مع توجه الحكومة لترشيد تكاليف ومصروفات الميزانية العامة، نظرا لوجود عجز في الميزانية لعام 2016/ 2017، وذلك نتيجة لانخفاض أسعار النفط ووصوله الى مستويات دنيا، يجب التوقف عند نقطة مهمة، ألا وهي تكاليف الدولة على المشاريع الإسكانية، التي تثقل كاهل الميزانية العامة.
فمثلا مدينة المطلاع على سبيل المثال لا الحصر كلفت الدولة ما لا يقل عن 7 مليارات دينار، وهذه الأرقام جاءت على لسان وزير الإسكان ياسر أبل في تصريحاته لإحدى الصحف المحلية خلال منتصف عام ٢٠١٥، الذي أكد أخيرا عدم تأثر المشاريع الإسكانية بالانخفاضات التي شهدتها أسعار النفط. وهنا سألت "الجريدة" عددا من العقاريين: ما السبل التي يجب على الحكومة اتباعها لتقليل تكاليف المشاريع الإسكانية دون أن تتأثر وتيرة التنفيذ؟، فكانت الإجابات متقاربة، واتفق العقاريون على أن مشاركة القطاع الخاص في عملية بناء السكن الخاص تعد جزءا من قرار ترشيد النفقات. وأكد العقاريون أن الكويت بحاجة الى تغيير المنظومة والفلسفة الإسكانية، مشيرين الى أن مشاركة القطاع الخاص تعد الجزء الاكبر من حل القضية الاسكانية التي تعانيها الكويت منذ سنوات عديدة، وفيما يلي آراء العقاريين.بداية، قال الرئيس التنفيذي في شركة إنجازات للتنمية العقارية (إنجازات) محمد الفرحان إن الحكومة لا تمتلك الإرادة في ترشيد المصروفات وتقليلها، دون أن تكون هناك شفافية وإعلان صريح عن الخطوات التي تقوم بها، مشيرا الى أنه من المفترض أن تعلن الحكومة توجهاتها وتجعل الرأي العام على صلة واطلاع بتلك الموضوعات.وأضاف الفرحان أن توجه الحكومة صحيح لترشيد الانفاق، ولكن يجب أن يكون في صورة متكاملة ومعلنة، مشيرا الى أنه يجب على الحكومة أن ترفع يدها عن بناء المشاريع المتعلقة بالسكن الخاص، حيث إن القطاع الخاص قادر على تطوير الاراضي وبناء المدن الاسكانية.وأردف أن من مصلحة الدولة أن تفسح المجال امام القطاع الخاص في بناء والمشاركة في المشاريع الاسكانية وغيرها، وأن تضع الحكومة المعايير التي تحمي وتكفل حق المواطن من القطاع الخاص، موضحا حين نصل الى تلك المعادلة سوف تتغير كثير من الأمور.وتابع: حين تفسح الحكومة المجال أمام القطاع الخاص، سوف تنجز القضية الاسكانية خلال فترة وجيزة، إضافة الى أن نسبة البطالة ستنخفض او تنعدم، وذلك من خلال إجبار القطاع الخاص على توظيف المواطنين.دور القطاع الخاصولفت الفرحان الى أن كثيرا من شركات العقارية تضطر للاستثمار في الخارج، نظرا لما تواجهها في السوق المحلي من عراقيل، إضافة القوانين التي تحد من عملها، مؤكدا أهمية القطاع الخاص ودوره في الانتعاش الاقتصادي منذ تأسيس دولة المؤسسات في البلاد.وأكد أنه لا يمكن الاستغناء عن القطاع ودوره الحيوي، حيث إن الدولة المتقدمة تعتمد بشكل كبير القطاع وإمكاناته المتطورة، إضافة الى انها عملت على إزالة كل المعوقات أمامه، وذلك من خلال تعديل التشريعات والقوانين، مطالبا الحكومة بتعديل القوانين التي تشكل عائقا أمام القطاع حتى نرى نمواً في نشاط الاقتصاد، وتكون عجلة دوران الاقتصاد أسرع.الفوائض الماليةوبدوره، قال نائب رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي في شركة الانماء العقارية، وليد العزاز: يجب على الحكومة أن تجعل من القطاع الخاص شريكا لها في عمليات بناء المشاريع الاسكانية، وهذا ما كنا نقوله مرارا وتكرارا وفي أيام كانت الدولة تحقق فوائض مالية نتيجة لارتفاع اسعار النفط آنذاك، حيث ان الدولة الآن في أمس الحاجة الى تقليل مصروفاتها في ظل الانخفاضات التي شهدتها اسعار النفط.