في أول تعليق له على اتفاق وقف إطلاق النار، تعهد الرئيس السوري بشار الأسد بعمل كل ما في وسعه لإنجاح الهدنة، داعياً معارضيه لإلقاء السلاح قبل الدخول في العملية السياسية مقابل العفو عنهم، وذلك بالتزامن مع تحذير حليفه الأبرز في إيران من أن توقف القتال ذریعة وفخ لإطاحة نظامه.

Ad

وعد الرئيس السوري بشار الأسد بالعمل على احترام الهدنة، التي دخلت حيز التنفيذ السبت برعاية حليفته موسكو وبالاتفاق مع واشنطن، مؤكدا أنه سيفعل ما هو منوط به "من أجل إنجاح كل ذلك".

في مقابلة مع التلفزيون الألماني العام بثت أمس، وصف الأسد اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تبادل مع خصومه في المعارضة الاتهامات بانتهاكها عشرات المرات، بأنها "بصيص أمل"، مقترحا على مقاتلي المعارضة عفوا عاما والعودة إلى الحياة المدنية مقابل تخليهم عن سلاحهم.

وإذ أقرّ بأن الشعب السوري يعيش "كارثة إنسانية"، نفى الأسد اتهامات بأن قواته تمنع نقل مؤن وأدوية الى المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة.

وحذر مستشار المرشد الإيراني الأعلى، رئيس مرکز الدراسات الاستراتیجیة لمجمع تشخیص مصلحة النظام، علی أکبر ولایتي، الأسد من أن وقف إطلاق النار فخ أميركي وذریعة لتغییره، مشيراً إلى أن "أهداف أميركا لیست حسنة وترمي من هذا الاتفاق لتغییر الحكومة الشرعیة".

وشدد ولایتي علی أن "مصیر الأسد تحدده إرادة الشعب السوري ولیس قرار الأمم المتحدة أو سائر الدول والحكومات"، موضحاً أن "هؤلاء ما استطاعوا تحقیق ذلك عبر الحرب، لذلك أحالوا الموضوع الی مجلس الأمن وقرروا رحیله وإحلال محله حكومة عمیلة لأميركا"، مؤکدا أن "طهران تتصدى بشدة للخطوة الأمیرکیة".

طاولة المفاوضات

وفي جنيف، اتفق الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، على الحاجة الماسة لتنفيذ وقف الأعمال القتالية وتقديم المساعدة الإنسانية الضرورية للمدنيين، وعودة الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات السياسية.

وشدد لافروف، بحسب وكالة "إنترفاكس"، على أنه "لا مكان للإرهابيين والمتطرفين في التسوية السياسية ووقف إطلاق النار"، داعيا لإغلاق الحدود التركية- السورية، لأنها تستخدم في إمداد الإرهابيين بالأسلحة، التي قال إن بعضها يجري إخفاؤه وسط المساعدات الإنسانية.

عنف ونهب

إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري تعامل واشنطن مع انتهاكات الهدنة بكل جدية، إلا أنه لا توجد حاليا أدلة تشير إلى أنها ستزعزع الاتفاق، مشيرا إلى أن الغالبية العظمي من مناطق سورية شهدت تراجعا في العنف، "ولهذا نحن ندعو جميع الأطراف ألا تبحث عن وسيلة للتملص من المسؤولية التي يفرضها وقف الأعمال القتالية".

وفي مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، أوضح كيري أنه اتفق مع لافروف على العمل على آلية لضمان أن تقتصر الضربات الجوية على "داعش" و"جبهة النصرة"، معربا عن أسفه لوضع حكومة الأسد عراقيل أمام تسليم المساعدات الإنسانية ودفع موظفيها وجنودها لنهب أدوية وإمدادات أخرى من الشحنات، وداعيا إلى إظهار "قدر من الأخلاق".

بدوره، أوضح المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، أمس الأول، أن الإدارة الأميركية على علم بحدوث "انتهاكات تبعث على القلق"، لكنها كانت تتوقع "بعض العراقيل، وهناك آلية تتيح متابعة تطبيق الاتفاقية"، مؤكدا تمسك الولايات المتحدة بهذه الآلية.

محاصرة الخروقات

في السياق، أكد مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا أن "ما يجري لا يمكن مقارنته بقبل دخول وقف النار حيز التنفيذ، وأعمال العنف تراجعت إلى الصفر في 28 فبراير، وإلى مستويات منخفضة جداً في الأيام الأخيرة"، موضحاً في تصريحات صحافية أن "الأمم المتحدة ومجموعة العمل الدولية تعملان على محاصرة الخروقات، وعلى تشجيع التزام القرار".

وقرر ديميستورا إرجاء جلسة المفاوضات الجديدة يومين إتاحة في الوقت الكافي لمعالجة المسائل اللوجستية والعملية، معلناً انطلاقها الأربعاء المقبل بدلاً من الاثنين.

