حقق بيرني ساندرز فوزاً على منافسته هيلاري كلينتون في ولايات غربية أمس الأول، في وقت فجّر المرشح الجمهوري الأوفر حظاً للوصول إلى السباق الرئاسي، دونالد ترامب، جدلاً جديداً بالكشف عن مبدأ "أميركا أولاً" في السياسة الخارجية، والذي يقوم خصوصاً على إجبار دول حليفة لواشنطن على دفع كلفة هذا التحالف، الذي وصفه ترامب بأنه مجرد حماية. 

Ad

فوز سيناتور ولا فيرمونت، المرشح الاشتراكي الديمقراطي المحتمل للرئاسة الأميركية، بيرني ساندرز على منافسته هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة في الانتخابات التمهيدية التي جرت في ولايات واشنطن، والاسكا، وهاواي على الشاطئ الغربي للولايات المتحدة، لم يكن مفاجئاً في حسابات الربح والخسارة بينهما.

كان واضحاً منذ البداية أن حملة كلينتون لم تكن تعول كثيراً على تلك الولايات، إذ لم تنفق على الحملات الإعلامية في واشنطن مثلاً أكثر من 54 ألف دولار، مقابل 1.3 مليون دولار انفقها ساندرز، الأمر الذي مكنه من الفوز بأكثر من 70 مندوباً من أصل 101 فيها، وعلى 12 مندوبا من 16 في ولاية الاسكا.

واشنطن والاسكا لا تسكنهما أقليات كبرى من السود واللاتين، حيث تتمتع كلينتون بشعبية كبيرة في صفوفها، فيما أغلبية البيض في ولايات الغرب اظهرت ميلا شديدا لساندرز على حساب كلينتون.

ورغم ذلك، فقد عززت كلينتون من عدد مندوبيها الى الانتخابات الحزبية العامة في يوليو المقبل، وحصلت على 1234 مندوبا مقابل 956 لساندرز، من دون احتساب مندوبي هاوي.

لكن مع استعداد ولايات جديدة لإجراء انتخاباتها، أغلبية سكانها من البيض، باتت حملة كلينتون تستشعر على الأقل خطر إمكانية عدم حسم السباق مبكراً، في ظل اظهار ساندرز قدرات لا يستهان بها في حشد الرأي العام الديمقراطي وراء طروحاته.

وقد تراجع الاهتمام بالانتخابات الحزبية التمهيدية، فيما العالم والرأي العام الأميركي على وجه الخصوص منشغل بالهجمات الإرهابية التي ضربت بروكسل الاسبوع الماضي، والأجواء المتوترة التي فرضها مرشحا الحزب الجمهوري الرئيسيان دونالد ترامب وتيد كروز، لدعوتهما المناهضة للمسلمين، الأمر الذي دفع الرئيس باراك أوباما إلى انتقاد "حملات التحريض" التي يمارسها الجمهوريون ضد المسلمين، على خلفية تحميلهم مسؤولية الاستنفار الأمني الذي تعيشه أوروبا والولايات المتحدة راهناً.

وكان لافتا عدم قيام دونالد ترامب المرشح الجمهوري الأوفر حظا لنيل ترشيح الحزب، بأي نشاط انتخابي أو ظهور سياسي لمدة اسبوع على الأقل، لجأ فيها الى فترة من الراحة في منتجعه في فلوريدا، باستثناء مشاركته في مؤتمر لجنة العلاقات الأميركية اليهودية "ايباك"، وتغريداته على "تويتر" التي اشعل فيها سجالا شخصيا حول زوجته وزوجة منافسه تيد كروز.

إلا أن ترامب عاد إلى الساحة من خلال مقابلة هاتفية أجرتها معه صحيفة "نيويورك تايمز" تعد أعمق مناقشة حول السياسة الخارجية حتى الآن للمرشح الجمهوري، الذي عمل طوال حياته في قطاع الأعمال والعقارات.

وقال ترامب إنه سيعتمد مبدأ "أميركا أولا" في سياسته الخارجية ليمنع "استغلال" الولايات المتحدة بشكل منهجي.

وخلال المقابلة المطولة، تحدث ترامب بالتفصيل عن آرائه في قضايا عدة، من الأمن في شرق آسيا إلى سورية وتنظيم "داعش" والعلاقات مع دول حليفة مثل السعودية.

أمة فقيرة

وقال ترامب إنه لا يؤمن بالانعزالية، لكنه وصف الولايات المتحدة بأنها أمة فقيرة مديونة تمول بصورة غير متكافئة تحالفات دولية مثل حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة. وقال إن غياب التوازن قائم أيضاً في العلاقات مع دول حليفة مثل اليابان وكوريا الجنوبية والسعودية.

