قرأت خبراً أن جامعة الكويت بصدد إعادة النظر في تجربتها لسنواتها السابقة، لاستشراف الجديد الذي يخرجها من الرتابة التي كانت إفرازاتها سلبية، وهذا يعني انتشال هذا المرفق الحيوي مما علق به من نقاط ضعف في مسيرته.

Ad

والخبر في حد ذاته يدعو إلى التفاؤل، ولكنني وقفت أمامه متسائلاً: لماذا إعادة النظر بالنهوض في الجامعة فقط؟!... أليست الكويت كلها مرت وتمر بتجارب فيها من السلب ما يدعو إلى إعادة النظر فيها، ومن ثم العمل على تلافيها؟

فكم يكون من الرائع لو أن المسؤولين أصدروا قراراً بتكليف الخبراء والمختصين بتحليل واقع المجتمع الكويتي المعاصر من كل جوانبه السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وانعكاس هذا الواقع على مسيرة الدولة خلال العقود الماضية... أليست هذه المهمة جديرة بهذه الدولة؟

شريطة ألا يعتمد الذين يُناط بهم شرف القيام بهذه المهمة الجليلة بالتحليل الوصفي، إنما تكون بدايتهم منطلقة من خلال الصراع القائم الآن، ووضع الحلول العملية التي يجب أن تأخذ طريقها للتنفيذ بما يُشبه العمل الثوري.

المجتمع الكويتي يعاني مخاضات طال أمدها للانتقال إلى مراحل أكثر تطوراً لدولته، التي توفرت لها كل العوامل الاقتصادية القادرة على جعلها أن تأخذ مكانها المتميز بين دول العالم.

ومما يدعو إلى الأسف أن الواقع الكويتي الآن يمر بمرحلة عجز على التغيير الذي يقرر مستقبله، بعد تهميش المشاركة الديمقراطية الصحيحة بالتدخلات السافرة -كشراء الأصوات، وترجيح نجاح كفة على كفة أخرى- ليجعلها ديمقراطية عرجاء، وقد ثبت ذلك بالفعل أثناء ممارستها العمل الديمقراطي في العقود الماضية، ثم كانت النتيجة من زرع ذلك النهج، هذا الحصاد من الكوارث التي أوصلت المجتمع الكويتي إلى أن ينقسم إلى قبائل تتشبث بقبليتها، وطوائف تتعصب لطائفيتها، وأصبحت الكراهية سائدة أكثر فأكثر في مجتمع عُرف عن آبائه وأجداده بما كانوا عليه من حب حقيقي لوطنهم، بعيداً عن كل الأمراض التي يعيشها أبناؤهم وأحفادهم في هذا الزمن المعاصر.

لقد بات من البديهي عند المواطن الكويتي إذا ما ذُكرت كلمة (فساد) اتجه بذهنه مباشرة إلى الكبار الذين هيمنوا على مقدرات وطنه.

للأسف ان معظم الحلول التي تبادر بها الجهات المسؤولة لحل إشكاليات المواطنين، لا تخرج عن حلول ترقيعية، وتهديدات ساذجة، لما تحفل به من سطحية لا تحرك ساكناً لمشاكل الإنسان الكويتي التي تتفاقم يوماً بعد آخر.

وأقولها صادقاً: ألا تستحق منكم الكويت، يا من يُفترض فيكم أن تحرصوا على جعلها أكثر تقدماً، بإعادة النظر في كل ما علق بمسيرتها من شوائب في العقود الماضية؟

هذه مجرد تداعيات عفوية من إنسان دفعته محبته إلى ما يعتقد أنها الملجأ الوحيد للوقوف بوجه الانهيار.

والله من وراء القصد