البرلمان الليبي يصوّت اليوم على «حكومة الوفاق الوطني»
يعقد البرلمان الليبي المعترف به دولياً الأثنين جلسة للتصويت على منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني التي أعلن تشكيلها الأسبوع الماضي بموجب اتفاق سلام يهدف إلى انهاء النزاع الدامي على السلطة في هذا البلد.
ورغم تأكديات أعضاء في البرلمان على الأجواء الايجابية التي تحيط بالجلسة، إلا أن منح الثقة للحكومة يصطدم بتحديين رئيسيين، أولهما تأمين النصاب القانوني للجلسة، والثاني إقرار اتفاق الأمم المتحدة الذي لا يلقى اجماعاً قبل التصويت على منح الثقة للحكومة.وبموجب هذا الاتفاق، أعلن في 19 يناير من المغرب تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة فايز السراج تضمنت 32 حقيبة وزارية ووزع الوزراء على المناطق الليبة المختلفة.وقال عضو مجلس النواب فهمي التواتي لوكالة فرانس برس أن أعضاء البرلمان وعددهم 176 يتوافدون منذ أيام على مدينة طبرق في شرق ليبيا حيث يعقد البرلمان جلساته منذ أكثر من عام ونصف، للمشاركة في جلسة التصويت اليوم.وأضاف أن جدول أعمال الجلسة يتضمن أولاً التصويت على اتفاق الأمم المتحدة من أجل اقراره في المجلس النيابي، ومن ثم التصويت على التشكيلة الحكومية المقترحة من مجلس رئاسي شكل بموجب اتفاق الأمم المتحدة الذي وقعه برلمانيون وممثلون عن المجتمع المدني في المغرب منتصف ديسمبر.ووقع الاتفاق أعضاء في برلمان طبرق وفي البرلمان الموازي غير المعترف به دولياً في طرابلس، وينص الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية توحد السلطتين المتنازعتين على الحكم منذ منتصف 2014.لكن رئيسي البرلمانين معارضان للاتفاق، بينما يطالب قائد القوات الموالية للبرلمان المعترف به في الشرق الفريق أول ركن خليفة حفتر، الشخصية العسكرية النافذة، بإدخال تعديلات عليه.وقال مسؤول في الإدارة الداخلية للبرلمان لفرانس برس أن النصاب القانوني الملزم لانعقاد جلسة اليوم يتطلب حضور نصف العدد الإجمالي للنواب زائد واحد، أي 89 نائباً.وأضاف أن إقرار اتفاق الأمم المتحدة، ومنح الثقة للحكومة، يتطلبان أصوات ثلثي أعضاء البرلمان زائد واحد، أي أصوات 119 نائباً. وقال التواتي أن نحو 60 نائباً في طبرق يعارضون اتفاق الأمم المتحدة على اعتبار إنه ينص في أحد مواده على شغور المناصب الأمنية والعسكرية بمجرد تشكيل الحكومة، أي خسارة حفتر لموقعه، وإمكانية عدم تعيينه مجدداً في منصبه.سلطة ثالثةومنذ التوقيع على اتفاق الأمم المتحدة، أضيفت بحكم الأمر الواقع سلطة ثالثة إلى السلطتين اللتين تتصارعان على الحكم منذ أكثر من عام ونصف في نزاع قتل فيه نحو ثلاثة آلاف شخص، وتتمثل هذه السلطة بالمجلس الرئاسي الذي يمارس أعماله من تونس.وتوزع على وسائل الإعلام في ليبيا بيانات تحمل تواقيع وأختاماً مختلفة صادرة عن السلطات الثلاث، وهي «الحكومة الليبية المؤقتة» في الشرق، و«حكومة الانقاذ الوطني» في طرابلس، و«حكومة الوفاق الوطني» التي شكلها المجلس الرئاسي والتي يُفترض أن يتم التصويت على منحها الثقة اليوم.وينص اتفاق الأمم المتحدة على أن تمارس حكومة الوفاق الوطني عملها من طرابلس، إلا أن هذا الأمر يبدو بعيداً عن التحقق على الأرض، إذ أن الحكومة التي تدير العاصمة إلى جانب البرلمان غير المعترف به، ويساندها تحالف جماعات مسلحة بعضها إسلامية تحت مسمى «فجر ليبيا»، ترفض تسليم السلطة للحكومة الجديدة.ومن المتوقع أن يدفع هذا الأمر حكومة الوفاق الوطني، في حال نالت ثقة البرلمان، إلى العمل من شرق البلاد لتحل مكان «الحكومة الليبية المؤقتة» في مدينة البيضاء، وترث منها بذلك تأييد المجتمع الدولي ودعمه، أو أن تعمل من خارج ليبيا.وتأتي محاولة توحيد السلطات في هذا البلد الغني بالنفط والغارق بالفوضى السياسية والأمنية، في وقت يتصاعد التهديد الجهادي المتمثل بتنظيم داعش الذي يسيطر على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) ويحاول التمدد نحو المناطق القريبة منها والغنية بآبار النفط وموانئ تصديره.وتدفع الدول الكبرى وعلى رأسها الدول الأوروبية التي لا تبعد سوى بضع مئات من الكيلومترات عن الساحل الليبي، نحو تسريع منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني ودعمها في التصدي للخطر الجهادي.وفي محاولة للحصول على دعم خارجي لحكومته، يزور فايز السراج الأثنين الجزائر بعد زيارة مماثلة إلى تركيا الأسبوع الماضي.