يعود المخرج الكبير محمد خان بعد غياب سنوات في فيلم سينمائي مختلف عن أعماله السابقة هو {قبل زحمة الصيف}. ويتناول الفيلم مجموعة من العلاقات الإنسانية.

Ad

عن فكرة العمل والتحضير له وقضايا سينمائية عدة كان لنا معه هذا اللقاء:

كيف جاءت فكرة فيلم "قبل زحمة الصيف”؟

كنت أمضي مع زوجتي إجازة في إحدى القرى السياحية، وكانت تقريباً خالية من السكان، ففكرت في فيلم يتناول العلاقات بين البشر في مثل هذا الوقت من العام حينما تكون أهدأ واوضح، ويعرض حالات إنسانية قد تحدث في أي مكان داخل مصر أو خارجها.

في الفيلم، يحملنا "جمعة”، أحد أبناء الطبقة الكادحة، معه داخل القرية ويتجوّل بين أبناء الطبقة العليا لنرى علاقاتهم وحياتهم من دون محاكمة أو اتهام لأي فرد.

طلبت من المؤلفة غادة شهبندر صياغة الفكرة وشاركت في الحوار نورا الشيخ، وبدأ التصوير في فصل الشتاء لتكون القرية السياحية خالية فعلاً من الناس، واستمر لمدة شهر كامل.

ما سبب عدم اعتمادك في أعمالك الأخيرة على نجوم شباك أو صف أول؟

أختار دائماً الأفضل والأنسب للشخصية بغضّ النظر عن حجم موهبته، إضافة إلى أن منح الفرصة لفنان أو وجه جديد يعطي ثراء للشاشة وللسينما عموماً، فليس من المنطقي الاعتماد على عدد محدود من الأسماء.

في الأعمال كافة، لا بد من منح الفرصة للوجوه الجديدة أو لفنانين لديهم موهبة ولكنهم لم ينالوا الفرصة التي يستحقونها، وهو ما أفعله دائماً. وفي هذا الفيلم اخترت الأنسب للدور، وقام المشاركون كلهم بأدوارهم بشكل جيد جداً، وهو الأهم بالنسبة إلي.

ذكرت سابقاً أن تعديلاً في السيناريو تم بسبب وفاة المؤلفة نادين شمس جراء خطأ طبي. كيف كان ذلك؟

فعلاً، لم يتضمن السيناريو في البداية أي أمر يتعلّق بهذه القضية، ولكن بعدما حدث لنادين شمس قررت إدراج تعديلات في الفيلم وتحدثت عن الأهمال الطبي من خلال الدكتور الفاسد يحيى (ماجد الكدواني) وصديقه الدكتور أسامة (خيري بشارة)، وعرضت حالات الوفاة بسبب الإهمال الطبي في مستشفاهما.

لكن هذا الخط الدرامي كان سريعاً وليس بالعمق المطلوب، وفي النهاية لم ينالا الجزاء؟

لأنه ليس الخط الرئيس في الفيلم، بل يأتي في خلفية الأحداث وليس له أي رابط بالقصة الرئيسة. كان الهدف الإشارة إلى هذه القضية فحسب. ولم ينالا جزاءهما في الفيلم لأنهما لم ينالاه في الواقع أيضاً.

في العمل الفني، لا أحاكم أحداً ولا أضع نهايات حادة للشخصيات، بل أرصد أحداثاً وعلاقات شخصية فحسب.

ما الهدف من مشهد السياح على الشاطئ ومشهد "شيري” مع الدراجة؟

كان مشهد السياح المدخل لأحداث الفيلم من خلال مطاردة جمعة (أحمد داود) لهم ثم الدكتور يحيى (ماجد الكدواني). أما مشهد شيري مع الدراجة في النهاية فتعمدت أن أتركه للجمهور. قد يكون الهدف أنها قررت أن تعيش حياتها كما تشاء، أو معاكسة جمعة من خلال سرقة الدراجة وركوبها. كل منا يفهم المشهد كما يريد.

