يعزو الناقد محمود قاسم تراجع المسلسلات التركية على الشاشات المصرية إلى توافر أعمال درامية مصرية مؤلفة من 60 حلقة وأكثر، ما أحدث مُنافسة شرسة بين التركية والمصرية، فأنتعشت الأخيرة بعدما تحمّس المُنتجون إلى إنتاجها ورحب الجمهور بها، في ظل الركود والملل اللذين سيطرا على الجمهور المصري نتيجة تشبعه من الدراما التركية.

Ad

يضيف أن عرض الدراما الطويلة خارج السباق الرمضاني فتح سوقاً آخر لضخ أعمال مميزة ينتظرها الجمهور، وبات الجمهور المصري يجد طلبه في المسلسلات المصرية الطويلة التي تقدم الجانب الرومانسي الذي امتازت به الدراما التركية، وخطوطاً ذات طابع تراجيدي وأكشن، لذلك لم يعد الجمهور بحاجة إلى الدراما التركية.

يضيف أن الأعمال التركية كانت موضة وانتهى بريقها بمجرد تقديم أعمال مصرية جديدة ومختلفة لفترة معينة، «لا شك في أن الجمهور سيملّ بعد فترة الأعمال التركية لطولها، لأنها تعتمد التطويل والمط، فيما تعالج الأعمال المصرية القضايا الاجتماعية بواقعية وهو ما يبحث عنه المشاهد».

سباق وموسم

تؤكد الناقدة ماجدة موريس أن حضور الدراما التركية بشكل مكثف على الشاشات المصرية ليس لأنها الأفضل، بل لقلة الأعمال المصرية المنتجة خارج شهر رمضان، مع رغبة المُشاهد في التجديد وظهور نوع درامي خارج عن المألوف.

تضيف: «بلغ المشاهد اليوم مرحلة التشبع من هذه النوعية من الدراما، بالإضافة إلى الأسباب السياسية التي حدثت في الفترة الأخيرة ونتج عنها ترد في العلاقات بين مصر وتركيا، ما دفع فضائيات عدة إلى الامتناع عن شراء الدراما التركية، في المقابل حققت الدراما المصرية حضوراً بقوة وابتكرت مواسم أخرى وأصبحت في مراحل صعود مستمر وتلبي حاجة المُشاهد المصري أكثر من أي نوع آخر».

يشير الناقد طارق الشناوي إلى أن المسلسلات المصرية لا تعرض إلا في شهر رمضان، وبعد انتهائه لا يجد الجمهور أعمالاً يشاهدها سوى الدراما التركية، لذلك يضطر إلى متابعتها وبالتالي تنجح. لكن ظهور مُسلسلات مصرية متعددة الحلقات أحدث في الفترة الأخيرة موسماً وسباقاً درامياً موازيين خارج رمضان، وكان ذلك بمثابة عودة إلى الدراما المصرية، فأقبل عليها المشاهد وسحبت البساط من الدراما التركية، فضلاً عن توافر منتج جيد من نواحي المضمون والشكل والمحتوى وليس تعدد حلقات بشكل فارغ.

مكانة ثابتة

يعزو الناقد نادر عدلي قلة إقبال الجمهور على الدراما التركية إلى سببين: سياسي لأن الظروف السياسية فرضت على بعض القنوات عدم بث هذه المسلسلات، إدراك المُجتمع العربي وصانعي الدراما أهمية الحضور طوال العام، ما دفعهم إلى صنع  مسلسلات الـ60 حلقة ومواسم أخرى بخلاف رمضان، فشهدنا انتظاماً في الدراما العربية عموماً والمصرية خصوصاً طوال العام، وتداخلت هذه العوامل مع بعضها البعض لتقليل ساحة الدراما التركية في مصر.    

ترى الناقدة ماجدة خيرالله، أن الدراما التركية تحافظ على مكانتها لدى المُشاهد المصري بدليل انتظار الجمهور، بشغف، الجزء الأخير من مسلسل «حريم السلطان»، وهي لم تتأثر سواء في عرضها أو تعلق الجمهور بها بسبب الأوضاع السياسية أو غيرها، حتى مع ظهور الدراما الهندية وتصاعد الدراما المصرية لا يزال للدراما التركية جمهورها في مصر، وهذا التنوع يصب في صالح المُشاهد الذي يبحث عنه على مدار يومه.

وتوضح أن «القنوات بدلا من أن تتعاقد على مسلسلين، تتعاقد على واحد لتحقيق التنوع وازدحام الصراع الدرامي وتحقيق التوازن للمشاهد، على عكس ما كان سائداً»، وتضيف: «أتاح عدم التنويع في الإنتاج الدرامي للدراما التركية أن تكون حاضرة على الخريطة بشكل مكثف، لكن الوضع اختلف اليوم مع ظهور الدراما الهندية وعرض أكثر من مسلسل مصري خارج السباق الرمضاني».