يحاول الفنان الياس إيزولي أن يسجل بشكل ما العنف الناتج من الصراع الراهن في تفاصيل الحياة اليومية، مستوحياً أعماله الأخيرة في معرضه {تواصل} من لوحات الفنان السوري المشهور لؤي كيالي (1934 - 1978) ومقدماً لوحة شعورية ضمن السياق السياسي الحالي.

Ad

شكّلت بوتريهات لؤي كيالي المبتكرة استناداً إلى مختلف المواضيع الحياتية اليومية تحولاً مهماً في تاريخ الفن السوري الحديث، وتتصف تلك اللوحات ذات الأسلوب الفريد بتقديم مجموعة من الشخصيات الفقيرة والمضطهدة المرسومة بشكل أنيق وراق ولها شكل أيقونات فن عصر النهضة.

تتحدث اللوحات عن طيف متنوع من مواضيع تخصّ المجتمع السوري في القرن العشرين، لافتة بذلك النظر نحو الفوارق الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، وقد وصف كيالي سابقاً شخصياته بأنها {محاولة على الأمل ضمن هذه المشهدية التي من الممكن أن تكون أقل قسوة}.

بدوره يعمل إلياس إيزولي في «تواصل» على مواصلة العمل في المنحى نفسه، إذ يصوّر مجموعة شخصيات يظهر عليها الحزن والأسى في محاولة منه لمحاكاة أعمال الفنان الراحل والتأكيد من خلال التراكيب المتنوعة المطروحة على تصوير المعاناة التي كانت وما زالت مستمرة على الشخصيات المبتكرة من خلفية شعبية، والمرتبطة مباشرة مع الوجدان السوري.

يضيف إزولي ثقلاً جديداً إلى بورتريهاته ممثلاً بمؤشرات عدة من معطيات الحياة المعاصرة يصفها بأنها: «استنساخ من المشاهد الثابتة والمتنقلة»، خصوصاً بعد اجتياح العالم الرقمي العالم من حولنا. فنرى مجموعة من شخصيات كيالي نفسها ولكن تحمل أجهزة كمبيوتر أو أجهزة لوحية متنوعة أو حتى وجبات خفيفة وحلويات أميركية، في إشارة نحو ملامح العولمة وانتشارها في أي مكان، مثبتاً الياس بذلك أن تلك الشخصيات البسيطة غدت تتبنى ثقافة الهروب من الواقع، ومن الممكن في الحالة السورية تحديداً أن ترى تلك الشخصيات محاولة الابتعاد عن كوارث تحيط بها.

إلياس إيزولي أحد الفنانين العصاميين ما لبث أن أثبت نفسه بجدارة ضمن المشهد الفني منذ ظهوره، ولوحظت موهبته مباشرة في دمشق فقدم له المركز الثقافي الروسي معرضاً فردياً في عمر 17 عاماً. يتبع إيزولي نهجاً فنياً مكثفاً مرتكزاً على الرسم الحرفي والإجادة اللونية المميزة ومبتكراً مجموعة بورتريهات مميزة تتحدى التقليدية. واللون في أعماله جاء موزعاً بأناقة متناهية وتناقض متلائم يتصف ببعد ودقة عالية مليئة بالمؤشرات الانفعالية، ويستخدم في تراكيبه تقسيمات وأنسجة متنوعة تضيف إلى الوحة عمقاً يسمح للمتفرج بالتواصل مع شخصياته والتفكير بالعمق النفسي لما تطرجه من مواضيع.

تأثر الفنان في الآونة الأخيرة بما يحصل من حوله في سورية وألهمه ذلك لابتكار بورتريهات تصور الحالة النفسية للأطفال الذين كانوا ضحية العنف الحاصل، وتتميز هذه اللوحات بمناطق لونية خفيفة ما يشير نحو حالة من المعاناة الناتجة، ما يدعو المتفرج إلى النظر مباشرة نحو  حالة الانكسار وعدم الاستقرار.

ولد في دمشق عام 1976 ويعيش ويعمل فيها. قدم الكثير معارض عدة منذ عام 1993 من بينها غاليري أيام بيروت ودبي 2010، 2012، و2013.