«المغسلة»... كوميديا سوداء لتكميم الأفواه وغسل العقول
المسرحية ثالث عروض «الكويت الدولي للمسرح الأكاديمي» وتحمل قضايا تمس واقعنا المرير
قدمت فرقة المعهد العالي للفنون المسرحية عرض "المغسلة"، الذي يحمل قضايا تمس واقعنا العربي المرير.
تتواصل المنافسة الطلابية في الدورة السادسة من مهرجان الكويت الدولي للمسرح الأكاديمي، حيث قدمت فرقة المعهد العالي للفنون المسرحية مسرحية "المغسلة"، من تأليف أحمد العلوي، وإعداد وإخراج عبدالله المسلم، وبطولة كل من عبدالرحمن صابر، وبدر الحلاق، وإبراهيم ليراوي، وفهد الخياط، وجراح مال الله.وتدور الأحداث حول هيمنة سلطة المال على العقول ثم تتبدل البشرية من حولنا، لتسلب منا عقولنا وروحنا وقيمنا الإنسانية التي تجعلنا أقرب إلى الوحوش ينهش بعضنا أجساد البعض، من خلال المفاهيم وفق المخرج عبدالله المسلم في طرح فكرة جديدة كشف من خلالها حالة القمع، وتكميم الأفواه من خلال طرح قضيانا العربية.وصور المخرج الفكرة برؤيته من خلال المدير أو المشرف القائم على أعمال مغسلة الملابس التي يعمل بها 3 عمال قاموا بثورة مضادة، ونبذهم للظلم من خلال سيطرة الأجهزة الجديدة والحديثة التي استغنت عن هؤلاء العمال. ويبدأ الصراع في العمل بين القوة الأقوى والأضعف على حد سواء، فمن يرفض يكن مصيره الدخول في ماكينة غسل الملابس التي كانت كانت بمنزلة مغسلة لغسل العقول لا لتنظيف الملابس المتسخة، وتكرار هذه المشهد أكثر من مرة أعطى لنا عمقا وتأكيدا على القضية التي أراد أن يطرحها المخرج من خلال تلك الطبقة الكادحة، التي خرجت لنا بثلاثة نماذج بشرية: الأصم: والأعمى: والأبكم. صراع الإنسانيةكان الأداء التمثيلي مميزاً من خلال فريق العمل، فكل منهما استطاع أن يجسد شخصيته كما جاءت من أبعاد نفسية واجتماعية من خلال الصراع المحتد بين السلطة والعمال، وتحولهم إلى مجرد أداه إنتاجية لا قيمة لها سوى تنفيذ الأوامر وقبولها بالعنف والظلم، وهو مطابق تماماً لوضعنا العربي، بعدما نصل إلى أقصى درجات اليأس نجد أنفسنا قابلين للظلم لكي نستكمل دائرة الحياة، ولكن قدم الممثلون معاناتهم في إطار الكوميديا السوداء، لتخفيف حدة الظلم وخيبة الأمل التي أسقطها العمل على الجمهور.سينوغرافيا معبرةالسينوغرافيا كانت موفقة إلى أبعد الحدود من خلال الفكرة التي وضعتها مصممة الديكور حصة مال الله من حيث استخدامها الدقيق لأبعاد وعمق المسرح، تماشياً مع رؤية المؤلف والمخرج من حيث تدرج القيم من أعلى قطع الديكور، والباب الأعلى لخروج المدير والمشرف والإداري، نزولاً إلى مغسلة العمال، وحالة الضغط النفسي والسلب العقلي، لم تكن هنا أيضاً قطع الديكور موظفة بالشكل السليم. وهناك عوامل أخرى ساعدت على إظهار جماليات العمل كانت من خلال الصوت التي استحدثته مكائن الغسيل، لتأكيد قساوة الحياة، والإضاءة التي تدرجت من اللون الأحمر المليء بدموية المشاعر وتركيزها على الحدث فوق خشبة المسرح من حيث تحكم الرؤساء في مصائر الشعوب والاستخفاف بإنسانياتهم دون رحمة، وتمزق مبادئهم التي تمزقت من خلال انقطاع حبل الغسيل في نهاية العرض المسرحي، فمهما حاولنا نحن نتمزق وكل ما حاولنا لا يستطيع الصمود.