انتقادات ومهرجانات

ما ردك على انتقادات طاولت الفيلم واتهامه بالإساءة للمطلقات؟

انتقادات غريبة ولا مبرر لها. لم أتحدث عن كل المطلقات ولم أهاجم المرأة عموماً. قدمت مجموعة من العلاقات الإنسانية بين البشر من دون محاكمة أو اتهام لأي منهم. أسباب وجود هذه الانتقادات كثيرة من بينها سياسية واجتماعية وثقافية، وهذه ليست وليدة الآن بل موجودة من فترة طويلة ولا تشغلني إطلاقاً، لأن الجمهور ذكي جداً ولا يهتم بها.

ماذا عن مشاركة الفيلم في أكثر من مهرجان من دون تحقيق أية جائزة؟

استبعد الفيلم من مهرجان مسقط بسبب ما ذكره القائمون عن مشاهد غير لائقة، وهو أمر يخصهم. ولكن بالنسبة إلي، قررت مقاطعة هذا المهرجان في أعمالي المقبلة كافة. أما عن مهرجان الأقصر، فلم أكن أرغب في المشاركة، لكن عدم وجود فيلم مصري في مهرجان يُنظم في مصر أمر غير جيد و”نوارة” كان في الافتتاح، لذا اختاروا "قبل زحمة الصيف”. وكنت أرى أن المشاركة يجب أن تكون من خلال عمل يتحدث عن هموم القارة السمراء أو المجتمع المصري باعتباره جزءاً منها بغض النظر إن كان الفيلم مصرياً أو لا، وبالتالي لا يهم حصول العمل على جائزة.

هل كان توقيت عرض الفيلم مناسباً له؟

بالطبع. كان من المعروف أن الفيلم سيُعرض قبل موسم الصيف بناء على اسمه والهدف منه. كنت أتمنى أن يكون العرض قبل ذلك بفترة أكبر كي يحصل على فرصة أكبر في التواجد في السينما ويحقّق إيرادات أكثر، ولكن لأسباب عدة تأخر إلى الوقت الراهن.

كيف ترى الموسم السينمائي في ظل عودة الكبار وعدم تحقيقهم إيرادات كبيرة؟

تمثل عودة المخرجين الكبار، فضلاً عن دخول أي اسم إلى السينما، إضافة إلى هذه الصناعة ومزيداً من التنوع. لكن كان لا بد من توافر تنسيق بين هذه الأسماء ومنتجي أفلامهم  وكل المنتجين الذين شاركوا في هذا الموسم، لتحديد مواعيد عرض الأعمال، كي يُحقق كل منهم ما يريد من نجاح. لكن أن يسير الأمر بهذه العشوائية فهو ضار على الجميع وعلى الصناعة كلها.

وصف البعض الفيلم بالخفيف وأنه لم يحمل رسالة على عكس أعمالك السابقة. ما رأيك في ذلك؟

يحاول الناس دائماً أن يضعوك في قالب أو خانة معينة ويجب عليك أن تتكيف مع ذلك. ولكني لا أريد أن أحصر نفسي في قالب معين، فأنا أبحث عن التنوع في أفلامي التي لا تشبه بعضها البعض. أحاول أن أجعل المشاهدين يرون حالة إنسانية خاصة. لا أريد أن أبعث إليهم برسائل معينة من خلال العمل، ولا أن أفرض عليهم وجهة نظر معينة. لا بد من أن يتفاعلوا مع ما يرونه على الشاشة من دون أي توجيه أو وصاية أو تدخل مني. والفيلم يعرض حالة إنسانية بين طبقة من الناس يعيشون حالة ترف ورفاهية وطبقة كادحة، ويجعل المشاهد يرى كيف تبدو حياة الطبقة المترفة من خلال عيون الطبقة الكادحة.