لماذا تنجح صناعة الأسمدة في العالم و«البترول» تتخلص منها؟

نشر في 23-02-2016 | 00:03
آخر تحديث 23-02-2016 | 00:03
No Image Caption
التعثر في استخراج «الغاز» منذ 10 سنوات هو الشماعة
 من بين التحديات التي تواجه مصنع الاسمدة ارتفاع تكاليف التشغيل في المصانع، خاصة ما يتعلق بسعر الأيدي العاملة، فهل ستتخلص المؤسسة من المصنع بسبب ارتفاع اجور العاملين؟ واين سيتم توظيف العمالة الوطنية المتخصصة في الاسمدة؟

يبدو أن بعض المسؤولين في الدولة أصابهم هوس تقليص النفقات، حيث أصبحت خطواتهم متخبطة وغير مدروسة بحجة أن الأجواء العامة في البلاد تفرض عليهم التصريح بذلك للظهور بشكل مرض أمام الرأي العام وكبار مسؤولي الدولة.

والمثال على ذلك تصريح الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية نزار العدساني حيث قال: «إن المؤسسة تسعى إلى التخلص من الأصول الخاسرة، حيث بدأنا إجراءات بيع مصفاة يوروبورت، وأخذنا قرارا بإغلاق مصنع الأسمدة التابع لشركة صناعة الكيماويات البترولية التي بدورها لديها خطة عمل لإغلاق المصنع والاستغلال الأمثل للقوى العاملة في مصانع أخرى سواء في البتروكيماويات أو الشركات المساندة».

لن نخوض في موضوع التخلص من مصفاة يوروبورت وبيعها، حيث إن الرئيس التنفيذي «متحسس» مما كتبته «الجريدة» اكتوبر 2015 بصيغة السؤال: هل ستباع المصفاة لشركة لديها تعاملات مشبوهة؟ والى اليوم لم تأت الاجابة ولم تعرف تفاصيل الخسائر!

لكن ما يعنينا اليوم هو التخلص من مصنع الاسمدة الذي لم نتعرف ايضا على الاسباب الرئيسية للخسائر ولو من باب الشفافية، وبعض المسؤولين يشيرون إلى ان السبب هو نقص اللقيم لهذه الصناعة وهو الغاز، فإذا كان هذا هو السبب فمن باب الاولى ان تسأل مؤسسة البترول نفسها اين الغاز؟ ولماذا لم تستطع استخراجه؟

فقد تم اكتشاف الغاز الحر في الكويت قبل 10 سنوات، وقدرت حينها الكميات المكتشفة بنحو 35 تريليون قدم مكعبة بشمال الكويت في حقلي  الصابرية وأم نقا، وتم اكتشاف تقريبا ما بين 10 و13 مليار برميل من النفط الخفيف، وما يعادل نحو 50.000 برميل في اليوم من المكثفات، فأين وصل إنتاجنا الفعلي من هذا الغاز منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، والكويت كانت تأمل أن تصبح من الدول المنتجة للغاز فعليا، واليوم بات استخراج الغاز لغزا، ومن الاستحالة الوصول إلى معدلات الإنتاج في الخطة، 1.5 مليار قدم مكعبة في هذا العام. فمن باب الامانة والشفافية الحديث عن عدم القدرة على انتاج الغاز وليس ندرته.

كما اشار أحد المسؤولين إلى ان من بين التحديات التي تواجه مصنع الاسمدة ارتفاع تكاليف التشغيل في المصانع، خاصة ما يتعلق بسعر الأيدي العاملة، فهل ستتخلص المؤسسة من المصنع بسبب ارتفاع اجور العاملين؟ واين سيتم توظيف العمالة الوطنية المتخصصة في الاسمدة؟ وفي حال تحويلهم لمصانع وشركات اخرى لن تضاف تكلفتهم عليها؟ وهل سنشهد صداما بين النقابة والمؤسسة بسبب تسريح العمالة؟

