منذ إطلالتها الأولى على الشاشة خطفت يمنى شري الأنظار، إلا أنها لم تدع الشهرة السريعة تؤثّر سلباً عليها، بل ثابرت وصقلت موهبتها وثقافتها، وحققت مسيرة إعلامية طويلة، تخللتها إنجازات متتالية جعلت من اسمها رقما صعباً في مجال الإعلام المرئي والمهرجانات العربية.
حول مشوارها الإعلامي وعلاقتها بالمهرجانات العربية لا سيما الكويتية وجوانب من حياتها الخاصّة، كانت الدردشة التالية معها.أطلق الصحافي الكبير جورج ابراهيم الخوري عليك لقب سفيرة المهرجانات ما الذي حفزه على ذلك؟ابتكرت نمطاً جديداً في تغطية المهرجانات وجعلت الجمهور يعيش تفاصيلها وكواليسها، تطلّب هذا الواقع مني تعباً وسهراً وجرأة، مع ذلك استمتعت بعملي فضلا عن النوعية التي حققتها في هذه المناسبات السنوية. أخبرينا عن إطلالتك على مسرح {هلا فبراير} هذه السنة. سعدت بتقديم أحلام، فهي فنانة أحبها وأقدّرها وتتمتع بجماهرية في الخليج، كذلك سعدت بتكريم لجنة المهرجان لها، وقد صودف عيد ميلادها في الفترة نفسها فارتأيت أن نحتفل بها على المسرح أيضاً.كيف تقيّمين علاقتك بأهل الكويت؟تربطني بهم علاقة حب لها بداية ولكن لا نهاية لها، فأول مهرجان جماهيري قدمته كان {هلا فبراير}، يومها حضّرت أغنية مع الملحن زياد بطرس لهذه المناسبة، تحديداً، وكانت بمثابة {جينيريك}، ولدى وصولي إلى الكويت فوجئت بالأغنية تصدح بصوتي في شارع الخليج العربي حيث يقام المهرجان، وكأنها نشيد المهرجان، يقول مطلعها: {هلا يمنى هلا، علينا طل الحلا، هلا فبراير، قلبي طاير من الفرحة هلا}.ما الشعور الذي خالجك للوهلة الأولى؟شعور متناقض بين الخوف كوني إنسانة مسؤولة في عملي والفرح للانتشار الذي حققته هذه الأغنية {التلقائية} بسرعة فائقة...كيف تفاعل الكويتون معها؟ بحماسة وحب، كتبت الصحف يومها أن الجمهور حمل السيارة التي أقلتني إلى مكان المهرجان، وهذا حصل فعلاً... هكذا اختصر بداية رحلة النجاح والاحترام في الكويت وما زالت مستمرة بوتيرة تصاعدية.كيف حافظت على هذه الاستمرارية؟الشعب الكويتي {يا بحب يا ما بحب{، قدمت له الصدق والمحبة والاحترام وبادلني إيّاها خمسة أضعاف، لست من الإعلاميات اللواتي يحملن ورقة وقلماً ويتعاملن مع الجمهور بشكل رسمي، بل أتواصل معه بتلقائية، بعيداً عن التزلف والفلسفة. ولا أنسى وقفة شعب الكويت معي في حزني وضعفي، خصوصاً عندما تعرّض لبنان لأزمات أو ضربات من هنا وهناك، فكان الداعم الأول لي وللبنان.ما صحة ما يتردد من أن علاقتك الاستثنائية مع الشعب الكويتي أزعجت بعض المهرجانات الأخرى؟صحيح، فضلا عن تقديمي مهرجان {هلا فبراير} سنوياً، دأبت على تقديم مهرجان دبي الذي حققت فيه نجاحات، كذلك مهرجانات: {جرش} في الأردن، {قرطاج} في تونس، {المحبة والسلام} في اللاذقية وغيرها الكثير، لكن علاقتي مع {هلا فبراير} والشعب الكويتي طاغية.كيف استوعبت الشهرة التي حصدتها سريعاً من دون أن تؤثّر سلباً فيك على عكس ما يحصل مع البعض اليوم؟