«شكة دبوس»!
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
هذه الطزاجة على صعيد المعالجة تركت آثارها الإيجابية على صعيد الشكل السينمائي، فالمخرج أحمد عبد الله صالح استثمر تطبيقات الهواتف الذكية ليُضفي على الشاشة بريقاً وجمالاً، ونجح في توظيف الصورة (كاميرا إسلام عبد السميع) والمونتاج (رجب العويلي) لتكثيف الشعور بالشك والحيرة، فالتغريدات والبوستات تحاصر البطل، وتطارده، وهو ما تعكسه موسيقى عزيز الشافعي، لكن مؤثرات رامي علاء الدين جاءت مباشرة في ارتباطها بظهور شخصية «عمرو»، وكأنها تقول للمشاهد «احذر أمامك شرير!»، وجاءت مشاهد العصابة، التي اكتراها «سيف» لتأديب صديقه «عمرو»، والوكر الذي اقتيد إليه لانتزاع اعترافه «خارج السياق»، ومتنافرة مع الشكل تماماً مثل الخلط الواضح، وعدم الاستقرار على نوعية الفيلم، بين «الرومانسية»، و{السيكودراما» و{الأكشن» و{التشويق»، بل إن فحيح الجنس يكاد يملأ أرجاء المشاهد التي تحوم فيها الشبهات حول «شاهي»، وتؤكدها تصرفاتها الملتبسة، وهو الأمر الذي يتكرر مع شخصية سامية الطرابلسي، التي تؤدي دوراً في كشف حقيقة شخصية «عمرو»، كنوع من التشفي فيه، بعد رفضه الارتباط بها، وتفضيله «شاهيناز» عليها. ورغم نجاح المخرج أحمد عبد الله صالح في تكثيف جو الغموض والإثارة، والاحتفاظ بعنصر المفاجأة حتى اللحظة الأخيرة من دون أن يُمكن الجمهور من التنبؤ بها، فإن الخلل يبدو واضحاً في تسكين الأدوار، واختيار طاقم تمثيل قليل الخبرة، الأمر الذي انعكس سلباً على أداء خالد سليم ومحمد شاهين ونسرين أمين وسامية الطرابلسي وسامي مغاوري وسعيد صديق، الذي أدى دور والد البطلة مي سليم. وتُعد الأخيرة الاستثناء الوحيد كونها نجحت في إقناعنا بأنها ضحية ومظلومة على عكس مشاهد كثيرة مقحمة لم يكن لها أي مبرر، وكانت سبباً في عدم اقتناع المتلقي بما يراه على الشاشة، كالاستعانة بصور عبد الناصر والسادات والسيسي، والإشارة بقبح وترخص إلى عمليات استعادة العذرية أو ترميم غشاء البكارة «اللي تخلي الواحدة ع الزيرو في نصف ساعة»، والإيحاء بفجاجة إلى أن «سيف» أعطى أوامره للعصابة بإخصاء «عمرو» جزاء له على فعلته الدنيئة في حقه، وحق خطيبته. وبعيداً عن هذا جاءت النهاية مثيرة، ويكتنفها الغموض، ومتوافقة بدرجة كبيرة مع المعالجة العصرية، حيث ظهر الشرير «عمرو» وهو يعاود الاتصال بالاسم المستعار لكنه يفاجأ بعدم وجود إشارة في الهاتف، وعندما يتم التفعيل يمحو الاسم وكأنه يمحو ذنباً ارتكبه!المُدقق في فيلم «شكة دبوس» يخالجه شعور أنه فيلم رجعي يناهض التقدم والتكنولوجيا، إذ لا يخلو مشهد من صب اللعنات على الهواتف الذكية، وتحميلها مسؤولية كل الشرور والمصائب التي تحل بالبشر، وكأن العالم من دون طفرة تكنولوجية أفضل، وهو نوع من تكريس التخلف والجمود والرجعية لا يليق تبنيه أو الدعوة إليه في القرن الحادي والعشرين!