في حين انشغلت وسائل الإعلام بأنباء عن خفض كبير في المخصصات المالية لمجموعات الحشد الشعبي، وربما تقليص أعدادها بنسبة 30 في المئة، يرى الخبراء أن ذلك يأتي تخلّصاً من أعداد وهمية، إذ يشتكي رئيس الحكومة دوماً وجود آلاف العناصر على الورق فقط وعدم مشاركتها في القتال ضمن فصائل المتطوعين.

Ad

وهذه الخطوة ربما تبدو محاولة لتصحيح الأمور تحت ضغط انهيار أسعار النفط، لكنها، على أي حال، إحدى الخطوات النادرة التي تتخذها بغداد ضد إرادة زعماء الميليشيات النافذين والمقربين من قائد «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني.

غير أن الخبر الأبرز قد يتعلق بالنائب السابق في البرلمان جمال جعفر محمد علي، المعروف بـ»أبو مهدي المهندس» وهو نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي»، والذراع اليمنى لسليماني داخل العراق وخارجه، إذ جرى تداول كتاب رسمي يفيد بعزله، ما سيعتبر اللحظة الأكثر إثارة في تاريخ العلاقة بين الحكومة العراقية و»الحرس».

ويقول كتاب رسمي يجري تداوله، إن العبادي أمر بتعيين الفريق الركن محسن الكعبي نائباً لرئيس هيئة الحشد لشؤون الميرة والإدارة، غير أنه يمنحه في التفاصيل، صلاحيات أبومهدي المهندس، بما يعني عزل الأخير أو تهميش دوره داخل «الحشد»، إذ أصبح من صلاحيات الفريق الكعبي التخطيط للعمليات واستبدال قادة الأفواج وأساليب التعبئة والإنفاق المالي والدعم اللوجستي والتفتيش.

جاء ذلك بعد أيام فقط من إعلان النجف أنها ستلتزم الصمت في شؤون السياسة، إلا عند الضرورة، مما فسر بأنه احتجاج على أن مراكز القوى لا تنفذ أي إصلاحات رغم كل الانهيار في البلاد، ويبدو أننا سنكون أمام خطوات منسّقة بين ما يعرف بجناح الإصلاح المعتدل في البيت الشيعي، حيث جاءت خطوة الحكومة بعد أيام فقط من إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حزمة إصلاحات مقترحة، أبرزها «تحويل الحشد الشعبي بعناصره المنضبطة فقط إلى سلك الدفاع والداخلية».

وطالب الصدر في نقطة ثانية بـ»حصر السلاح بيد الدولة وتسليم السلاح لها بعد انتهاء الحرب، ومنع أي وجود مسلح في المناطق الآمنة لغير الجهات المتخصصة». وكان الجميع أثناء قراءة المطالبات التي وجهها مقتدى الصدر مباشرة ضد نفوذ الميليشيات يتساءلون: إلى أي حد تبدو الطبقة السياسية الشيعية مستعدة لدعم هذه التصورات بشأن الفصائل المسلحة التي تقاتل «داعش» وتنشب بينها وبين الدولة مشاكل عديدة بين الحين والآخر، ويسود شعور واسع بخطورة دورها؟ وهل يستطيع الصدر ومرجعية النجف دعم العبادي لتنظيم السلاح، أم فات الأوان على ذلك، وأننا قد نكون أمام حرب مفتوحة شيعية - شيعية؟