كم اقتربنا من تطوير قوى خارقة حقيقية؟
مع بدء عرض Deadpool من Marvel، لا يسعنا إلا أن نتساءل: بما أن ثلاثة من كل خمسة أبطال خارقين يدينون للعلم بقواهم، فهل نتمكن يوماً من اكتساب قوى خارقة حقيقية؟
تشير لعبة تأدية أدوار أبطال Marvel الخارقين إلى أن القوى الخارقة كلها تعود إلى خمسة مصادر عامة: بشر معدَّلون (الرجل العنكبوت وFantastic Four)، عجائب التكنولوجيا العالية (Iron man وBatman)، المتحوِّلون (X-men)، الآليون (The Vision)، والفضائيون (سوبرمان وآلهة مثل إله الرعد ثور).حتى وقت ليس ببعيد، بدت مصادر القوى الخارقة الخمسة هذه بعيدة المنال. ولكن هل يقرّبنا التقدّم العلمي السريع في القرن الحادي والعشرين من تلك القوى الخارقة التي تستند إليه، أي البشر المعدَّلين، عجائب التكنولوجيا، والآليين؟
البشر المعدَّلونبدت التعديلات الجسدية الكبيرة مستحيلة حتى وقت ليس ببعيد. فحتى الإنجازات الكبيرة في مجال الوراثة ما زالت بعيدة كل البعد عن برنامج سلاح X الذي منح Wolverine عظامه المصنوعة من الأدمانتيوم وDeadpool قدرته السريعة على الشفاء. لكن علم الأحياء الكمي، الذي يروج له عالِم الفيزياء والمزيع جيم الخليلي، يشير إلى توجّه افتراضي ممتع نحو تعديلات بشرية كبيرة. فإن نجح النفق الكمي في تعليل التحول السريع من شرغوف إلى ضفدع، فلا شك في أن تأثيراته الكمية الواضحة قد تتيح لجسم الإنسان أيضاً التجدد بعد التعرض لإطلاق نار أو طعنة من سيف ساموراي.علاوة على ذلك، تحوِّل الفنون القتالي منذ قرون البشر من أناس عاديين إلى أبطال يكتسبون قوى شبه خارقة مع تغييرات فيزيولوجية أكثر منها شكلية. لذلك يبدو الجيش الأميركي اليوم مهتماً باكتشاف ما إذا كانت مهارات رهبان الشاولين تقتصر على المسرح أو تتخطاه. فتُجرى حالياً دراسات عدة بغية إضفاء طابع عسكري على تقنيات التيقظ والوعي البوذية القديمة. إذاً، هل ننتج أبطالاً مثل جايسون بورن وAmerican Ultra في منشأة تدريب ما تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية؟ إن لم نكن نعمل راهناً على مسألة مماثلة، أعتقد أن السبب يعود إلى العدد الكبير من المحاولات السابقة الفاشلة.عجائب التكنولوجيا العاليةتشكّل سرعة تقدّم التكنولوجي إحدى العقبات الكبيرة في درب أبطال “التكنولوجيا العالية” الخارقين. فلو طُوِّر “رجل الستة ملايين دولار” (لي مايجور) ليبلغ ذروة التكنولوجيا في مطلع سبعينيات القرن الماضي، لبدا اليوم قديم الطراز بين الأبطال الخارقين عند مقارنته، مثلاً، بدرع Iron Man المميزة Mark VIII. نظراً إلى قاعدتنا الصناعية الضخمة، قد يبدو علم الآليين سهلاً عموماً. ولكن اتضح أنه أكثر صعوبة مما توقعنا. فقد تبين أن التفاعل بين الإنسان والآلي، على غرار ما نراه ويبدو سهلاً في أفلام Iron Man، يشكل تحدياً بالغ الصعوبة، هذا إذا أردنا تجنيب طيارينا خطر فقدان أطرافهم. رغم ذلك، تُظهر أخبار الاستعانة بهيكل خارجي للتغلب على الإعاقات أن العلوم تقدّم تطورات مهمة بالفعل. ومع أن JB-9 ليس هيكلاً خارجياً، يظل مميزاً. فقد قام هذا الابتكار، الذي يُقال إنه جهاز التحليق (jetpack) الشخصي الأول في العالم، برحلته الأولى أخيراً.