وتابع العزاز: إن الوقت قد حان ان تتغير القوانين التي تحد من عمل القطاع الخاص في عملية بناء المساكن الخاصة، مشيرا الى أنه في حال السماح له ببناء المساكن، سوف تنخفض التكاليف على الدولة من خلال تحميله للقطاع الخاص القادر على تحملها.وأشار الى أن مشاركة القطاع الخاص في بناء المساكن تعد الجزء الأكبر من حل الازمة الاسكانية التي تعانيها الكويت منذ سنوات عديدة، مؤكدا أنه لا يوجد شح في الأراضي، إذ ان بعض الوزارات تخلت عن الاراضي التي بحوزتها، فالمشكلة تكمن في آليات التنفيذ، حيث إن قدرة الحكومة محدودة في عملية بناء المساكن، عكس القطاع الخاص الذي يمتلك القدرة الكافية على تنفيذها.منظومة متكاملةومضى العزاز قائلا إن الكويت بحاجة الى منظومة متكاملة تعيد النظر في بعض الأمور، ومنها مساحة المنازل، ومشاركة القطاع الخاص، لافتا الى أن العديد من الشركات والجهات تقدمت بدراسات عديدة تضمن حل الأزمة الاسكانية وتغير فلسفتها لتواكب التطور الحاصل في العالم.وحول قدرة الحكومة على تحمل تكاليف المشاريع الاسكانية في حال استمرار انخفاض أسعار النفط، أوضح العزاز أنه من المنطقي أن الحكومة لا تستطيع أن تتحمل هذه التكاليف في ظل الانخفاضات، إذ انه لا يوجد أمامها إلا تغيير النظام الحالي واتباع سياسات جديدة اقل تكلفة على ميزانية الدولة وأسرع في الانجاز.عالية التكلفةومن ناحيته، أوضح رئيس مجلس إدارة شركة مينا العقارية، فؤاد العمر، أن المشاريع الإسكانية التي تنفذها الحكومة عالية التكلفة وأقل في عدد الوحدات المنجزة، لافتا الى أن يجب على الحكومة أن تعيد النظر في المنظور الاسكاني ككل.وتابع العمر أن هناك خطوات يجب على الحكومة اتخاذها لتخفيض تكلفة بناء المساكن الخاصة، منها اعادة النظر في حجم المنزل ومساحته، إضافة الى طرق تمويل تلك المشاريع، والسماح للقطاع الخاص بتنفيذ المشاريع الاسكانية، حيث اثبت منذ منعها من مزاولة هذا النشاط أنها كان لها دور كبير في حل الأزمة الاسكانية وتخفيض الاسعار.وقال إن الدولة المتقدمة لا تتحمل تكاليف البناء بالكامل، بل تحمل جزءا منها على المواطن، وتسند التنفيذ على القطاع الخاص، وبالتالي لا تكون هناك أعباء مالية على ميزانية الدولة، مشيرا الى أن جزءا من حل الازمة الاسكانية يكمن في السماح للقطاع الخاص ببناء المساكن والمدن الاسكانية.أسعار النفطولفت الى أن الدولة قد لا تستطيع مع انخفاض أسعار النفط تنفيذ، أو ستواجه صعوبة في تنفيذ، البنى التحتية للمدن التي تعتزم إنشاءها، لافتا الى أن هناك الكثير من النماذج يمكن للحكومة أن تتبعها في تنفيذ وحل المشكلة الإسكانية، وهي مطبقة في كثير من الدولة المتقدمة، ومنها السماح للشركات بتطوير الأراضي السكنية، وبهذه الطريقة يمكن للمواطن اختيار المنزل المناسب، وبدورها تقوم الحكومة بتمويل لشراء المنزل.وحول قدرة الحكومة على توفير المساكن في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية التي يمر بها العالم، اشار العمر إلى أن للحكومة أولويات، ومن ضمن أولوياتها تنفيذ المشاريع الإسكانية، ولكن إذ تم تخييرها بين مشروع اسكاني وآخر يدر لها عوائد، فمن المنطقي أنها ستختار الأخير.وأكد أن الكويت تفتقد المطور العقاري، الذي يمتلك القدرة على تنفيذ المشاريع في أسرع وقت وبنماذج متطورة ومتعددة، حيث إن العديد من المطورين العقاريين هاجروا لعدم السماح لهم بالمشاركة، إضافة الى إقرار قوانين تحد من عملهم.الفرحانيجب أن ترفع الحكومة يدها عن المشاريع الإسكانيةالعزازتخفيض الإنفاق من خلال تحميله للقطاع الخاصالعمرالدولة المتقدمة لا تتحمل تكاليف البناء بالكامل
اقتصاد
العقار ومواد البناء: عقاريون لـ الجريدة•: مشاركة القطاع الخاص في المشاريع الإسكانية جزء من ترشيد نفقات الميزانية
01-02-2016