الشيخ جابر بن عبدالله بن صباح الأول "الملقب بجابر العيش" رحمه الله تعالى، من حكام الكويت المتميزين، تولى الحكم عام 1813م، واستمر حاكماً فترة طويلة حتى عام 1859م، وخلال فترة حكمه وقعت أحداث كثيرة مهمة، منها استجابته لطلب محمد علي باشا المساعدة في تسهيل مرور القوافل والسفن المصرية المتجهة إلى نجد عام 1819م، ودعمه الدولة العثمانية في حماية البصرة ضد المنتفق وبني كعب عام 1824م، وإمداده حاكم بوشهر الشيخ عبدالرسول بن نصر بعدد من السفن عام 1842م، وكذلك قبوله لجوء الكثير من الشخصيات المهمة في المنطقة ومنحهم حمايته، كضامر بن حويمد عام 1826م، وسليمان الزهير عام 1834م، وغيرهم. وفي عهده عرضت بريطانيا الحماية على الكويت، لكن الشيخ جابر اعتذر عن عدم قبول هذه الحماية؛ لارتباطه الوثيق بالدولة العثمانية، لكن ابنه الشيخ صباح وقع اتفاقية نيابة عن والده مع بريطانيا لحفظ السلام في البحر، مدتها سنة واحدة. ولا بد من الإشارة إلى أن الشيخ جابر الأول اشتهر بالسخاء والكرم، إضافة إلى الشجاعة والإرادة القوية، وعندما وقعت مجاعة في عهده، لم يشعر بها الكويتيون، الذين فتحوا بيوتهم للقادمين الجائعين من خارج البلاد. بل إن الشيخ جابر كان يأمر بإعداد الطعام يومياً للفقراء والمحتاجين، فلقبه الناس بجابر العيش. هذه نبذة سريعة عن الشيخ جابر الأول، الذي أطال الله في عمره إلى أن بلغ 107 سنوات، أحببت أن أعرضها بمناسبة رصدي لختمه الشخصي في إحدى الوثائق النادرة، والتي تعود إلى عام 1242هـ والذي يطابق عام 1827م. الوثيقة صادق عليها القاضي عبدالله بن محمد بن محمد العدساني رحمه الله "رابع القضاة العدسانيين في الكويت"، وهي وثيقة كتبت في البصرة، وتخص أسرة السميط، وتتعلق بوصية ومتروكات التاجر فوزان بن جاسر السميط. وقد شهد على الوثيقة، التي حُررت في الكويت في العام المذكور عدد من الشهود، وهم سالم بن مبارك، وعبدالسلام بن محمد العدساني، وعلي بن محمد بن بحران، ومحمد بن عبدالعزيز بن إبراهيم، وسالم بن إبراهيم عبدالرزاق، وأحمد العبدالرزاق، ومحمد بن سيد يوسف الرفاعي، والشيخ جابر بن عبدالله الصباح. وقد جاءت أختام جميع الشهود في الهامش على يمين الوثيقة ، وجاء ختم الشيخ جابر في أسفل الوثيقة على اليمين وبشكل واضح ومقروء. ولم يسبق لي أن شاهدت ختم الشيخ جابر الأول من قبل، وعندما شاهدته في هذه الوثيقة الجميلة؛ أحببت أن ألفت انتباه القراء الكرام إلى ذلك. رحم الله جابر الأول رحمة واسعة، فقد ترك لنا تاريخاً نفتخر وتراثاً نعتز بهما.
Ad