انتهاكات الهدنة

وأعلن رئيس مركز تنسيق الهدنة الروسي في قاعدة حميميم باللاذقية الجنرال سيرغي كورالينكو، أمس، أن "وقف إطلاق النار يتم التقيد به بشكل عام"، مبينا أنه يقوم على مدار الساعة بمراقبة تنفيذ الهدنة في ست محافظات، هي: حماة وحمص واللاذقية ودمشق وحلب ودرعا.

وأكدت وزارة الدفاع الروسية "تلقي المركز قائمة أخرى تضم 61 مجموعة، إضافة إلى التي تلقاها من الجانب الأميركي في عمان، والتي تشمل 69 جماعة من المعارضة المعتدلة التي أعلنت موافقتها على شروط وقف الأعمال العدائية. وقد بلغ العدد الإجمالي للاتفاقات الموقعة 38".

«الإسلام» و«الفتح»

وفي تطور لافت، كشفت الوزارة عن توقيع 842 مسلحاً من "جيش الإسلام" و"جيش الفتح" و"كتائب اليرموك" بياناً لرفض القتال، مشيرة إلى استمرار المحادثات مع 5 قادة لتوقيع اتفاقيات مماثلة.

وقابلت هيئة المعارضة تأكيدات نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، الذي طالب السوريين بالتفكير في الدولة الفدرالية، على أن "موسكو لم تقصف الجماعات المعتدلة منذ بدء الهدنة"، بهجوم كبير، مشيرة إلى أنه يبث السموم الروسية في جسد الثورة السورية، مطالبة "مجموعة العمل" في جنيف بمناقشة "انتهاكات الروس" علناً.

توغل بري

في غضون ذلك، أكد مساعد وزير الدفاع السعودي العميد أحمد عسيري، أمس الأول، أن وزراء دفاع الاتئلاف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بحثوا إمكانية عملية توغل بري في سورية سياسياً وليس كمهمة عسكرية قبل نحو أسبوعين في بروكسل، لكنهم لم يتخذوا قرارا.

وقال عسيري، في مقابلة هاتفية مع "رويترز" من الرياض: "بمجرد اتخاذ القرار سنشارك بعد أن ندرس الأمر بشكل مستفيض"، مؤكدا أن المملكة مستعدة الآن لقصف "داعش" من قاعدة إنجيرليك التركية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي، للصحافيين في واشنطن، إن السعوديين تحدثوا "عن احتمال إدخال عنصر ما من القوات البرية في سورية"، وإن الولايات المتحدة سترحب بمثل هذه المساهمة في قتال "داعش". وفي تطور مقابل، قررت روسيا إرسال كاسحة الألغام "كوفروفيتس" إلى شواطئ سورية، بعدما وردت معلومات مفادها أن تنظيم "داعش" استولى على مستودع يحتوي على ألغام بحرية.

(دمشق، موسكو، جنيف، واشنطن، الرياض، طهران-

أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا)

«داعش» يعدم 8 هولنديين حاولوا الانشقاق

أعدم "داعش" 8 مقاتلين هولنديين في صفوفه يوم الجمعة في مدينة معدان في محافظة الرقة، واعتقل أكثر من 65 يحملون الجنسية ذاتها وبينهم مقاتلون من أصول مغربية، وفق حملة "الرقة تذبح بصمت"، التي أوضحت أن قيادة التنظيم اتهمتهم بمحاولة الانشقاق الجماعي والتحريض ضدها.

 وأوضحت الحملة، في بيان، أن الإشكال بدأ قبل شهر تقريبا بعد توقيف المكتب الأمني، الذي تديره قيادات عراقية، ثلاثة هولنديين إثر الاشتباه في تخطيط أحدهم للهروب، قبل وفاته خلال التحقيق معه من جراء الضرب المبرح، مشيرة إلى حدوث توتر إثر ذلك تخلله تبادل إطلاق النار وسقوط قتلى، مما دفع قيادة الرقة لإرسال مندوب الى الهولنديين لحل الخلاف، لكنهم أقدموا على قتله "ثأراً" لزميلهم.

وعلى خلفية ذلك، صدر أمر من قيادة العراق، وفق أبو محمد، باعتقال جميع المقاتلين الهولنديين واقتيادهم إلى سجني مدينة معدان ومدينة الطبقة في الرقة، قبل أن يتم إعدام ثمانية منهم يوم الجمعة، في حين لايزال 66 قيد الاعتقال.

ولم يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان الخبر، لكنه أشار إلى معلومات عن "إعدام ثلاثة مقاتلين مغاربة يحملون جنسيات أوروبية الجمعة في ولاية الفرات التي تضم مدينة البوكمال السورية ومناطق عراقية أخرى".

(بيروت- أ ف ب)