خيارات المعارضة السورية بعد يوم الجمعة!

نشر في 27-01-2016
آخر تحديث 27-01-2016 | 00:01
 صالح القلاب ما لم يأخذه الذين يضغطون على المعارضة السورية لقبول الاتفاق الروسي – الأميركي بالنسبة لاجتماع "جنيف 3" هو أنهم لا يخدمون بهذا الضغط إلا "داعش" وباقي التنظيمات الإرهابية، فتكريس هذا النظام الاستبدادي مرة أخرى على غرار تكريسه بعد مذابح حماة عام 1982 سيحول غالبية السوريين (العرب السنة) تحديداً إلى بيئة حاضنة لهذا التنظيم، وغيره من التنظيمات الإرهابية كـ"النصرة" و"القاعدة"!

كان يجب أن يدرك الأميركيون قبل أن ينساقوا وراء فلاديمير بوتين وسيرغي لافروف ويطعنوا المعارضة السورية (المعتدلة أكثر من اللزوم) في ظهرها، ويحاولوا إلزامها مرغمة بتغيير تركيبة وفدها إلى "جنيف 3"، أن ما يفعلونه سيكرر تجربة العراق، حيث الضغط على العرب السنة حولهم "غصباً عنهم" إلى بيئة حاضنة لتنظيم "داعش"، وحيث دفعت مذابح المقدادية وديالى الأخيرة هؤلاء، أي العرب السنة، إلى التمسك بهذا التنظيم الإرهابي أكثر وأكثر... ويبدو أن هذا هو ما يريده "الطائفيون" وما تريده إيران المذهبية.

إذا ذهبت المعارضة السورية مرغمة إلى "جنيف 3" بالصيغة التي يصر عليها لافروف وجون كيري، وأغلب الظن أنها قد تذهب، لكنها سترفض ما سيطرحه دي ميستورا، فإن الفصائل العسكرية قد تنسحب منها على الفور، وفقاً لما لوحت به مراراً وتكراراً، ما يعني أنها تحت ضغط المستجدات المتوقعة قد تضطر إلى التقارب مع "داعش" ومع "النصرة"، وعلى أساس المثل القائل: "عدو عدوي صديقي"... وهذه تجارب التاريخ أمامنا، ويجب أن تكون دروساً مفيدة لمن يريدون الاستفادة من دروس الماضي.

ما الذي يريده الروس، وحيث لحق بهم الأميركيون في عهد هذه الإدارة، التي وللأسف لا نستطيع إلا أن نصفها بأنها بائسة، بهذه الصيغة التي يحاولون إجبار المعارضة السورية على ابتلاعها وبالتهديد والوعيد وبالقوة؟!

إنهم يريدون إفشال هذه الثورة السورية الباسلة بعد كل هذه التضحيات، وإعادة تكريس هذا النظام مجدداً، ومرة أخرى وعلى غرار تكريسه بعد مذابح حماة الشهيرة عام 1982، وإنهم من أجل هذا يريدون تجاوز قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 2254، ويريدون نسف "جنيف 3"، كما نسفوا "جنيف 1" في "جنيف 2"، وكل هذا للوصول إلى لعبة وكذبة تشكيل: "حكومة وحدة وطنية" سيكون فيها المعارضون فعلاً مجرد شهود زور وبلا حول ولا قوة.

وهنا ستكون الطامة الكبرى، إذ إن الشعب السوري بغالبيته (العرب السنة تحديداً) سيتجه نحو "داعش" و"النصرة"، كما اتجه العرب السنة في العراق، بعدما تعرضوا لما تعرضوا له على أيدي الطائفيين والمذهبيين والانتقاميين، وفقاً لمعادلة بول بريمر التي فرضها عليهم بالقوة، إلى هذه التنظيمات الإرهابية، وشكلوا حاضنة لها، وهي حاضنة تم تجديدها بعد مذابح المقدادية وديالى الأخيرة.

لقد أعلنت كل الفصائل المسلحة الفاعلة انضواءها في إطار المعارضة المعتدلة، وحضرت مؤتمر الرياض الأخير، والتزمت بكل توجهاته وقراراته، لكن ما يجب أن يدركه الروس والأميركيون هو أن هذه الفصائل ستتخلى عن كل ما التزمت به إن أجبرت هذه المعارضة على الذهاب إلى "جنيف 3" وفقاً للصيغة الروسية – الأميركية، وهي، أي هذه الفصائل، قد لا تجد خياراً لها إلا أن تتحالف مع "داعش" و"النصرة"، وعندها فإن كثيرين سيعضون على أصابعهم ندماً، ومن بينهم بالطبع باراك أوباما، ومن سيخلفه في البيت الأبيض، وربما أيضاً فلاديمير بوتين.

back to top