مرافعة : نيابة «قلم الرصاص»!
في الوقت التي يستغرق معدل الدعاوى القضائية أمام محكمة أول درجة والاستئناف معا لقرابة عام كامل، طالما لم تُحل الى إدارة الخبراء تستغرق نظر ملفات الطعون القضائية أمام محكمة التمييز لقرابة العامين أو أكثر، ليس بسبب كثرة الطعون التي تقام أمام محكمة التمييز، وإنما لقلة الملفات التي تعرض على السادة رؤساء وأعضاء نيابة التمييز حتى يقوموا بكتابة الرأي الصادر من نيابة التمييز فيها.وبعدما تنتهي نيابة التمييز من إبداء رأيها القانوني المحدد بالقانون، رغم عدم إلزامية الأخذ به من الدوائر القضائية تحدد لاحقا الجلسات لنظر الطعون أمام محكمة التمييز لنظرها، وهي مسألة تعمل - برأيي - على التأخير في الفصل بالطعون الانتخابية، وتطيل من عمر التقاضي أمام المحاكم.
حجم الطعون التي تنظرها محكمة التميبز بمختلف دوائرها غير كبير، خصوصا مع وجود عدد ملائم لمختلف الطعون القضائية التي تعرض أمام تلك المحاكم، فقضايا الجنايات تنظرها ثلاث دوائر وقضايا الإداري بذات العدد والعمالي والمدني والتجاري يقارب ذلك العدد، ولكن ما يحدث عمليا هو قيام إدارة كتاب محكمة التمييز بتخزين الطعون لديها، وتنسق مع نيابة التمييز لإرسال العدد الذي تراه نيابة التمييز كإرسال ١٠ ملفات في الأسبوع أو أكثر بقليل او أقل لكل دائرة، ويتم توزيع الملفات للسادة رؤساء النيابة، وبعدما تنتهي ترسل الدفعة الجديدة ومثل تلك الطريقة لا يمكن أن يستوعبها العمل القضائي، مع ارتفاع معدل الطعون التي تقدم أمام محكمة التمييز، وهو ما يتعين العمل على إيجاد طرق أفضل لتوزيع العمل لإنجاز عدد اكبر مما ينجز من ملفات. ووفق ما نقل لي أن هناك ٤ أو ٥ أعضاء في نيابة التمييز يتولون الكتابة للمذكرات في كل الطعون الجزائية للدوائر الثلاث الجزائية التي تطعن على أحكام ٨ دوائر استئناف جزائية، ومثل هذا العدد من المستشارين لا يكفي، ويتعين زيادته الى العدد الذي كان موجودا في السابق بـ١٠ مستشارين للقضايا الجزائية، بهدف إنجاز العديد من الملفات المتراكمة في مخازن إدارة كتاب محكمة التمييز، والتي تنتظر دورها، إذ لا يعقل أن طعونا تقدم في عام ٢٠١٢ أو ٢٠١٣ يفصل بها من محاكم التمييز في عام ٢٠١٦ بسبب روتين العمل الذي تعيشه الملفات في محكمة التمييز.الأمر الملاحظ الآخر هو عدم دخول التقنية والحاسب الآلي في عمل نيابة التمييز، لدرجة أن أغلب السادة من رؤساء النيابة يقومون بكتابة المذكرات على نحو تقليدي وبشكل يدوي، وبقلم الرصاص، حتى أن أحد الزملاء أطلق عليها مصطلح «نيابة قلم الرصاص»، بسبب مذكراتها، في حين أن أجهزة الحاسب الآلي قد توفر عليهم الجهد والإنجاز الأسرع من الملفات إذا تمت الاستعانة بالحاسب لتخزين العديد من مبادئ التمييز والنقض والمواد القانونية والمذكرات الإيضاحية لها، بما يسهل سرعة نقلها بالمذكرات وطباعتها للتوقيع عليها في ما بعد.في الختام، يتعين على المسؤولين في محكمة التمييز العمل على دعم نيابة التمييز، بزيادة عدد رؤساء النيابة أو بانتداب القضاة الكويتيين لتأهيلهم وصقلهم في الكتابة والبحث تحت إشراف المستشارين في نيابة التمييز، لأن مثل هذا الدعم سيعمل على إنجاز العديد من الملفات التي تنتظر الاطلاع عليها والبت فيها، مع إدخال تقنية الحاسب الآلي في إعداد المذكرات، تماشيا على الأقل مع شعار العدالة الناجزة!