وثيقة لها تاريخ : جاسر بن فوزان السميط يوثق وقفاً في «أم النعّاج» عام 1812م

نشر في 19-02-2016
آخر تحديث 19-02-2016 | 00:04
No Image Caption
في المقال السابق نشرت وثيقة لوقف كويتي في البصرة عام 1912م، واليوم أقدم للقراء الكرام وثيقة أخرى أعتبرها من روائع الوثائق التاريخية المرتبطة بتاريخ أهل الكويت، وتتعلق بأسرة "السميط" الكريمة. الوثيقة، التي يعود تاريخها إلى عام 1812م، تتميز بجمال الخط، وقوة المفردات، إضافة إلى موضوعها النادر، وهو وقف قديم لأحد أعيان الزبير في ذلك الوقت جاسر بن فوزان السميط، رحمه الله.

وسنتناول تفاصيل الوثيقة في مقالين بسبب أهميتها وحجمها الكبير، ولكن قبل الدخول في نص الوثيقة، أود أن أشير إلى أن مجموعة من أسرة السميط هاجرت إلى مدينة الزبير من منطقة "حَرْمَة" في نجد في القرن الثامن عشر، ثم نزحت مجموعة منها إلى الكويت بعد مقتل جاسر السميط عام 1827م. في بداية الوثيقة نجد أن كاتبها قاضي البصرة ياسين بن مصطفى أفندي يؤكد بأسلوب منمق وجميل أهمية فعل الخيرات، ويشير إلى أن العمل الدائم هو العمل الصالح المخلص لوجه الله تعالى... فيقول: "الحمد لله الذي وفق من شاء من عباده لفعل الخيرات، ويسّر لهم اصطناع أنواع الصلة والمبرّات، وواعدهم بالمجازات يوم تُبدل الأرض غير الأرض والسماوات، وجازاهم الواحدة بعشرة، وأثبتها لهم في صحيفة لا تبلى بكثرة (الظي) والنشر، والصلاة والسلام الأكملان على كمال الموجدات وأشرف المخلوقات، المخاطب بقوله لولاك ما خلقت الأفلاك، وعلى آله وأصحابه، ليوث الوعى، نجوم الهدى، ما (ظل) ركب واهتدى، وغاب نجم وبدى".

بعد ذلك، يشرح القاضي لقارئ الوثيقة أن الهدف من تحريرها هو توثيق أمر شرعي يتضمن وقفاً لجاسر بن فوزان السميط، فيقول: "فهذه حجة صحيحة شرعية الألفاظ والمعاني، ووثيقة صريحة الأذكار والمباني، يعرب مضمونها ويوضح مكنونها عن ذكر ما هو أن الرجل الكامل في عقله، الرشيد في فعله، المدعو الحاج فوزان بن جاسر السميط، و(عض) نفسه وقال إني عرفت الدنيا الدنية حق العرفان، وأيقن أنه ومن عليها فان، دار لا يدوم نعيمها، ولا يعافى سقيمها، غنيها سكران، وفقيرها حيران، أولها رفعة المنازل والقصور، وآخرها ظلمة المحافر والقبور، صفوها كدر، وذهبها مدر، وفي تقلبها عبرة لمن اعتبر، لا دوام لها ولا ثبوت، وإنما هي كبيت نسجته العنكبوت، ظلها زائل ونعيمها مايل، فطوبى لمن سمع الحق ووعى، وعلم أن ليس للإنسان إلا ما سعى".

واستطرد كاتب الوثيقة في إثبات أن الواقف، وهو السميط، قد قام بهذا الوقف رغبة في المثوبة من الله تعالى، وحرصاً منه على عمل الخير الذي هو أدوم وأنفع للإنسان، فقال: "وأنفق في وجوه الخير ما فضل عنه وزاد، واقتدى بقول الملك الخلاق (ما عندكم ينفد وما عند الله باق)، ونظر إلى الحديث القدسي "(يقول ابن آدم مالي مالي وليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ولبست فأبليت وأنفقت فأبقيت)، وعمل بقول سيد ولدي آدم من ذكور وإناث (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية)، فعند ذلك أوقف (أي جاسر السميط) أوقفه الله على بساط القرب، وحبس الله عنه جميع المكاره والرعب، ما هو له وملكه وبيده وتحت حوزه وتصرفه إلى حين صدور هذا الوقف منه".

نتوقف عند هذا الحد في مقال اليوم، ونكمل إن شاء الله في المقال المقبل.

back to top