نعيش زمن الإعلام الصعب، فمن يشاء يطلّ على الشاشة حتى ولو مجّاناً، ثمة {فجع} غريب للشهرة، وأصبحت {قلّة الأدب} أو افتعال مشكلة على الهواء أو فضيحة آداب وغيرها، وسائل سهلة للوصول إلى الأضواء... في تلفزيون {المستقبل} لم نتربَّ على هذا المفهوم للشهرة بل على الاحترام والصدق والوفاء للعمل، وهذه العوامل كفيلة بأن تجعل الإعلامي محبوباً ومشهوراً. حين أنظر اليوم إلى مسيرتي الإعلامية وما أنجزته أمام الشاشة وخلفها، أشعر براحة نفسية وعدم خجل من أي مرحلة في حياتي وهذا هو النجاح الحقيقي.ابتكرت جوّا مختلفاً في برامج المنوعات وكسرت الحاجز القائم بين المقدّم والمتلقي، كيف تنظرين اليوم إلى وفرة هذه البرامج على الشاشة؟منذ صغري أهوى برامج المنوعات وأتابع لاري كينغ وديفيد لاترمن، وحين قدمت {الـقمر على الباب{ في 2002 انطلقت من هذا الأسلوب وحولته إلى شرق أوسطي. كنت سابقة عصري وليسمح لي الجميع بهذا القول، الدليل أنه بعد مرور 14 عاماً على البرنامج، تنتج المحطات التلفزيونية راهناً هذه النوعية.علاقة مستمرةلماذا يفضّل النجوم الظهور في برامجك؟كوني صادقة وأتقن فن الحوار، ولا أستقبل ضيفي لأحرجه أو لأبكيه على غرار ما يحصل في بعض البرامج، لا أضع اللوم في هذه الحالة على المقدّم بل على الضيف نفسه الذي يعرف طبيعة البرنامج، ورغم ذلك يقبل الظهور فيه ليعود ويلقي اللوم على المقدم، في حال واجه أي إحراج، بالتالي يغادر الحلقة.كيف تقيمين علاقتك مع النجوم بعد هذه المسيرة الطويلة؟استضفت في برامجي معظم الفنانين، محمد عبده، نبيل شعيل، أحلام، عمرو دياب، كاظم الساهر، عاصي الحلاني، ذكرى رحمها الله، عبد الرب ادريس وغيرهم... أصرّ هؤلاء على الإطلالة معي رغم الوفرة في برامج المنوعات يومها. لا أريد أن يؤخذ كلامي من باب الغرور، بل كوني فخورة بأنني بنيت ثقة بيني وبين هؤلاء النجوم الذين كانوا على يقين بأن صورتهم وشخصيتهم ستصلان بأجمل حلّة إلى الناس وبشكل متجدد ومختلف.هل يفسر قولك هذا ما صرحت به ماجدة ارومي عنك يوماً؟صحيح، في حديث أجريته معها خاطبتني قائلة: {الفتيات الجميلات يكنَّ عادة سطحيات، لذلك أتجنّب إجراء مقابلات معهن، لكنك كسرت لي هذا المفهوم}، كلامها جعلني أنظر إلى نفسي أكثر وأصقل معلوماتي وثقافتي.ما مفهومك للثقافة؟ ليست الثقافة أن نتحدث بالفصحى أو نستعرض أمام الناس ما قرأناه وحفظناه، إنما في قدرة الإعلامي على إجراء مقابلة ساعة ونصف الساعة مع مارسيل خليفة وتحقيق نجاح باهر، إجراء أول مقابلة مع الملكة نور، حصرياً بعد موت الملك حسين، ومع الرئيس بشار الأسد، وقد تحدثت عنها وسائل الإعلام كافّة عن هذه المقابلة...هذه مسيرتي التي أفتخر بها، وصدق علي جابر ونديم المنلا حين قالا: {يمنى شري حصان رابح {كيف ما كبيتو بيجي واقف}.تحضرين اليوم لبرنامج جديد، هل علاقتك المتينة مع النجوم ستسهل عليك استضافتهم فيه؟تغيرت بعض المعايير والأسس اليوم، إذ يتقاضى النجوم مبالغ طائلة للحلول ضيوفاً على برنامج معين، وهذا واقع موجع بالنسبة إلي، فمن يعمل في جهة إعلامية قادرة أن تدفع للنجوم لقاء ظهورهم على شاشته، يستقطب أي اسم يريد، وهذا ليس بالأمر العادل. لا أعرف ماذا ينتظرني، لكني واثقة من نفسي وعلى أمل أن تتسهّل الأمور.هل الشهرة التي حققتها جاءت على حساب حياتك الشخصية؟