من المستغرب أن صوت الاتحادات الطلابية، والنقابات العمالية، والجمعيات المهنية، وجمعيات النفع العام التي تشكل في مجموعها المجتمع المدني قد خفت، بشكل مؤسف، في الآونة الأخيرة تجاه القضايا العامة التي تهم المجتمع والناس عامة، إلى درجة أنه لم يعد مسموعاً في ما يتعلق بالشأن العام.

Ad

منظمات المجتمع المدني هيئات شعبية مستقلة عن الحكومة وعن القطاع الخاص أيضاً، وهي تعمل في المجال العام من أجل خدمة عامة الناس والمجتمع، والدفاع عن القضايا الوطنية العامة العابرة للطائفة والقبيلة والفئة والمنطقة، فتجدها دائماً في مقدمة الصفوف المدافعة عن الحريات والحقوق المدنية والاجتماعية، والمتصدية لأي مساس بالحقوق الدستورية أو بالمستوى العام للمعيشة، وقد أثبتت منظمات المجتمع المدني المحلي استقلاليتها ودورها الريادي والوطني في منعطفات تاريخية وأحداث وطنية مهمة.   

لهذا فإنه من المستغرب أن صوت الاتحادات الطلابية، والنقابات العمالية، والجمعيات المهنية، وجمعيات النفع العام التي تشكل في مجموعها المجتمع المدني قد خفت، بشكل مؤسف، في الآونة الأخيرة تجاه القضايا العامة التي تهم المجتمع والناس عامة، إلى درجة أنه لم يعد مسموعاً في ما يتعلق بالشأن العام، فلم نشاهد، على سبيل المثال، تحركاً جدياً من الاتحاد العام لعمال الكويت أو اتحاد البترول أو حتى النقابات العمالية منفردة تجاه السياسة الاقتصادية النيوليبرالية (الخصخصة وضمنها كما صرح وزير المالية مؤخراً خصخصة النفط عدا الإنتاج وقطاعي التعليم والصحة، وأيضا تحرير الأسعار ورفع الرسوم وتخفيض الدعم الاجتماعي للسلع الضرورية)، وهي سياسة تتبناها الحكومة حالياً رغم ضررها البالغ على العمال والفئات الشعبية والمتوسطة الدنيا، في الوقت الذي تحركت فيه "غرفة التجارة" معبرة عن رأيها الصريح في الإصلاح الاقتصادي والمالي، ومعلنة موقفها المدافع عن مصالح أعضائها.

لم نر أيضاً تحركاً أو موقفاً من اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية تجاه سياسة خصخصة الجمعيات التعاونية التي بدأت وزراة الشؤون مؤخراً بتنفيذها في جمعية الدسمة وبنيد القار بالرغم من أنها ستقضي على العمل التعاوني. وقس على ذلك بالنسبة إلى مواقف باقي الجمعيات المهنية وجمعيات النفع العام من موضوع تقييد الحريات العامة، وتحميل الناس أعباء العجز المالي، لا سيما تلك التي لها دائماً مواقف تاريخية مشهودة في الدفاع عن المكتسبات الدستورية والقضايا المعيشية والوطنية العامة، فماذا حلّ بها يا ترى؟ وأين اختفت الأصوات الوطنية الصادقة التي لها دائماً دور مؤثر داخل منظمات المجتمع المدني؟ لا بد أن في الأمر أمراً لا يعرفه عامة الناس، وهو ما يتعين على العناصر الوطنية الصادقة توضيحه للرأي العام، حيث إن مسؤوليتهم هنا مضاعفة لأنهم يحملون مبادئ وأفكارا مدنية ديمقراطية، في مقدمتها الدفاع عن الحريات والحقوق العامة والعيش الكريم، وفي الوقت ذاته فإنهم يتصدون للعمل العام التطوعي من خلال وجودهم في مجالس إدارات منظمات المجتمع المدني، والذي لا قيمة وطنية له إن لم يكن من أجل الدفاع عن القضايا التي تهم الناس والمجتمع والوطن.