جلسة مجلس الأمة الثلاثاء الماضي كانت مفصلية في وضع حد للتمادي والتجرؤ المذموم من النائب عبدالحميد دشتي في مواقفه وتهجماته المتواصلة على المملكة العربية السعودية وقبلها مملكة البحرين، كلما عنّ له ذلك من منطلقات لا تراعي صفته الدستورية كنائب يمثل كل الشعب لا بعضه، ولا تراعي مخاطر الارتدادات التي قد ترتبها إساءاته المتكررة للدول الشقيقة في الخليج، سواء على النطاق الخارجي عبر الإضرار باللحمة الخليجية وبالأخص مع المملكة العربية السعودية، أو على النطاق المحلي عبر ما قد تخلقه تصريحاته العدائية والعبثية من تصدّع في الجبهة الداخلية بين من قد يناصره من بعض الكويتيين ومن هم ضده من الغالبية العظمى من الشعب الكويتي.

Ad

هذه الملهاة التي يجرنا إليها النائب دشتي بين الحين والآخر داخلياً وخارجياً، ويلهب بها مشاعر النقمة علينا من أشقائنا الخليجيين خاصة في المملكة العربية السعودية، تصدّى لها بشكل حاسم وجامع مانع، رئيس المجلس مرزوق الغانم، والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد، في الجلسة البرلمانية الماضية، فرئيس المجلس دانَ أية إساءة للمملكة وشعبها وصِلاتِها التاريخية في الكويت مذكّراً بفضلها علينا في أحلك ما مررنا به من مآسي الغزو العراقي، وبأن أرض الحرمين كانت حاضنة الشعب الكويتي وشرعيته طوال أيام الاحتلال، وعاهلها قاد جهود العالم لانطلاق عاصفة الصحراء لتحرير الكويت من أرض وسماء وبحار المملكة، وكانت راية التوحيد متصدرة رايات التحالف الدولي الذي طرد الغزاة من أرضنا، كما نقل رئيس المجلس استياء المقام السامي من التصريحات الدشتية وسواها ضد المملكة محمّلاً إياه رسالة محددة للجميع "بأن أي إساءة للسعودية أو دول الخليج هي إساءة لسمو الأمير نفسه، وإن أي جرح يصيب الدول الشقيقة في الخليج هو جرح للكويت ولصاحب السمو".

 إن ذلك يعني أن كلام الأمير "أميرُ الكلام" وخاتمته، وأن الجرم الذي يجب مساءلة النائب عنه لم يعد متصلاً بشكوى واحتجاج من سفير المملكة العربية السعودية الشقيقة، بل هو متصل بالمساس بصاحب السمو ومشاعره النبيلة تجاه الإخوة الأشقاء، خاصة أن رئيس المجلس كشف لنا عِلم النائب المسبق بذلك الموقف السامي.

ويأتي حديث الحسم من الشيخ صباح الخالد باسم الحكومة الكويتية، ليعلن للنائب دشتي وسواه أن "أي إساءة للمملكة العربية السعودية هي إساءة للكويت وهو أمر لن ترضى به  الحكومة، وأن كل من حاول من أفراد أو جماعات أو دول الإساءة للعلاقة بين الكويت والسعودية (خاب رجاؤه). كما أن كل ما تتخذه الحكومة من إجراءات ينطلق من الدفاع عن الكويت أولاً قبل أن يكون دفاعاً عن الأشقاء في السعودية أو أي دولة من دول مجلس التعاون الخليجي".

 الآن الموقف الكويتي واضح قيادة وحكومة وشعباً من مسألة الإساءة للشقيقة الكبرى السعودية وباقي أشقائنا في الخليج، ولكن هل اكتفينا بتخصيص ساعتين لنقاش ما قاله النائب في الجلسة وقول ما سمعناه وشاهدناه وقرأناه؟ أم أن الحكومة ستقدم للمجلس طلب رفع الحصانة عن النائب دشتي لمساءلته قضائياً بناء على الشكوى الأخيرة للسفارة السعودية في الكويت؟ مثلما رفعت عنه الحصانة لنظر قضيتين سابقتين بالإساءة للمملكة العربية السعودية ولمملكة البحرين، خاصة أنه يتذرّع بأن الهجوم السابق قد وقع خارج الكويت وليس من حق الكويت مصادرة آرائه، وتوعّد بأنه في جنيف ينوي طرح المزيد من الأقوال الموجعة ولن يثنيه عن ذلك أمر حتى "إن تم تقطيعه إرباً إرباً"!.

سؤال ننتظر الإجابة عنه، ونرجو ألّا يطول الانتظار.

* ملحوظة:

 صدمتنا الأخبار بالتعديلات على النظام الأساسي لجمعية الإصلاح الاجتماعي والمنشورة في آخر عدد للكويت اليوم! وإطلاق يدها لإنشاء جامعات ومعاهد والتدخل بالمناهج التعليمية، والسياسات الإعلامية! كما أنني فوجئت بالتوضيح الذي نشرته وزيرة الشؤون هند الصبيح في صحف الأربعاء، والذي زاد الموضوع قتامة وإبهاماً، لأنه يقرر أن ما توافر لجمعية الإصلاح لم يكن حكراً عليها بل هناك جمعيات أهلية أخرى لها نفس الاختصاصات!

هنا لا طبنا يا معالي الوزيرة ولا غدى الشر! فليس ينقصنا إلا ذلك الإهدار لمفاهيم الدولة المدنية والدستورية ودولة المؤسسات، ليتم السماح لهيئات وجمعيات نفع عام ذات صبغات دينية ومذهبية وأجندات سياسية بأن تخوض في قضايا التعليم والإعلام وتوجيه الرأي العام وتصبح دويلات داخل الدولة، في حين أن الذي فينا أكثر مما يكفينا، ومصائبنا بالتعليم حصراً ما تشيلها البعارين! هذه قضية لابد أن تُقرع لها أجراس الخطر، وعلى الحكومة دحضها وتعديل مسارها واستعادة صلاحياتها الدستورية باعتبارها السلطة المناط بها ما استدرجته الجمعيات الدينية من مسؤوليات لإحكام الوصاية على المجتمع المدني ومستقبل تشكيل عقول النشء! وللموضوع بقية.