«ثمن الحماية»

ولفت ترامب إلى أنه ينبغي للولايات المتحدة أن تحصل على تعويض عما تنفقه من الدول التي توفر لها الحماية، حتى الدول التي تملك موارد ضخمة مثل السعودية، مضيفاً: "مع ذلك ما كان للسعودية أن تبقى فترة طويلة بدوننا". وأوضح: "لا نسترد مقابل ما ننفقه من خدمات ضخمة نقوم بها لحماية العديد من الدول. الآن السعودية واحدة من هذه الدول".

وقال قطب العقارات لصحيفة "نيويورك تايمز": "تم التقليل من احترامنا والسخرية منا واستغلالنا سنوات عدة من قبل أناس كانوا أكثر ذكاء ومكرا وصلابة".

وأضاف "لذلك الولايات المتحدة تأتي أولا. نعم، لن نتعرض للاستغلال بعد الآن. سنكون ودودين مع الجميع ولكن لن نكون لقمة سائغة".

وكان ترامب انتقد الخميس الماضي الحلف الأطلسي، معتبراً أنه "قديم وبات يجب تغييره للتركيز بشكل أكبر على الإرهاب". وقال "ندفع حصة غير متكافئة من نفقات الحلف، لماذا؟. حان وقت إعادة التفاوض".

اليابان وكوريا

ورداً على سؤال عما إذا كان ينبغي السماح لليابان بامتلاك أسلحة نووية لحماية نفسها من كوريا الشمالية، أكد ترامب أن الوضع سيكون مقبولا. وقال "هل من الأفضل أن تمتلك كوريا الشمالية (تلك الأسلحة) واليابان تجلس هناك مع الأسلحة نفسها؟ قد يكون هذا هو الأفضل في تلك الحالة".

وأكد ترامب أنه سيسحب القوات الأميركية من اليابان وكوريا الجنوبية ما لم يقدم البلدان زيادة كبيرة لمساهماتهما لواشنطن، من أجل الوجود العسكري- العسكري الأميركي على أراضيهما. وقال: "لا يمكننا أن نتحمل خسارة مبالغ كبيرة من مليارات الدولارات على كل هذا".

وانتقد ترامب في المقابلة نفسها إدارة أوباما، لبحثها عن مخرج سياسي لرحيل الرئيس السوري بشار الأسد، في الوقت الذي تقاتل فيه تنظيم "داعش"، واصفاً ذلك بأنه "جنون وحماقة".

وصرح في هذا الإطار: "لا أقول إن الأسد رجل جيد، لأنه ليس كذلك. لكن مشكلتنا الكبيرة ليست الأسد، بل تنظيم الدولة الإسلامية".

وأكد قطب العقارات الثري أنه سيقوم بدلاً من ذلك باستهداف النفط الذي يوفر جزءاً كبيراً من تمويل التنظيم المتطرف، وتضييق الخناق على القنوات المصرفية السرية لقطع تدفق الأموال.

نفط السعودية

وألمح ترامب الذي دعا مرارا الحلفاء في الشرق الأوسط إلى نشر قوات برية في المعركة ضد تنظيم "داعش"، إلى "إمكانية" التوقف عن شراء النفط من دول مثل السعودية، في حال لم تقم بذلك أو أن تدفع للولايات المتحدة مستحقاتها مقابل دورها في الحرب.

وكان ترامب تعهد الاثنين أمام لجنة العلاقات الأميركية- الاسرائيلية (ايباك) بإلغاء الاتفاق "الكارثي"، الذي ابرم في يوليو 2015 بين ايران والقوى الكبرى، في حال انتخابه رئيسا للولايات المتحدة.

إحراق ترامب في المكسيك

أحرقت دمى تمثل دونالد ترامب، الذي يكرهه المكسيكيون، مساء أمس الأول في شوارع مكسيكو، خلال طقوس محلية يمارسها السكان في "أسبوع الآلام" الذي يسبق عيد الفصح المسيحي.

وفي حي شعبي وسط مكسيكو تجمع نحو مئتي شخص لاحراق "يهوذا ترامب" في اشارة الى يهوذا الاسخريوطي، وهو أحد تلامذة السيد المسيح الذي خانه وسلمه مقابل حفنة من المال.

وأحرقت دمية يبلغ ارتفاعها مترين لترامب في العاصمة، كما أحرقت دمى على شاكلة ترامب في مدن مكسيكية اخرى مثل مونتيري (شمال) وبويبلا (وسط).

ويحرق المكسيكيون دمى من الورق تمثل الشيطان أو يهوذا أو ترمز الى انتصار الخير على الشر، وهي ممارسات محلية لا علاقة لها بالطقوس المسيحية.

واتهم ترامب المهاجرين منهم في الولايات المتحدة بأنهم مجرمون ويرتكبون جرائم اغتصاب. وكشف استطلاع للرأي أخيراً أن 61 في المئة من المكسيكيين عبروا عن آراء سلبية حيال ترامب الذي وعد بأن يجبر المكسيك، اذا اصبح رئيسا، على دفع نفقات بناء جدار على طول الحدود مع الولايات المتحدة، لمنع التسلل عبر الحدود.

(مكسيكو ـــ أ ف ب)