استضافت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، أمس، محاضرة البروفيسور المعروف دولياً الدكتور ريكاردو هوسمان من جامعة هارفارد بعنوان «التعقيدات الاقتصادية وأسرار النمو الاقتصادي»، حيث يعد                د. هوسمان مهندس النظريات العملية التطبيقية، والمفاهيم المتعلقة بالتعقيدات الاقتصادية، كذلك منهجية اعتماد المقاربة الشاملة للإصلاح في الاقتصادات المتعثرة وتعزيز النمو.

Ad

في البداية، استعرض هوسمان تجربة وزير التطوير في فنزويلا، الذي أثر في القطاعين العام والخاص بدراساته وبحوثه، إذ كان مهندس نموذج التعقيدات الاقتصادية، وعلاقة التعقيد الاقتصادي بالنمو.

وأشار هوسمان، إلى سؤال دائماً ما يطرح عليه، حول لماذا هناك بلدان فقيرة وأخرى غنية؟، مبيناً أن هناك دولاً كثيرة لديها ثروة وطنية مثل الثروات الطبيعية، لكنها فقيرة، على النقيض هناك دول غنية ليس لديها أي نوع من أنواع الثروات الطبيعية، عدا الثروة البشرية.

وأضاف أن الاستثمار في الثروة البشرية، ثبت تفوقه على جميع الاستثمارات الأخرى، التي تقوم بها الدول، موضحاً أن النمو إذا كان 2 في المئة، سوف نحتاج إلى أكثر من 50 عاماً لكي يتضاعف، لكن في حال بلغ معدل النمو للأطفال 2 في المئة، سوف نحتاج وقتها لـ25 عاماً لكي يتضاعف.

وألمح إلى ضرورة أن تطوّر الدول الثروة البشرية لديها بالتعليم والتدريب والتطوير، بحيث تكون المعرفة جماعية، فالمعرفة الجماعية ضرورية لتحقيق النمو الشامل والسريع لأي بلد، وفي حال عدم وجودها، فمن الصعب أن يتم تحقيق نمو حقيقي، طارحاً مثالاً عن تصنيع الطائرة البوينغ 777، التي تشترك فيه أكثر من 6 دول، لتميز كل دولة في جزء من الطائرة، وعند جمع كل هذه المعارف، يكون لدينا طائرة كاملة.

وعن إحداث تنمية شاملة، أفاد بأن الاقتصاديين يرون أن الأمر لا يتعلق برؤوس الأموال، بل بالتكنولوجيا، والقدرة على التعامل معها، واستخدامها بالشكل الأمثل لتسريع وتطوير وتحسين عملية الإنتاج، موضحاً أنه في حال اتخاذ قرار بإنشاء صناعة معينة في إحدى البلدان، فعلى المستثمر أو الدولة التي تقوم بهذا الاستثمار أن تحرص على وجود عدة أمور أهمها: الخبرة السابقة في هذه الصناعة، والأيدي العاملة المدربة على الإنتاج، والآلات التكنولوجية، التي تساعد وتسرع الإنتاج.

من جانبه، قال المدير العام لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي د. عدنان شهاب الدين، إن التنمية الاقتصادية من أهم الأهداف في كل المجتمعات، ومنذ أن سطر آدم سميث آراءه في كتابه المميز «ثروة الأمم»، تناول العديد من المفكرين العوامل، التي تؤثر على هذا النمو، وأخيراً، وخلال القرن الماضي، تمت صياغة هذه الأفكار، من خلال النماذج والأطر الرياضية.

وكما الحال مع أي فرع من الفروع العلمية، ظهرت وجهات نظر متعددة للإجابة عن هذا السؤال، مما أثار جدلاً واسعاً بين المفكرين.

وأضاف، أن من أحد جوانب هذا التباين الواسع في الآراء، يؤكد «التحوليون» الحاجة إلى «دفعة كبيرة»، لكن، على الطرف الآخر، يؤكد  «الحديون» على الحاجة إلى تدخلات على نطاق ضيق في أول الأمر متمثلة في محاولات عشوائية للتعامل مع القضايا الاقتصادية المحورية. وقدم البروفيسور هوسمان مشاركات كبيرة في هذا الشأن، وساهم في الحوار بين مفكرين عظماء.

وأوضح أنه مع الانخفاض الحاد في أسعار النفط، تقع دولة الكويت حالياً على مفترق طرق، يحتم الحاجة إلى اتباع نهج شامل لحل هذه المشكلة بشكل استراتيجي، وضمان النمو المستدام، والحسم في مواجهة الوضع القائم من حالة عدم اليقين.

وتواصل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي تقديم مساهمات كبيرة في حل هذه المشكلة من خلال دعم الجهود العلمية والمبتكرة، وتأتي رعاية المؤسسة لمحاضرة الخبير الاقتصادي وصاحب الفكر الابتكاري البارز في وقت دقيق في الكويت، خصوصاً على المستوى الوطني، ساعية إلى بذل كل الجهود المتاحة لها في دعم الاقتصاد الوطني وجعله قادراً على مواجهة التحديات الخطيرة، التي بدأت تنشأ، والناجمة إلى حد كبير، وبشكل لم يسبق له مثيل عن الاتجاهات العالمية في هبوط أسعار النفط الخام.

هوسمان في سطور

يذكر أن د. ريكاردو هوسمان مدير مركز التنمية الدولية في جامعة هارفارد، الذي يتعامل مع التحديات الاقتصادية العالمية، والقدرة المؤسسية وتصميم السياسات وتسريع وتيرة النمو.

ويتولى المركز تطوير الأدوات العملية لتعزيز النمو والتحول الهيكلي، كما تعالج الآليات، التي يستخدمها المركز أيضاً باستقرار الاقتصاد الكلي والتمويل الدولي والأبعاد الاجتماعية للتنمية.

يحاضر البروفيسور هوسمان في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، ويعمل مستشاراً دولياً، حيث قدم استشاراته وتوصياته في أكثر من 40 بلداً نامياً في محالة لوضع استراتيجيات نمو وسياسات تنمية فعالة.

ونشر د. هوسمان أبحاثه العلمية في العديد من الصحف والمجلات الشهيرة والدوريات الرائدة مثل صحيفة نيويورك تايمز، صحيفة فايننشال تايمز، إيكونومست، صحيفة وول ستريت جورنال، صحيفة واشنطن بوست، ومجلة فوربس.

ويحمل هوسمان بكالوريوس في الهندسة والفيزياء التطبيقية ودكتوراه في الاقتصاد وشغل منصب أول رئيس للشؤون الاقتصادية في بنك التنمية للبلدان الأمريكية (1994-2000) وزير التخطيط في فنزويلا (1992-1993) وعضو مجلس إدارة البنك المركزي في فنزويلا، وكذلك منصب رئيس لجنة التنمية في صندوق النقد الدولي.