الكويت كانت وما زالت ونريدها أن تستمر مستقلة، نعيش فيها بحرية وأمان مع كل جيرانها، وأن نحظى باحترامهم لنظامنا الدستوري بعدم استفزازهم أو فتح المجال لمن يريد التصيد لخلق مشاكل لبلدنا، فالظروف المحيطة سيئة ودورنا أن نتعامل مع المستجدات ومع مثيري الفتن ومع من يريدون جرنا إلى الاشتباك بحكمة وروية.

Ad

ابتليت الكويت بأشخاص مثيرين للفتن، يجيدون الاستفزاز والصوت العالي الساخر من كل شيء، ولا يعرفون التعبير عن أفكارهم دون إثارة الآخرين، نعم الصراحة مطلوبة والتعبير حق، لكن الإثارة لمجرد البروز والادعاء بالشجاعة حتى لو كان على حساب الوطن، وحتى لو تسبب في إثارة الناس على بعضهم، فإنها لا تعدّ صراحة إنما هي استفزاز مرفوض لا يسبب إلا القلاقل والفتن.

وقد تسببت وسائل الاتصال الاجتماعي في شحن هؤلاء بمزيد من العنف والتطرف، فترديد تصريحاتهم المثيرة تلقى قبولا عند مستخدمي ومتابعي الإنترنت والوسائل الأخرى، وهذا النوع من البشر لا يرى في ما يكتب عنه، حتى إن كان انتقادا أو استهجانا، إلا أنه وصولٌ للشعبية والانتشار فتزداد كلماته تشنجا واستفزازا.

وقد اشتهر من هؤلاء اثنان أحدهما سلفي سنيّ والثاني سلفي شيعي، الأول استفز لردح من الزمان السنّة والشيعة، والثاني ما زال مستمرا في استفزاهما، والمشكلة أن الأول كان عضوا في مجلس الأمة والثاني ما زال عضوا فيه، أي أن الاثنين يتطلب موقعهما النيابي شيئا من الحصافة والتقدير لقيمة الكلمة وتأثيرها.

قد يكون لكل منهما رأي فيما يطرحان، وفي نظام يفترض حرية التعبير، فإن للجميع حق التعبير ولا حق لأحد في أن يحظر على التعبير، لكن هذين النائبين استمرا في إزعاج الجميع بأسلوبهما الفج وتعابيرهما المثيرة، كان بإمكانهما التعبير عن آرائهما بأسلوب هادئ مقنع، ولكن ولخلل في شخصيتهما فإنهما لا يعرفان التمييز بين الأسلوب المقبول والأسلوب المثير للفتنة.

الاثنان، وأنا أرمز بهما لأطراف في اللعبة الطائفية، لا يريان تأثير كلامهما على الوطن، وما يمكن أن يخلقه من مشاكل داخلية وخارجية، ويبدوان وكأنهما لا يباليان لو احترقت الكويت.

الكويت كانت وما زالت ونريدها أن تستمر مستقلة، نعيش فيها بحرية وأمان مع كل جيرانها، وأن نحظى باحترامهم لنظامنا الدستوري بعدم استفزازهم أو فتح المجال لمن يريد التصيد لخلق مشاكل لبلدنا، فالظروف المحيطة سيئة ودورنا أن نرفض ونقبل ما يعرض علينا بأسلوب مقنع هادئ ورزين، وعلينا أن نتعامل مع المستجدات ومع مثيري الفتن ومع من يريدون جرنا إلى الاشتباك بحكمة وروية.

بوعينا وإهمالنا لاستفزازات المستفزين يمكن تحجيمهم وإعادتهم للتعقل، والاستجابة للاستفزاز تمنح هؤلاء غرورا أكبر واستمرارا في الخطأ حتى ينجح في مراميه... ليتنا نفكر في الكويت لحظة ونحن نختار الكلمة.