غداة جلسة برلمانية ساخنة سادها هرج ومرج وتعارك بالأيدي، شهد العراق، اليوم، انشقاقاً نيابياً واسعاً تبعه انقلاب برلماني على رئيس مجلس النواب سليم الجبوري (سنّة)، من قبل جزء كبير من النواب الـ 174 المعتصمين في البرلمان، والذين ينتمون الى كتل متعددة خصوصا ائتلاف "دولة القانون" التابع لحزب "الدعوة" بزعامة نوري المالكي، وكتلة "الأحرار" التابعة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، وكتلة "الوطنية" بزعامة رئيس الحكومة السابق اياد علاوي الذي انضم أمس الى المتعصمين تحت قبة البرلمان.

Ad

وبعد حديث عن زيارة مقتدى الصدر الى بيروت، وتردد أنباء عن توجه المالكي الى هناك، حيث سيقوم زعيم حزب الله حسن نصرالله بوساطة بينهما، خرج حساب على فيسبوك، معروف أن الصدر يستخدمه للتدوين بطريقة غير رسمية معلنا: "المالكي بره العبادي بره"، ما اعتبر نفيا لنية الصدر مصالحة المالكي.

وجاءت هذه الخطوة لتقضي على جلسة مجلس النواب التي كانت مقررة غداً ليقدم فيها رئيس الوزراء حيدر العبادي تشكيلة وزارية جديدة.

وبدأت الأزمة إثر تعليق الجبوري جلسة كانت منعقدة الثلاثاء، بهدف التصويت على لائحة من 14 مرشحاً لعضوية الحكومة قدمها العبادي بعد التفاوض مع رؤساء الكتل السياسية، رفض عدد كبير من النواب التصويت عليها، مطالبين بالعودة إلى لائحة أولى تضمنت أسماء 16 مرشحا من تكنوقراط ومستقلين فقط، لكنه اضطر الى تعديلها بضغط من الأحزاب السياسية التي تتمسك بتقديم مرشحيها الى الحكومة.

وصوت النواب المعتصمون لمصلحة إقالة رئيس المجلس. وقال عدنان الجنابي، الذي ترأس الجلسة، لكونه الأكبر سنا، وبسبب غياب الجبوري عنها، لصحافيين: "نزف بشرى للشعب العراقي بإسقاط أول رأس من رؤوس المحاصصة"، مضيفا: "بعد اكتمال النصاب القانوني، قدم 174 نائبا طلبا موقعا بشكل قانوني لإقالة هيئة رئاسة مجلس النواب، المؤلفة من رئيس البرلمان (سليم الجبوري) ونائبيه (همام حمودي وارام شيخ محمد)، وتمت بشكل دستوري، وسيتم يوم السبت فتح باب الترشح لعضوية ورئاسة هيئة رئاسة جديدة".

الا أن مصادر أكدت ان 130 نائبا فقط شاركوا في جلسة الإقالة، ما يعني انها لم تكن مكتملة من حيث النصاب القانوني.

وكان النواب المعتصمون طالبوا أمس باستقالة الرئاسات الثلاث، أي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب.

ووفق العرف الذي يحكم نظام المحاصصة في العراق، فإن منصب رئيس الجمهورية يمنح للأكراد، ومنصب رئيس الحكومة للغالبية الشيعية، ومنصب رئيس مجلس النواب للأقلية العربية السنية.

وقال رئيس البرلمان المؤقت، عدنان الجنابي، إن "مجلس النواب عقد جلسته بعد امتناع هيئة الرئاسة عن الحضور"، مبينا أن "مجلس النواب اتخذ إجراءات قانونية وفق المادة 11 للاستمرار بعمله وفق الأصول الدستورية التي نلتزم بها".

وأضاف الجناني، أن "مجلس النواب اختار رئيسا مؤقتا بحسب القانون الذي يلزم رئيس مجلس النواب انتخاب رئيس ونائب أول ونائب ثان في جلسة اعتيادية"، محددا "الساعة العاشرة من صباح السبت لقبول الترشيحات والتصويت لرئاسة مجلس النواب".

من جانبه، قال المتحدث باسم النواب المعتصمين هيثم الجبوري إن "171 نائبا صوتوا على تكليف عدنان الجنابي لرئاسة البرلمان بشكل مؤقت". وأضاف الجبوري أن "النواب سلموا طلبا بإقالة الرئاسات الثلاث إلى الرئيس المؤقت للبرلمان موقع من 174 نائبا"، مبينا أن "الجنابي عرض إقالة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري والنائب الأول السابق همام حمودي وارام للتصويت، حيث تم التصويت بالأغلبية".

وكان النائب عن كتلة الأحرار حاكم الزاملي أعلن أن جلسة البرلمان ستعقد بعد ساعة من الآن، بناء على طلب رئيس مجلس النواب سليم الجبوري مهلة للاجتماع بكتلته قبل عقد الجلسة، وأبدى إصرار النواب المعتصمين على إقالة رئاسة البرلمان ومن ثم رئاسة مجلس الوزراء، وأكد أن رئاسة البرلمان من حصة المكون السني، وسيتم اختيار شخصية من ذلك المكون لخلافة الجبوري.

واتهم النائب عن ائتلاف دولة القانون، كاظم الصيادي، الرئيس سليم الجبوري بـ"تعمد تأخير عقد جلسة البرلمان المقرر عقدها اليوم، على الرغم من وجود 200 نائب في كافتيريا مجلس النواب، وأكد أن رئاسة مجلس النواب تخشى عقد الجلسة "خوفا من حجب الثقة وإقالة الرئاسات الثلاث"، وفي حين أشار إلى أن الجلسة الطارئة مازالت مفتوحة وفقا للسياقات القانونية، عدّ رفعها ايوم "مخالفا للأعراف والسياقات القانونية".

الجبوري

ولاحقاً، اعتبر الجبوري، في مؤتمر صحافي، أن "ما حصل تخلله أخطاء قانونية ودستورية، ولن يؤثر على سير عمل البرلمان"، لافتاً إلى أن "جلسة اليوم كانت مخصصة لاستضافة رئيس الحكومة وعرض تشكيلته الوزارية ولم يأت، والنصاب لم يكتمل".

واعتبر الجبوري أن "الذين يطالبون بالإصلاح يجب تلبية طلبهم، والوضع الذي نمر به خطير ويحتاج إلى توافق وطني"، مشيراً إلى أن هناك "جلسة للبرلمان الأسبوع المقبل، ولا مانع من طرح قضية إقالتي".

وكان مجلس النواب بانتظار حضور العبادي الجلسة لتقديم "تعديلات نهائية" على تشكيلته الحكومية للتصويت عليها بعد إجرائه تغييرا شمل تسمية وزراء تكنوقراط مستقلين أكاديميين بدلا عن أغلبية وزراء حكومته الحاليين المرتبطين بأحزاب سياسية، الأمر الذي تعارضه الأحزاب المتمسكة بسيطرتها على البلاد.

(بغداد- أ ف ب، رويترز، السومرية، المدى برس)