إيران: «الوسطيون» يشيدون بمكاسبهم والمتشددون يهونون من «التحولات»
حقق الرئيس الإيراني حسن روحاني وحلفاؤه مكاسب كبيرة في الانتخابات التي قد تزيد من انفتاح إيران على العالم، بعد أن أنهت حكومته عقوبات استمرت عدة سنوات، بموافقتها على تقليص برنامجها النووي.ومثلت أحدث النتائج الصادرة أمس صفعة للمؤسسة الإسلامية المحافظة، لكنها أبقت على نفوذ حاسم، بسبب النظام المزدوج الفريد من نوعه في إيران المعتمد على حكم ديني وجمهوري.
وأغلب المشرعين الذين لم ينجحوا في الاحتفاظ بمقاعدهم في البرلمان الجديد كانوا يعارضون بشدة الاتفاق النووي، ومنهم مهدي كوجاك زاده، الذي وصف وزير الخارجية محمد جواد ظريف بأنه «خائن» وروح الله حسينيان، الذي هدد بدفن المفاوضين تحت الاسمنت، لموافقتهم على تقديم تنازلات للقوى العالمية.وقالت صحيفة «ماردوم سالاري» التي فاز مدير تحريرها مصطفى كواكبيان بمقعد برلماني في طهران، وفقا للنتائج الأولية في افتتاحيتها: «هذه الانتخابات قد تكون نقطة تحول في تاريخ الجمهورية الإسلامية».وأضافت: «الإنجاز الأكبر لهذه الانتخابات، هو عودة الإصلاحيين إلى النظام الحاكم، حتى لا يصفهم أحد بعد الآن بأنهم من دعاة الفتنة أو متسللون»، مشيرة إلى أن المتشددين الذين يتهمون الإصلاحيين بأن لهم صلات بالغرب.وحصل روحاني وحلفاؤه الوسطيون والإصلاحيون على 15 من مقاعد طهران وعددها 16 مقعدا في مجلس الخبراء، الذي يضم 88 مقعدا، وفقا للنتائج النهائية في طهران.وخرج اثنان من المحافظين البارزين أحدهما رئيس المجلس.وتشير النتائج التي أعلنها وزير الداخلية عبدالرضا رحماني فاضلي إلى فوز حلفاء الرئيس حسن روحاني بكل المقاعد الثلاثين المخصصة للعاصمة طهران في البرلمان.لكن مكاسبهم خارج العاصمة جاءت محدودة، إذ أبقى المحافظون على العديد من المقاعد في المجلسين.ويرى المحللون أن الانتخابات المتزامنة للبرلمان والمجلس تمثل لحظة حاسمة لإيران، بعد سنوات من العزلة، كما تمثل تصويتا بالثقة على حكومة روحاني وسياسة الوفاق التي يتبعها مع الغرب.خروج محافظين بارزينوقال فاضلي: «كانت انتخابات صحية وقانونية وجيدة جدا»، وأضاف: «نسبة الإقبال بلغت 62 في المئة، ولم تحدث مخالفات تذكر».وأشاد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي المناهض للغرب بشدة في أول تعليق له على الانتخابات بالإقبال الكبير. ولم يعلق بشكل مباشر على النتائج، لكنه أشار إلى أن المجلسين المنتخبين حديثا يجب ألا يتأثرا بنفوذ الغرب.وفقد محمد يزدي رئيس مجلس الخبراء المتشدد مقعده. وكذلك محمد تقي مصباح يزدي المحافظ البارز الذي كان ينظر إليه على نطاق واسع، باعتباره المرشد الروحي للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. وكان الاستثناء القوي هو أحمد جنتي، الذي جاء في المرتبة الـ 16. ويرأس جنتي كذلك مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة التدقيق الدينية التي قضت بعدم تأهل غالبية المرشحين الإصلاحيين لخوض الانتخابات.وأظهرت النتائج النهائية كذلك، أن النواب المحافظين الذين عارضوا عقود إيران الجديدة في قطاع النفط والغاز التي تهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي وعارضوا كذلك الإصلاحات الاقتصادية التي اقترحتها حكومة روحاني خسروا مقاعدهم.ويقول محللون إن ذلك سيفتح الطريق أمام تغيير السياسات الاقتصادية، ما سيشجع الاستثمار الأجنبي والتجارة مع الغرب ورجال الأعمال.دعم التجارة والاستثماروكان البرلمان كابحا لخطط روحاني، لتقوية القطاع الخاص ومعالجة الفساد والترحيب بالاستثمار الأجنبي.وقال الاقتصادي سعيد ليلاز، الذي كان مستشارا للرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي: «في الشؤون الاقتصادية سيكون البرلمان القادم أفضل بكثير من البرلمان الحالي.»وأصدر خاتمي بيانا أشاد فيه بالإيرانيين، لتحقيق هذه النتائج، وطلب من المشرعين الجدد الدفع باتجاه التنمية الاقتصادية والمزيد من الحريات السياسية.واتهم حسين شريعتمداري رئيس تحرير صحيفة كيهان المقربة من خامنئي الإصلاحيين بمحاولة خلق ما وصفه بأنه «وهم النصر».وكتب يقول: «هيكل نظام إيران الحاكم يضمن ألا يغير فصيل سياسي السياسات الأساسية المتجذرة في جوهر مبادئه. تصويت الشعب يقتصر على المسؤوليات المكفولة له بالدستور».ويضع النظام السياسي الإيراني نفوذا كبيرا في يد المؤسسة الإسلامية المحافظة، ومنها مجلس صيانة الدستور الذي يدقق جميع القوانين التي يقرها البرلمان.ويشير إحصاء أجرته «رويترز» للنتائج النهائية المعلنة حتى الآن إلى أداء قوي لمعسكر روحاني والمستقلين، بحصول الإصلاحيين على 30 في المئة من المقاعد، والمحافظين على 40 في المئة، والمستقلين على 17 في المئة، وتجرى انتخابات الإعادة على 13 في المئة من المقاعد.ومثل المشرعون الموالون للإصلاح أقل من عشرة في المئة من الذين خرجوا من البرلمان.ويقول المحللون إن الأعداد الكبيرة للمستقلين قد تكون مؤثرة، إذ إنهم قد يتعاونون مع حكومة روحاني.وستجرى انتخابات إعادة على 34 مقعدا أواخر ابريل.