العبادي في مواجهة الصدر والأحزاب... «رابح وخاسر»

نشر في 02-04-2016 | 00:09
آخر تحديث 02-04-2016 | 00:09
No Image Caption
تقليص حصة الكتل الحزبية يثير مخاوف ظهور جديد للمالكي وحزب «الدعوة»
جلسة البرلمان العراقي التي انعقدت أمس الأول، ستظل مفصلاً تجري استعادته من قبل المراقبين لفترة طويلة، ليس فقط لأنها نادرة واستثنائية وافقت خلالها الأحزاب وممثلوها على حكومة من خارج الأحزاب تقريباً، ولأول مرة منذ سقوط صدام حسين، بل لأن الأحزاب نفسها مترددة في فهم وتحليل ما يجري، وتحديد من هو المستفيد من حكومة غير حزبية.

فبينما يطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي، منذ فبراير الماضي، بمنحه حق تشكيل حكومة خبراء من خارج الأحزاب لإنقاذ البلاد من أزمة مالية خانقة، كانت الأحزاب تعترض على هذا التعديل الوزاري وتقول إنه سيؤدي إلى استيلاء حزب الدعوة، الذي ينتمي إليه العبادي، على كل الملفات الكبيرة ويتفرد بالسلطة، ما دفع زعيم التيار الصدري إلى تنظيم اعتصام أمام مقر الحكومة، ليجلس بنفسه في خيمة هناك، ضاغطاً بذلك على البرلمان والعبادي في الوقت نفسه، ومطالبا بالإصلاحات.

وتقول مصادر إن الاتفاق الذي جرى في البرلمان الخميس، جاء بعد اتصالات زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم بالعبادي والصدر، وتضمن الاتفاق المجيء بحكومة جديدة خلال عشرة أيام، يرأسها العبادي، وتقليص الوزارات إلى 16، من أصل ٢٢، والتمسك بوزيري الداخلية والدفاع فقط، نظراً لحساسية ظروف الحرب مع «داعش»، وربما لرغبة أميركية، مقابل 14 وزيراً بصفة التكنوقراط من خارج الأحزاب.

وفي هذا تحقيق لرغبة العبادي وتنازل كبير من الكتل الحزبية، رغم وجود مخاوف بهيمنة حزب الدعوة وظهور دور جديد لرئيس الحكومة السابق نوري المالكي، بعد أن يضعف نفوذ الأحزاب المنافسة.

لكن هناك نقطة أخرى في الاتفاق ستكون ضد حزب الدعوة، هي تغيير رؤساء الهيئات المستقلة خلال شهر، وهي مؤسسات تنفيذية عليا تدير أكبر ملفات الرقابة والمال والمعلوماتية وتنظيم الانتخابات. ويشمل هذا التغيير عشرات المناصب التنفيذية التي استولى عليها حزب الدعوة عملياً، خلال الأعوام العشرة الماضية.

 ويقول مناصرو الإصلاح إن التغيير في هذا المستوى والمجيء بخبراء تنفيذيين هو أقسى ضربة للمحاصصة الحزبية التي تشارك فيها كل الأحزاب، مع حصة الأسد التي استأثر بها حزب الدعوة الذي يمكن أن يخسر الآن ما لا يقل عن 200 منصب تنفيذي إذا طبق الاتفاق.

لكن هناك سؤالين يشغلان الصالونات السياسية، الأول: كيف سينجح التكنوقراط في إدارة بلد مفلس؟ وهل سنضمن تعاوناً سياسياً معهم يمنحهم فرصة تخفيف الكارثة الحالية؟

أما السؤال الثاني فهو: كيف نضمن تطبيق هذا الاتفاق، في بلد معروف بنقض الاتفاقات؟

وفي ضوء السؤال الثاني حرص الصدر أثناء إعلانه انتهاء الاعتصام أمام مقر الحكومة، على أن يشكر العبادي، لكنه حذّره في الوقت نفسه من أنه سيعود لإسقاط الحكومة وإسقاطه لو لم تنفذ الاتفاقات.

لكن الأحزاب الأخرى تشعر بقلق جدي، وهي تفهم حقيقتين ظهرتا خلال أسبوع: الأولى أن الأحزاب كلها خضعت لـ«انتفاضة الصدريين السلمية»، وصوتت أكثر من مرة تحت تهديد الاعتصامات، أي أن الصدر سيتحكم بالبرلمان حتى إشعار آخر.

والحقيقة الثانية أن العبادي تخلص من خصومه ومنافسيه في الحكومة، رغم أنه سيبقى تحت تهديد الصدر وسخط شعبي من المرجح أن يتعاظم إذا عجزت الحكومة عن دفع رواتب ملايين الموظفين خلال الشهور المقبلة، كما هو متوقع، حتى مع قروض البنك الدولي التي تدرس حالياً.

أما أبرز التعقيدات التي تواجه جهود التحليل لهذا المشهد، فهو اختلاط مسارين داخل عملية واحدة: الأول هو محاولة جميع الأحزاب تهدئة الشعب ومنع انفجار الغضب الجماهيري أو «ثورة الجياع المحتملة». والمسار الثاني دخول الصراع الحزبي مرحلة جديدة لتغيير الأوزان، تراجع خلالها نفوذ الأكراد والسنة في بغداد إلى حد كبير، ويمكن أن تنتهي في أي لحظة بخسارة حزب الدعوة لرئاسة الحكومة، رغم التقدم الذي يعتقد العبادي أنه أحرزه مقابل منافسيه. والفرز بين المسارين أثناء متابعة التطورات سيتيح فهماً أفضل لها.

back to top