لطالما عشقت عملي ولم أكن أملك وقتاً للتفكير في حياتي الشخصية، اعترف بأنني لم أعش مراهقتي، دخلت الجامعة لأتخصص في الأدب الفرنسي كي أرضي والدي ودرست الصحافة، في آن، كوني أعشق هذا المجال، وأُتيحت لي فرصة الدخول إلى تلفزيون {المستقبل}، وبما أنني لا أرضى بـ{نصف نجاح} كرّست نفسي لعملي ودراستي ولم أدع الشهرة التي حصدتها، منذ إطلالتي الأولى على الشاشة، تؤثّر في شخصيتي واتزاني، وبقيت وفيّة لتربية أهلي وتقاليد البيت الذي نشأت فيه، وأخلصت لعملي الذي أوصلني إلى ما أنا عليه اليوم.لكنك تقدّسين العائلة، ألم تندمي على عدم تأسيس عائلة؟{يا ريت بعرف إندم} أنا متصالحة مع الوقت والزمن ولا أحسب السنوات والتواريخ والساعات، بل أنظر إلى الإنجازات والنجاحات التي حققتها، أؤمن بأن أي إنسان لا يستطيع أن ينال كل شيء في الحياة. كان من المستحيل أن أبني عائلة في ظلّ زحمة العمل التي عشتها وانصرافي لبناء اسم مشرّف في الإعلام العربي. برأيك هل يحدّ الرجل من تحقيق المرأة أحلامها في حال ارتبطت به؟المرأة الناجحة في العالم العربي مسكينة، {نحن نعيش في مجتمع ذكوري، وعلى المرأة أن تكافح للوصول إلى ما تري}، وفي حال كانت مرتبطة سيقف الرجل في دربها ولن يسمح لها بتحقيق ما تطمح إليه، من هنا من الأفضل أن تحقق المرأة طموحها قبل أن تقدم على الزواج والارتباط.ما صحة ما يتردد من أنك تلقيت عروض زواج من أثرياء وذوي سلطة؟كان من الممكن أن أكون أميرة بكل ما للكمة من معنى، لكن عروض الزواج هذه لم تغرني لتحمّلي المسؤولية منذ صغري واتكالي على نفسي، إضافة إلى تربيتي المحافظة التي جعلتني أفكر مئة مرة قبل الدخول في أي علاقة عاطفية، أو قبول عرض زواج، مهما كانت المغريات. ما زلت أبحث عن رجل يحبني لشخصي وليس لنجوميتي، فأنا لدي أخطائي ومزاجيتي ونقاط ضعفي، ولست الامرأة الجميلة الضاحكة فحسب التي يرونها على الشاشة.مهرجان الروادكيف تقيّمين مشاركتك السنوية في مهرجان الرواد؟اعتبره من المهرجانات الناضجة والمنظمة، وهو يكرم أهل الأدب والسياسة والفكر والفن الإعلام... ويقدّم إضافات جعلته مختلفاً عن الاحتفالات المشابهة، سواء من ناحية اختيار الأسماء أوالاختصار على المسرح كي لا نقع في فخ الملل.كانت الوجهة هذه السنة مصر بعد بيروت السنة الماضية، كيف تقيّمين هذه الخطوة؟ذكية وفيها تحدّ، فمصر نبع الرواد في المجالات كافة واستُقبلنا بحفاوة، وكان الحضور مميزاً ولم يقتصر التكريم على المصريين، فحسب، بل كرمت وجوه لبنانية وسورية وخليجية. التمثيل في التلفزيون والسينماماذا عن التمثيل؟بعد نجاحي في {القمر على الباب} تلقيت عروضاً مغرية، خصوصا سينمائية في مصر، لكن الفكرة لم تكن واردة عندي إلى أن تكثقت جلساتي بالمصادفة مع المنتج اللبناني مروان حداد، وكانت أول تجربة لي في مسلسل {حياة سكول}. وقد طلبت من حداد أن يجري لي {كاستينع}، كي أعرف قدرتي على تجسيد شخصية معينة، تجنباً لأي خطوة ناقصة في حياتي المهنية.هل أحببت التمثيل؟لست مغرمة به، فهو مجال صعب ويتطلب تفرغاً، من هنا أوجه تحية للممثلين المحترفين.كيف تقيمين مشاركتك في مسلسل {مثل القمر} (يعرض على شاشة أم تي في)؟أحببت شخصية لميا وهي تشبهني لأنها تمتلك قوّة وطيبة في آن، سعدت بهذه التجربة التي تحقق أصداء إيجابية لدى الجمهور.
توابل
يمنى شري: لا نهاية لعلاقة حبّي مع الكويت
02-03-2016