فجر يوم جديد: «نوارة»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
الخيال الغائب، باستثناء اجتهادات محدودة للغاية، قاد الفيلم إلى الوقوع في فخ «التقريرية»، وكأننا حيال فيلم تسجيلي يرصد فترة ما بعد سقوط «مبارك»، فالإشارة واضحة إلى فترة حكم المجلس العسكري، والتحفظ على مبارك ونجليه، وغيرها من الحوادث «المحفوظة»، بينما بالغت المؤلفة/ المخرجة كثيراً في اللعب على وتر «الوهم»، والتغرير بالبسطاء عبر الإيحاء بأن الحياة الوردية في انتظارهم، بعد استرداد الأموال المهربة والمنهوبة، وأفسد التكرار المعنى والرسالة! في سياق ليس ببعيد، لا يمكن تجاهل التميز الواضح للعناصر الفنية، خصوصاً موسيقى السورية ليال وطفة وتصوير زكي عارف وديكور هند حيدر، والأداء الهادئ والسلس للممثلة منة شلبي لدور «نوارة»، وفهمها الشخصية، ووعيها بخلفيتها الاجتماعية، ومحدودية ثقافتها السياسية (لاحظ مشهد نجاحها في قهر خوفها من الكلب وتمكنها من السيطرة عليه بكل ما يحمله من دلالات وإسقاطات)، وجاء أداء محمود حميدة الواثق، المتمكن، المسيطر على شخصية «أسامة»، والدارس لها، والملم بجوانبها، ليمنح الشخصية والفيلم بريقاً ووميضاً، على عكس أداء أمير صلاح الدين الذي شابه التوتر، ربما الخلل في كتابة شخصية «علي»، الذي يتحدر من أصول نوبية، وشهدت شخصيته انقلاباً غير مبرر بين الشر والخير، خصوصاً أن ملامحه توحي دوماً بالبلطجة، وتتناقض مع الغرام الزائد التي تكنه «نوارة» تجاهه، وتنقلب بسببه على مبادئها التي ترفض خلالها إغراءاته بإتمام زواجهما في الفيلا التي تخدم بها، ولا ترى بديلاً عن الدخول في بيت الزوجية. وفجأة تتنازل عن كل هذا، وتغرق معه في بحور العسل!هنا، وعلى عكس سيطرة المخرجة هالة خليل على أداء منة شلبي، ونجاحها في استخراج أفضل ما في جعبتها، بدليل انتزاع جائزة أفضل ممثلة في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، يتراجع أداء القديرين أحمد راتب ورجاء حسين، فالأول أدى دور «عبد الله»، الذي يعمل لدى رجل الأعمال، برتابة، وشحوب، وبلا حماسة، وكأنه اكتفى بأداء الواجب، بينما جسدت رجاء حسين شخصية الجدة «توحة»، التي تبيع السندويتشات من نافذة بيتها بالطابق الأرضي، وكأنها تراهن على جائزة، كالتي حصلت عليها أمينة رزق في فيلم «أريد حلاً»، فكانت النتيجة مخيبة للآمال. لكن الطامة الكبرى تمثلت في أداء عباس أبو الحسن شخصية «حسن»، الذي غلب عليه الانفعال بشكل مبالغ فيه، والتوتر من دون سبب!عانى فيلم «نوارة» في السيناريو فقراً في الخيال، لم يعوضه اجتهاد المخرجة، التي كان بمقدورها أن تترك مسؤولية صياغة الفكرة الأخاذة (الثورة راح ضحيتها الفقراء) لكاتب سواها لتتفرغ لمسؤوليتها الكبيرة، وحملها الثقيل!