رأى وزير العدل المصري الأسبق، المستشار أحمد مكي، أن وزير العدل المقال أخيراً أحمد الزند لم يكن جديراً بهذا المنصب، متوقعاً أن يُمنى خليفته بالفشل، في ظل ما وصفه بـ»تراجع الديمقراطية». وأضاف مكي، في مقابلة مع «الجريدة»، أن مصر لن تستعيد مكانتها إلا باستعادة الثقة بقضائها، واصفاً أداء البرلمان الحالي بالفاشل، كما أعرب عن تخوفه من وجود الجيش في الحكم، حتى لا يؤثر ذلك على قدراته القتالية، وفي ما يلي نص المقابلة:

Ad

• كيف رأيت أزمة إقالة المستشار أحمد الزند من منصبه؟

- الأزمة كانت تكمن في تعيين المستشار أحمد الزند وزيرا للعدل وليس في إقالته من منصبه، فالزند لم يكن جديرا بتولي وزارة العدل، حيث لم يحترم في يوم من الأيام استقلال القضاء، واعترف بنفسه بالمشاركة في العمل السياسي عندما أعلن أنه كان أحد أركان ثورة 30 يونيو، فالقاضي يجب أن ينأى بنفسه عن المشاركة في أي عمل سياسي، لأنه يحكم بين الناس، وبالتالي لا يصح أن يكون خصما وحكما في الوقت ذاته، وأنا بطبعي لا أحب الشماتة في أحد، ويقال في الأثر: «اذكروا محاسن موتاكم»، إلا أنني لا أجد حسنات للزند، ولو أعرف له حسنات لذكرتها، وفي اعتقادي أن أي شخصية ستتولى وزارة العدل خلفا للزند ستفشل في مهامها، بسبب الأجواء غير الديمقراطية التي تتسم بها المرحلة الحالية.

• ما تقييمك لأداء البرلمان حتى الآن وما الفارق بينه وبين البرلمانات السابقة في عهد مبارك ومرسي؟

- البرلمانات الجيدة كانت قبل ثورة 1952، ومذاك ليس لدينا برلمانات جيدة، إلا برلمان عام 1976 في أعقاب حرب أكتوبر حينما حاول الرئيس الراحل أنور السادات أن يفسح مجالا كبيرا للديمقراطية، لكنه ما لبث أن انقلب عليه سريعاً، وما عدا ذلك لا توجد أي برلمانات تستحق الذكر، والبرلمان الذي جاء عقب ثورة 25 يناير كان نزيها، وكذلك البرلمان الحالي تم وسط إجراءات نزيهة، إلا أنه شهد تدخلات من جهات سيادية لتوجيهه في اتجاه معين لمصلحة دعم السلطة، أما البرلمان الذي جاء في عهد جماعة «الإخوان»، فقد كان برلمان مراهقة سياسية، فالجماعة والتيار الإسلامي بصفة عامة لم يكن لديهم خبرة كافية لإدارته، واتسم أداؤه بالمزايدات السياسية، كما أن الشعب كانت لديه طموحات وآمال كبيرة تفوق الوضع على أرض الواقع، والبرلمان الحالي أيضا برلمان فاشل.

• عملت سابقاً مع المستشار سري صيام عندما كنت عضوا في مجلس القضاء الذي كان يترأسه حينها، فلماذا برأيك استقال من البرلمان؟

- المستشار صيام شخصية تحظى بالاحترام، لكن الأوضاع السياسية الحالية في مصر لا تساعد على النجاح، ولا تسمح لأي شخص بأن يتخذ موقفا معتدلا قويا في ظل وجود حالة كبيرة من الاستقطاب السياسي، واعتقد أن المستشار سري صيام نجا بنفسه من الدخول في مهاترات سياسية.

• لماذا لهجة عدم الرضا التي تبدو في حديثك عن القضاء؟

- لأن القضاء ليس مستقلا، والمناخ العام ليس جيدا في ظل إجراءات التقاضي الحالية، ووجود 40 ألف محبوس احتياطيا، و»مجلس قضاء» يقوم بالإبلاغ عن المحامي نجاد البرعي واثنين من المستشارين هما المستشاران هشام رؤوف وعاصم عبدالجبار، لأنهم فكروا في عمل مشروع قانون لمكافحة التعذيب، رغم أن هذا المشروع هو ذاته الذي وافق عليه مجلس الوزراء سابقا عندما كنت وزيرا للعدل وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي وقتهاً وزيرا للدفاع، فهذا الأمر غير معقول، وفيه إدانة لمجلس القضاء نفسه، وما يحدث من صدور حكم بالإعدام على 500 شخص في جلسة واحدة، والحكم على طفل عمره 4 سنوات بالمؤبد، ومحاكمة الأشخاص في قفص زجاجي، كل ذلك يؤثر في مصداقية ونزاهة القضاء المصري على المستوى الدولي، ولن تستعيد مصر مكانتها إلا عندما تستعيد الثقة بقضائها، ولا يمكن أن يكون القضاء مستقلا في ظل مناخ غير ديمقراطي.