ولكن كما يؤكد كل مَن حاول إمضاء يوم كامل وهو يستعمل جهاز iPhone 6، يشكّل إمداد الطاقة نقطة ضعف أهم الابتكارات وأكثرها تميزاً. تستمد درع Iron Man طاقتها مما يبدو، وفق حبكة الفيلم، مفاعل انصهار من نوع توكاماك. ويمكننا بالتأكيد صنع مفاعل مماثل، حتى إننا نبني واحداً راهناً في فرنسا. لكن المشكلة تكمن في ضرورة أن يكون حجمه بحجم مسرح شكسبير غلوب لينتج طاقة أكبر بقليل مما يحتاج إليه ليعمل.الآليونلا شك في أن التخلي عن العناصر البشرية الضعيفة في أي تصميم عالي التقنية يساهم في تبديد عقبات عدة، إلا أنه يثير سؤالاً بسيطاً: كيف سيفكر الآلي بمفرده؟ لطالما شكل الذكاء الاصطناعي حلم كل علماء الكمبيوتر بعد آلن تورينغ. ورغم عقود طويلة من التقدم البسيط والمحدود في هذا المجال، شهد عام 2015 تطورات مبهِرة في الذكاء الاصطناعي. فقد علّم DeepMind التابع لغوغل نفسه فعلياً كيفية لعب Atari Breakout (و50 لعبة فيديو كلاسيكية أخرى) في غضون 120 دقيقة، علماً أنني لم أستطع إنهاء مستوى واحد في سنة كاملة. بالإضافة إلى ذلك، تغلب أخيراً نظام حوسبة تابع لـ DeepMind يُدعى AlphaGo على بطل في هذه اللعبة الصينية القديمة بخمسة أشواط مقابل لا شيء.برمجة بشرية دقيقةيُعتبر هذا مذهلاً حقاً لأن لا أحد، ولا حتى مبتكريه في غوغل، يعرفون كيف ينجح DeepMind في اللعب بلعب مماثلة. أتقن أبطال الذكاء الاصطناعي السابقون، مثل “واتسون” التابع لشركة IBM، لعبة واحدة، مثل Jeopardy، بعد برمجة بشرية دقيقة. لكن DeepMind وغيره من برامج التعلّم العميق تحقق إنجازات أكثر غموضاً. فإلى أين سيقودنا كل هذا؟ من الصعب الإجابة عن هذا السؤال. ولكن هذه أول مرة تصبح فيها سيطرة ذكاء اصطناعي ناشئ على شبكة الإنترنت وإطلاقه إبادة نووية ممكنة. في المقابل، نظراً إلى التقدم البسيط نسبياً في أجسام الآليين، من المؤسف أن يكون هذا الذكاء الاصطناعي، إن أراد اتخاذ شكل ملموس مثل The Vision، مضطراً إلى التخلي عن جسم بول بيتاني القوي والمميز واستبداله بالآلي Pepper، الذي يُعتبر أحدث طراز في الآليين الشبيهين بالبشر.يبدو أننا ما زلنا بعيدين بمقدار خطوة أو اثنتين عن القوى الخارقة العلمية. ولكن في عام 2016، صرنا قريبين جداً من إتمام هاتين الخطوتين بنجاح. فمَن يدري إلامَ قد تقودنا قوى تكنولوجية غير متوقعة مثل أسراب الطائرات من دون طيار والاستنساخ البشري؟ وهنا ينشأ السؤال الأهم: هل تحولنا إلى أبطال خارقين أم أشرار؟