هل تعلم؟

هناك العديد من الحقائق التي لم تلتفت اليها مؤسسة البترول تجاه صناعة الاسمدة، فهل تعلم ان المصنع يوفر الأمونيا السائلة (النشادر)، التي تستخدم في صناعة اليوريا وبعض الأسمدة الكيماوية الأخرى، ويصدر سنويا 55.000 طن متري، اضافة الى اليوريا الحبيبية، وهي سماد كيماوي للمحاصيل الزراعية، وبعض الصناعات الأخرى، ويصدر مليون طن متري سنويا للسوق العالمي.

وهل تعلم ان مصانع الأسمدة تلعب دورا هاما، يتمثل في العمل على توفير وتأمين الأسمدة النيتروجينية للسوقين العالمي والمحلي، حيث إنها تساهم بجزء من الطلب العالمي على اليوريا، وهذا الطلب المتزايد يرجع للزيادة العالمية لعدد السكان التي تبلغ 1.1 في المئة سنويا، وهذه الزيادة تعمل على تقليل الرقعة الزراعية، وتتطلب زيادة في الإنتاج الزراعي لتوفير الغذاء.

كما تعمل الأسمدة الكيماوية على زيادة الكميات الزراعية المنتجة من الهكتار الواحد، فقد استطاعت الصين زيادة كمية المحصول الزراعي المنتجة من الهكتار الواحد من 1150 إلى 4950 كغم، إضافة إلى 300 كغم من الأسمدة الكيماوية للهكتار الواحد، فالأسمدة مادة استراتيجية للأمن الغذائي أسعارها ترتفع.

الجدير بالذكر ان المصنع باع منتج الأسمدة في الأسواق العالمية التي تعطي أفضل عائد مالي على مدار العام، عبر إيجاد أفضل السبل لتصدير وتسويق هذا المنتج في الأسواق ذات الربحية، حيث دخلت الشركة خلال السنوات الماضية أسواقا جديدة مثل الأميركي والأسترالي.

بالاضافة الى ذلك وعلى المستوى العالمي، فإن قطاع الاسمدة نجح خلال السنوات العشر الماضية في مضاعفة طاقته الإنتاجية لتصل عائداته إلى 6.5  مليارات دولار عام 2014.

الطلب العالمي

وفي تتبع لتصريحات المعنيين في صناعة البتروكيماويات وتحديدا الاسمدة، نرى أمين عام جيبكا د. عبدالوهاب السعدون يقول إن أداء شركات صناعة الأسمدة في منطقة الخليج العربي يعتمد على الطلب العالمي بصفته قطاعا تصديريا بالدرجة الاولى، حيث تمتلك هذه الشركات فرصا قوية في أسواقها التقليدية وأيضا الجديدة منها في افريقيا.

واضاف السعدون ان هناك توسعا مستمرا في إنتاج الأسمدة بمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي، ليصل إلى 46.4 مليون طن بحلول عام 2018. وهناك مشاريع تقدر قيمتها بـ10 مليارات دولار في مرحلة الإنشاء أو التخطيط حاليا في المنطقة.

بدورها، قالت المديرة العامة للاتحاد الدولي للأسمدة شارلوت هيبيبراند «يتمتع منتجو الأسمدة في منطقة الخليج بالعديد من المزايا في مقدمتها الموقع الاستراتيحي بين أهم أسواق التصدير مثل شرق آسيا والولايات المتحدة».

واضافت هيبيبراند أن دول مجلس التعاون الخليجي أضحت من أبرز اللاعبين ضمن قطاع الأسمدة العالمي، إذ شكل إنتاجها من الأسمدة ما نسبته 30 في المئة من الإنتاج العالمي من اليوريا و16 في المئة من الأمونيا.

السؤال الأهم: لماذا هم ينجحون ويربحون في صناعة الاسمدة ونحن نخسر؟

back to top