أعدوا «الوثيقة»... أو «ابصموا»!
![عبدالمحسن جمعة](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583383269387080400/1583383291000/1280x960.jpg)
مجلس الأمة، الذي تحظى فيه الحكومة بالأغلبية، لديه ميل إلى مسايرة الحكومة وتنفيذ وثيقتها الاقتصادية ولو عن طريق المناورة بشكل بارع عبر التظاهر بتغيير بند أو آخر من القوانين التي تقدمها لرفع الدعوم وزيادة تعريفات الخدمات والسلع، ولكنه في النهاية يلبي ما يريده مجلس الوزراء، كما أن البرلمان ليس لديه أي نية لإعداد تصور متكامل خاص به للإصلاح الاقتصادي. في هذه الصورة لخريطة القوى وصنع القرار أو التأثير فيه لم يتبق سوى المجتمع المدني الغائب عنها، والذي تشكل فيه النقابات الثقل الأكبر، ولا يمكن للنقابات والروابط والجمعيات التي تمثل أصحاب المهن والحرف والموظفين أن تتجاهل المشكلة الاقتصادية في الكويت وتطالب بامتيازات مالية جديدة أو استمرار القديمة المبالغ فيها دون أن تساهم في حل تلك المشكلة أو وضع تصور حيالها، وبما أن أغلبية النقابات والاتحاد العمالي الكويتي أصبحوا كتلة واحدة متضامنة في قضية إضراب النفط فعليهم أن يكونوا منظمين وعمليين عندما يجلسون للتفاوض مع الحكومة، وتكون لهم حلول علمية ومدروسة عندما توجه لهم الحكومة السؤال: إن لم تضحوا فكيف سنواجه عجز الميزانية؟الإجابة عن هذا السؤال تتطلب دعوة وطنية من المجتمع المدني من جمعيات النفع العام - وبصفة خاصة من النقابات العمالية - لإعداد "الوثيقة الشعبية للإصلاح الاقتصادي" ويعدها متخصصون لتحقيق العدالة، ويضعون فيها التصورات التي تجاهلتها الحكومة، مثل ضريبة التحويلات الخارجية، وضريبة الأرباح، ومساواة مشاريع البي أو تي مع الجمعيات التعاونية بحصول الدولة على 30 في المئة من قيمة إيجارات محلاتها، وتقليص مميزات القيادات والوزراء وبقية الجهات المستثناة من "البديل الاستراتيجي"... إلخ، وهناك أسماء متخصصة ومهنية تتابع هذا الملف ولها آراء معتبرة تناقض توجهات وثيقة الحكومة مثل د. بدر الديحاني وزملاء آخرين له، لا أعتقد أنهم سيرفضون العمل التطوعي.طبعاً هذا الجهد الشعبي لو تم فستحاول بعض الجهات وبعض جمعيات النفع العام المخترقة من أصحاب المصالح منعه، لذا يجب أن تكون هناك مثابرة وعزيمة لتحقيقه، لأنه إذا لم توجد وثيقة لإصلاح اقتصادي بتصور شعبي فعلى الجميع أن يبصموا على وثيقة الحكومة غير العادلة اجتماعياً والمنحازة لأصحاب السطوة والنفوذ لأنه لا يوجد بديل عنها يمكن التفاوض بشأنه.