلق ذقنه أيضاً».

وعقب لقائه ديميستورا للمرة الثانية، أكد الجعفري أن «الجلسة كانت بناءة وتطرقت لخطوات عملية من شأنها أن تفتح الباب لحوار سوري سوري دون شروط مسبقة»، مضيفاً: «تعمقنا اليوم في موضوع الشكل بشأن ضمان تمثيل أوسع طيف من المعارضة، تنفيذاً لبيان فيينا وقرار مجلس الأمن 2254، وليس لأحد أن يحتكر الصفة التمثيلية للمعارضات طبقاً لقرار مجلس الأمن»، الذي شدد على ضرورة احترامه «بكامله، بما في ذلك منع تدفق الإرهابيين القادمين من الحدود التركية والأردنية وأيضاً الذين يلقون الرعاية الإسرائيلية».

انسحاب ورد

وإذ أعاد التأكيد على أن «انسحاب الروس تم بصورة مشتركة ومنسقة، كما أتوا إلى سورية بقرار مشترك»، أكد ممثل النظام على وحدة سورية وتكامل أراضيها وشعبها، وشدد على أن «أكراد سورية جزء مهم من الشعب السوري»، رافضا التعليق بشأن ما يتردد حول نيتهم إعلان فدرالية في شمال سورية.

رد المعارضة

وسارع علوش بالرد على هجوم الجعفري، مشدداً على أن «نظام الأسد يعتبر نحو 15 مليون سوري إرهابيين». وتساءل: «هل يحق لمن له أصول إيرانية أن يتكلم في دقائق الأمور؟»، في إشارة الى الجعفري الذي يتحدر من أصول إيرانية.

 وقال علوش، لقناة «الحدث»: «سندخل في مفاوضات جدية وصولاً للحل عبر حكم انتقالي»، مضيفاً أن «النظام لا يريد حلاً وحتى أقرباؤه يتخلون عنه»، في إشارة الى موسكو.

وفد ثان

ولاحقاً، التقى الموفد الدولي أمس وفداً ثانياً من المعارضة يضم نائب رئيس الوزراء السابق قدري جميل المقيم في موسكو، وفق فاتح جاموس العضو في الوفد الممثل لـ»الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير» المقربة من روسيا، الذي أوضح أن الدعوة تأتي في إطار «استكمال تمثيل اطياف واسعة من المعارضة السورية» وتثبت دخول المفاوضات «مرحلة جديدة»، مشددا على ضرورة «استكمالها بتمثيل المكون الكردي».

واعتبر أن وفد الهيئة العليا للمفاوضات الذي رفض في وقت سابق توسيع المعارضة، «يطرح اشتراطات نعتبرها على النقيض من مبدأ التوافق، كاشتراط رحيل الرئيس السوري وكيفية رؤيتهم للمرحلة الانتقالية».

الانسحاب الروسي

وعلى الأرض، غادرت أمس مجموعتان جديدتان من الطائرات الحربية الروسية قاعدة «حميميم» في اللاذقية، عائدتين إلى قواعدهما الأساسية في روسيا.

وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن المجموعتين تشملان قاذفات «سو - 24 أم» تقودها طائرة نقل عسكري من طراز «IL-76»، إلى جانب مقاتلات من نوع «سو - 30»، مشيرة إلى أن عودة طائرات سلاح الجو من سورية تتم على شكل دفعات وكل مجموعة ترافقها طائرة نقل عسكري «القائد»، من طراز «TU 154» أو«IL 76».

الجبير ولافروف

وفي أول تعليق على قرار بوتين المفاجئ، اعتبر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، للصحافيين في الرياض أمس، أن الانسحاب الجزئي للقوات الروسية خطوة إيجابية للغاية، آملاً أن يجبر هذا الأسد على تقديم تنازلات وتسريع وتيرة العملية السياسية التي تستند إلى إعلان «جنيف 1».

لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أكدت، لوكالة إنترفاكس، أن سحب الجزء الرئيسي من القوات الروسية لن يضعف الأسد، مبينة أن تعليمات الرئيس الروسي ستكون الموضوع الرئيسي لزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لموسكو الأسبوع المقبل.

وفي وقت سابق، قال كيري، قبل اجتماعه مع وزير خارجية جورجيا ميخائيل يانليدزي، «سأتوجه إلى موسكو للقاء الرئيس بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف لمناقشة كيف يمكن أن نحرك العملية السياسية بشكل فعال ونحاول الاستفادة من هذه اللحظة»، مضيفاً «مع حلول الذكرى الخامسة على بدء هذه الحرب المروعة، أصبحت أمامنا أفضل فرصة لإنهائها».

دعم إيراني

وفي طهران، أكد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن الانسحاب الروسي يأتي في إطار خطة مسبقة، مشدداً على أن الجيش السوري سيواصل حربه على الإرهاب بالتعاون مع مستشارين إيرانيين وروس، الذين أرجع إليهم فضل التقدم «في المناطق الواقعة تحت سيطرة  داعش»، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا).

ضمانات إسرائيلية

في المقابل، طلب الرئيس الإسرائيلي ريئوفين ريفلين، خلال زيارته إلى موسكو أمس، من نظيره الروسي، ضمان ألا يؤدي انسحابه المفاجئ من سورية إلى اكتساب القوات الإيرانية وميلشيات «حزب الله» هناك المزيد من الجرأة.

وقال مساعد للرئيس الإسرائيلي إن ريفلين قبل سفره إلى موسكو اجتمع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي سارع حين بدأت روسيا تدخلها في سورية إلى إقامة خط ساخن مع بوتين للحيلولة دون حدوث مواجهة.