عدد قليل من الشركات سينجح في تجاوز انخفاض الأسعار، لكن الكثير منها لن يتمكن من المنافسة في ظل المعدلات الحالية للأسعار، وهو ما يضاعف أزمة البنوك التي مازالت تمد خطوطها الائتمانية للقطاع.

Ad

تشهد الولايات المتحدة موجة متنامية من إفلاسات شركات الطاقة مع خفوت ازدهار قطاع النفط الصخري الذي سطع نجمه بقوة خلال السنوات الأخيرة، وتشير معطيات السوق إلى زيادة معاناة القطاع مع استمرار تراجع أسعار النفط والانخفاض الكبير لسندات الطاقة عالية المخاطر، وامتدت تداعيات الأزمة للقطاع المصرفي الذي يخشى من عجز شركات الطاقة عن سداد ديونها.

فخلال عام 2015 فقط أعلنت 42 شركة نفطية إفلاسها، وبلغ إجمالي ديون شركات الطاقة المفلسة 13.1 مليار دولار يعد نصفها ديونا متعثرة، وسلط "Oil Price" الضوء على أزمة البنوك الناتجة عن قروض الطاقة.

حجم الأزمة

- عدد قليل من الشركات سينجح في تجاوز انخفاض الأسعار، لكن الكثير منها لن يتمكن من المنافسة في ظل المعدلات الحالية للأسعار، وهو ما يضاعف أزمة البنوك التي ما زالت تمد خطوطها الائتمانية للقطاع.

- وفقاً لـ "باركليز" تضاعفت قيمة سندات الديون لشركات الطاقة 11 مرة خلال فترة ازدهار قطاع النفط الصخري بين عامي 2004 و2014 لتصل إلى 112.5 مليار دولار.

- في عام 2009 سجلت أسعار النفط ارتفاعاً حاداً استمر حتى عام 2014، وضخت البنوك المركزية حول العالم سيولة هائلة في النظام المالي في ظل توقعاتها باستمرار ارتفاع أسعار الخام.

- كان قطاع النفط يعتبر حينئذ مجالاً مربحاً ومخاطره محدودة مما أغرى البنوك بزيادة معدل إقراضها للقطاع، ولم يتم سداد معظم هذه القروض حتى الآن مما يضع البنوك في مأزق خطير.

مأزق

- شركات الطاقة تدور في دائرة مغلقة، فهي تحتاج للاستثمار في مشروعات جديدة لمواصلة الإنتاج والوفاء بالتزاماتها، لكن انخفاض أسعار النفط يجفف السيولة لديها، وتحتاج إلى قروض جديدة لتشغيل أنشطتها.

- هذا بدوره يضع البنوك بين خيارين كلاهما مر، فهي قد تضطر لاستمرار إقراض شركات الطاقة ولو بفوائد أكبر هذه المرة حتى تعين الشركات على الاستمرار وأداء التزاماتها القديمة والجديدة.

- والحل الآخر هو التوقف عن إقراض الشركات المتعثرة وتقبل الخسائر القريبة مما يجنبها تداعيات أكبر على المدى الطويل، وهو حل مؤلم للطرفين ويهدد بإفلاس المزيد من الشركات.

- جمعت شركات الطاقة 225.7 مليار دولار بين 2007 و2014 من خلال الاكتتابات العامة والسندات، وستتجاوز ديون شركات الطاقة الأميركية باستثناء "شيفرون" و"إكسون موبيل" 200 مليار دولار في 2015 ارتفاعاً بـ 55 في المئة من 2010.

كيف تحدد القروض؟

- تقوم البنوك بتقدير قيمة مخزونات النفط لدى الشركة طالبة القرض اعتماداً على أسعار العقود الآجلة للنفط والغاز، ثم تقوم بخصم التدفقات النقدية المستقبلية.

- ويقرض البنك الشركة 60 في المئة ــ كحد أقصى ــ من القيمة النهائية لهذه العملية الحسابية، ويتم إعادة تقييم تلك العملية بصورة نصف سنوية وتعديلها وفقاً لتغير الأسعار مما يؤدي بدوره لتعديل القيمة النهائية للقروض المسموحة.

- حتى وقت قريب كان طرفا هذه المعادلة أكثر تفاؤلاً بشأن عودة ارتفاع أسعار النفط، لذلك استخدمت البنوك قيمة أعلى من الأسعار الحالية لتقييم مخزونات الشركات.

- لكن إدارة معلومات الطاقة الأميركية توقعت مؤخرا عدم تجاوز الأسعار حاجز 40 دولاراً للبرميل حتى يناير 2017، وهذا يعني انخفاض قاعدة الإقراض المتاحة للعديد من الشركات خلال تقييم أبريل المقبل.

نهاية المطاف

- خلال المراجعة المقبلة ستقوم البنوك بتقليص حجم القروض الممنوحة لهذه الشركات وفقاً للتقييم الجديد، لكنها ستمدها بما يلزم لمواصلة أنشطتها، وهناك مخاوف كبيرة من تحول العديد من القروض الجديدة إلى ديون هالكة.

- لا يمكن استمرار انخفاض الأسعار إلى الأبد، فالأزمة الحالية ستؤدي إلى خفض المعروض بطريقة أو بأخرى مما يوقف نزيف الأسعار ليبدأ النفط في التعافي من جديد، وحينئذ ستعود بعض شركات النفط استثماراً مربحاً البنوك.

- لكن بعض الشركات لن تتمكن من تجاوز الأزمة الحالية مما يضر بالبنوك المرتبطة بها، والبنوك الكبرى ستنجح في تخطي الأزمة لأن قروض الطاقة تمثل نسبة بسيطة من إجمالي محفظة القروض لديها.

- أما البنوك الأصغر حجماً خاصة تلك التي ألقت بثقلها في الإقراض لشركات النفط والغاز فستتضرر كثيراً من جراء أزمة النفط الحالية، ومن المتوقع أن تشهد مصيراً مؤلما.