نجح الشعب المصري في التعبير عن رفضه للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، إذ خرجت مسيرات في القاهرة والجيزة والإسكندرية ومحافظات عدة في جمعة "الأرض هي العرض"، وشهد مقر نقابة الصحافيين بوسط القاهرة الحشد الأكثر زخماً، بينما حذر الرئيس المصري مما أسماه "الانتحار القومي".

Ad

أحرجت تظاهرات جمعة «الأرض هي العرض» النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي، بعدما كشفت عن غضب عريض للقوى المدنية الرافضة لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، والتي بموجبها تخلت القاهرة عن جزيرتي تيران وصنافير، على مدخل خليج العقبة بالبحر الأحمر للرياض، ما أثار موجة غضب غير مسبوقة في وجه نظام الرئيس المصري الذي تولى الحكم في يونيو 2014.

الوجه الأبرز لتظاهرات الأمس كان أمام مقر نقابة الصحافيين في شارع عبدالخالق ثروت، الذي شهد أكثر الاحتجاجات غضبا في السنوات الماضية، ونجحت تظاهرات «الأرض» في إعادة مشهد المسيرات الاحتجاجية إلى الشارع المصري، الذي غاب منذ إقرار قانون التظاهر المثير للجدل في نوفمبر 2013، واستطاعت القوى المدنية البرهنة على قدرتها على الحشد لمعارضة النظام في قضية مست وجدان المصريين، في ما يخص التنازل عن الجزيرتين في اتفاق تم في سرية تامة، بعيدا عن الرأي العام المصري.

وفور انتهاء صلاة الجمعة احتشد عشرات المتظاهرين أمام مسجد مصطفى محمود في حي المهندسين بالجيزة، وهتفوا ضد الاتفاقية، قبل أن تتدخل قوات الأمن التي أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، كما ألقت القبض على البعض منهم، وهو ما تكرر أمام مسجد الاستقامة بميدان الجيزة، بينما شهدت عدة مدن أخرى كالسويس والمنصورة تظاهرات مماثلة، وشهدت مدينة الإسكندرية الساحلية تظاهرة محدودة أمام مسجد القائد إبراهيم، فرقتها قوات الأمن، التي ألقت القبض على 20 شابا.

وقفة النقابة

وفي القاهرة، تحول مقر نقابة الصحافيين إلى مركز الحدث الرئيسي، إذ اجتمعت أمامه معظم المسيرات التي انطلقت في أحياء العاصمة، واحتشد آلاف المتظاهرين أمام النقابة، ورددوا هتافات مناوئة للنظام الحالي، من بينها: «ثوار أحرار هنكمل المشوار»، و»عيش حرية... الجزر دي مصرية»، كما رفعوا لافتات تحمل شعارات «مصر مش للبيع»، و»تيران وصنافير مصرية»، و»عواد باع أرضه»، و»لسه الثورة مستمرة»، في حين ظهر الشعار الأبرز لثورة «25 يناير 2011»، «الشعب يريد إسقاط النظام» على استحياء في تظاهرات الأمس.

وشهدت الوقفة الاحتجاجية أمام النقابة وجودا أمنيا مكثفا، حيث انتشرت قوات الأمن، وعناصر من الشرطة بالزي المدني في محيط النقابة، وحاصرت القوات الموجودة جميع المنافذ المؤدية إلى مكان تجمع المتظاهرين أمام النقابة، بينما جابت عربات التدخل السريع جميع شوارع وسط القاهرة، وأغلقت قوات الأمن جميع مداخل ميدان التحرير.

السيسي يتجاهل

من جهته، تجاهل الرئيس تظاهرات جمعة «الأرض»، وركز على تفقد مشروع المدينة التي تقام أعلى هضبة جبل الجلالة بمنطقة البحر الأحمر، وتضم العديد من المشروعات السياحية والخدمية، فضلا عن إقامة جامعة الملك عبدالله، وتمسك السيسي بقرار التنازل عن تيران وصنافير وسعودتهما، قائلا: «جزيرتا تيران وصنافير موجودتان على الناحية الأخرى من الشاطئ، ولكنهما أرض غيرنا، وهنا هي أرضنا، وعلينا أن نعمرها ونحافظ عليها».

وجدد السيسي، في لقاء بعدد من شباب البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة وشباب الجامعات والصحافيين تحذيره الذي أطلقه الأربعاء الماضي من الانتحار القومي، وأوضح أن ترويج الإحباط متعمد لتحطيم المعنويات وهدم إرادة المصريين، وأن الهدف «هو كسر إرادتنا وتحطيم نسيجنا»، وتابع: «نموت قبل أن يمس أحد مصر بسوء».

زيارة هولاند

وعلى صعيد العلاقات بين القاهرة وباريس، تنهي مؤسسات الدولة المصرية استعدادتها اليوم لاستقبال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي يبدأ زيارة رسمية غدا، ويستعد البرلمان المصري لزيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي لمقره، حيث بدأت الأمانة العامة لمجلس النواب في عدة تحركات وتجهيزات خاصة بالزيارة، التي تعد الثالثة التي يستقبل خلالها المجلس الحالي أحد الحكام.

في الأثناء، أعلن رئيس مجلس النواب علي عبدالعال أن جلسة الأربعاء المقبل، ستشهد التصويت على برنامج حكومة شريف إسماعيل ومنحها الثقة أو سحبها منها.

رقابة فيسبوك    

في سياق قريب، كشف مصدر رفيع المستوى لـ»الجريدة»، أن البرلمان يعد حاليا قانونا جديدا لفرض قيود جديدة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها «فيسبوك» و»تويتر»، وأن ذلك جاء في أعقاب انتقاد الرئيس السيسى، لمواقع التواصل الاجتماعي، خلال كلمته يوم الأربعاء الماضي، وأن المجلس استعان بقانونيين لصياغة مشروع القانون ليضمن عدم نشر أي معلومات تتعلق بالأمن القومي، وتخصيص عقوبة لمن يخالف ذلك.

رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «المؤتمر»، أحمد حلمي الشريف، قال لـ«الجريدة»، إنه يعمل على إعداد مشروع قانون لتنظيم مواقع التواصل الاجتماعي سيتم تقديمه للبرلمان خلال الفترة المقبلة، ومن ضمن الضوابط الجديدة أن يكون تأسيس الصفحة الشخصية بالرقم القومي، بهدف التوثيق والتحقق من شخصية المستخدم ودقة المعلومات التي تنشر.

سيناء

من جهة أخرى، وبعد يوم من إعلان القوات المسلحة المصرية تنفيذ القوات الجوية ضربات ضد عدد من البؤر الإرهابية في سيناء، قال مصدر أمني لـ «الجريدة» أمس، إن العمليات أسفرت عن مقتل 30 «تكفيريا» وإصابة مثلهم.