تعديل لائحة «العلاج بالخارج»... ذرّ للرماد في العيون
خمسة تعديلات من 2008 إلى 2016 دون وقف لـ «العلاج السياحي»
عدلت وزارة الصحة خلال الفترة بين عامي 2008 و2016، لائحة العلاج بالخارج 5 مرات، ويبقى الخلل ليس في النصوص، بل في الاستثناءات السياسية، فهل يكون التعديل الجديد لذرّ الرماد في العيون؟ أم يكون علاجاً حقيقياً؟
عدلت وزارة الصحة خلال الفترة بين عامي 2008 و2016، لائحة العلاج بالخارج 5 مرات، ويبقى الخلل ليس في النصوص، بل في الاستثناءات السياسية، فهل يكون التعديل الجديد لذرّ الرماد في العيون؟ أم يكون علاجاً حقيقياً؟
مرة أخرى، تدخل لائحة العلاج في الخارج غرفة عمليات المسؤولين في وزارة الصحة؛ لإعادة كتابتها، وتحديث لائحتها، بعدما أصبح هذا الملف دسماً بما فيه الكفاية ليشكل أزمة سياسية مستمرة و«صداعاً» لوزارة الصحة، بعد أن «فلتت» الموافقات عن الأرقام المعقولة، وأصبحت حديث تقارير ديوان المحاسبة السنوية.فخلال الفترة بين عامي 2008 و2016، غيّرت «الصحة» لائحة العلاج بالخارج 5 مرات بعد أكثر من وزير، نذكر منهم عبدالله الطويل عام 2008، وهلال الساير عام 2010، وعلي العبيدي في الوزارة الأولى عام 2012، ومحمد الهيفي عام 2013 وعلي العبيدي مرة أخرى عام 2016.
العلاج السياحيوعلى الرغم من التعديلات التي أدخلت إلى لائحة العلاج في الخارج فإنها لم تتمكن من القضاء على ما أصبح يعرف سياسياً بـ»العلاج السياحي»، بل إن الأعداد التي كانت تنحصر ما بين الـ 2000 والـ 3000 حالة سنوياً ما قبل السنة المالية ٢٠١٤/2015 تصاعدت بشكل لافت في الميزانية الماضية لتصل الى أكثر من 11 ألف حالة بميزانية قدرها ٤٦٣ مليون دينار كويتي، وهو الرقم القياسي الأكبر الذي سجله العلاج في الخارج، سواء على مستوى أعداد المرضى، أو الكلفة المالية.وزارة الصحة، بدورها، أخذت خطوة تقليص مخصصات المرضى المبتعثين بغية مواجهة الهدر المالي، بعد انتقادات من القيادة السياسية ومجلس الوزراء، لكن هذه الخطوة لاقت رفضاً نيابياً وسياسياً لأنها جاءت على حساب المعيشة اليومية للمرضى، ولم تصلح ما اعتبروه أساس الفساد والخلل، أي ابتعاث المتمارضين.رفض نيابييقول رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم: «أتمنى على الحكومة مراجعة قرارها بشأن تخفيض مستحقات العلاج بالخارج، بما لايؤثر على مستحقيه الفعليين»، مؤكداً أنه مع تقليل الهدر بالعلاج بالخارج والمتمثل في «العلاج السياحي» من خلال وضع الضوابط السليمة المانعة له والمحافظة على المستحق».النائب راكان النصف بدوره، أكد أن القرار دليل على فشل الوزارة في مواجهة العلاج السياسي والسياحي، لافتاً إلى أن الأصل هو محاسبة المتسببين في إرسال المتمارضين إلى الخارج، وهو ما تسبب في تضخم ميزانية العلاج.وينظر مجلس الأمة في جلسته المقبل في الأول من مارس طلباً نيابياً من 18 نائباً لمناقشة قرار تقليص المخصصات.ولم يغب الاستجواب على خلفية تقليص المخصصات عن المشهد النيابي إذ لوح النائب د. عودة الرويعي باستجواب وزير الصحة د. علي العبيدي على غرار تخفيض مخصصات العلاج في الخارج، موضحاً أن مسؤولية الوزير العبيدي قائمة.ديوان المحاسبةأين الخلل في الهدر المالي في ملف العلاج في الخارج؟ هل هو قيمة المخصصات التي تم تخفيضها أم لائحة الابتعاث التي فتحت باب الموافقات على مصراعيه؟ أم هما الاثنان معاً؟ هناك اتفاق شعبي عام على أن المحتاج فعلاً إلى العلاج في الخارج، قد لا يجد هذا الحق، بينما يحصل عليه من لا يحتاج ويسافر إلى الخارج لـ»السياحة»، خصوصاً أن أغلب الحالات، التي لا تستحق السفر تصر على السفر في فصل الصيف حيث الأجواء لطيفة في دول الغرب، التي يسافرون إليها، مما يعني أنهم لا يحتاجون إلى العلاج.وهناك أدلة وتقارير رصدها ديوان المحاسبة عن وجود أكثر من 6500 حالة أرسلت إلى الخارج نتيجة تدخلات نيابية وسياسية، وكشف عن وجود أكثر من خمسة آلاف حالة، انتهت تقارير اللجان الطبية بوجود علاج لها في الكويت، لكن اللجنة العليا غيّرت قرار الرفض إلى الموافقة، مما يعني وجود فساد في هذا الملف «الصحي والإنساني»، وتحويله إلى ملف سياسي، كما فتحت التدخلات السياسية الأبواب على مصراعيها لتسفير «الحظوة» على حساب المحتاجين فعلاً إلى العلاج وهم الضحية.الجهاز الإداريوأمام هذا المشهد العام لملف العلاج في الخارج، يجيب المراقبون على التساؤلات بالقول، إن الخلل يكمن في الجهاز الإداري، الذي يدير العلاج في الخارج، لاسيما أن التعديلات والتحديثات على لائحة العلاج لم تتغير جذرياً، وما تغير هي الأعداد التي ابتعثت نتيجة الموافقات السياسية والانتخابية، والميزانية، التي قاربت من النصف مليار دينار كويتي العام الماضي.ويسلط المراقبون الضوء على قرار الوزير العبيدي تشكيل اللجنة التي ستعيد النظر في اللائحة، فهم يرون أن أغلب الأسماء التي وضعها العبيدي هي نفسها المسؤولة اليوم عن تضخم أعداد المبتعثين المرضى، وهم من كانت في عهدهم الموافقات السياسية، مما يطرح تساؤلاً «هل يمكن للمريض أن يعالج نفسه؟».أخيراً وليس آخراً، أمام لجنة الوزير الجديدة لوائح سابقة للعلاج في الخارج، وأمامها كذلك المخالفات التي رصدها ديوان المحاسبة والملاحظات التي أثارها النواب، ويدرك العبيدي جيداً أن الخلل ليس في النصوص، بل في الاستثناءات السياسية، فهل يكون التعديل الجديد لذرّ الرماد في العيون؟ أم يكون هناك علاج حقيقي يبدأ من المتسببين... وقد يكون الوزير العبيدي أولهم لأنه المسؤول سياسياً؟10 آلاف كويتي تلقوا العلاج في ألمانيا العام الماضيقال السفير الألماني لدى البلاد أويغن فولفارت في تصريح خاص لـ «الجريدة» إن نحو 10 آلاف كويتي، مع مرافقيهم، تلقوا العلاج في المستشفيات الألمانية خلال العام الماضي.وأضاف أن هناك اهتماما كبيرا بتحسين المستوى العلاجي، «وهذا ما جعل ألمانيا وجهة محببة لكل من يرغب في العلاج».لا اختلافات عميقة بين اللوائح لا يبدو أن التغييرات التي طرأت على لائحة العلاج بالخارج خلال السنوات الثماني الماضية كبيرة وعميقة، فجميعها تتحدث عن إجراءات وآليات تقديم الطلب، ثم تشكيل اللجان الطبية التخصصية في المستشفيات العامة أو التخصصية أو اللجنة العليا، والشروط الواجب توافرها في المرافق، ثم تذاكر السفر والمخصصات المالية للمرضى والمرافقين، التي تغيرت أكثر من مرة خلال السنتين الماضيتين.إلا أن اللافت للنظر، أن لائحة العلاج بالخارج التي صدرت عام 2013، وأصدرها وزير الصحة حينذاك الشيخ محمد العبدالله، في منتصف أغسطس 2013، ألزمت بضرورة اعتماد الموافقة على إرسال الحالات التي توصي بها اللجنة الطبية والمراكز التخصصية للعلاج بالخارج.