كن لطيفاً مع الناس في طريقك إلى الصعود، لأنك ستقابلهم مجدداً في طريقك إلى الهبوط! (ويلسون مزنر)

Ad

قبل أكثر من سنة كتبت هنا في "الجريدة" عن الفلسفة والفسفسة، وكان هذا عنوان المقال آنذاك، وبالطبع لم يكن المقال تخصصياً، فلا أنا فيلسوف ولا أظنني سأصبح ذلك، لكنني أجد الفلسفة في كل مكان، الفلسفة التي يعرفها عامة الناس، ويتندرون بها في مجالسهم الخاصة، الفلسفة التي يقولون عنها ما يقولون، وإحدى هذه المقولات أن الفلاسفة مجانين، وأيضاً أوصاف يعفّ القلم عن ذكرها، وهكذا نحن، بني يعرب، نفكر على طريقة "أعداء ما جهلوا"!

الفلسفة قد تكون تقديرات نفسية في خاطر الإنسان، وقد تكون اجتهادات وتأملات لا بأس بها، لا تنفع ولا تضر، وأتذكر أنني جلست مع أحد الأكاديميين، وكان الحوار عن الفلسفة، فأخذ يتحدث عنها بانبهار، وأنها وأنها، ثم درج إلى الصوفية وأنها وكأنها، وكأنه ينوي السير بي حتى نصل إلى ما لا يعقل! ومن أبرز ما قاله لي: لماذا لا تكتب مقالاً غير مفهوم وتترك لكل قارئ فهمه بما يناسب فكره وتفكيره؟! لماذا لا تجعل من كلمات وأحرف مقالك حالة عصف ذهني للقارئ؟! كان يحرضني على كتابة مقال غير مفهوم، أشبه بالكلمات المتقاطعة، هكذا أتصوره، المفارقة أنه يبتسم ابتسامة الواثق حينما أخاطبه بالفيلسوف!

أعلم أن الفلسفة علم، وأن للصوفية مريديها، وكل أمر له المعجبون به، وهذه الحياة، وتلك مبادئها واختلافاتها، وأحترم ذلك وأقدره حق التقدير، لكنه يبقى في النهاية فلسفة، وحالة صوفية، وأجواء فكرية مشربة بالتأمل، وبهذيان الفكرة على الأسلوب!

لا يتصورنّ متصور تصوراً قد لا يكون متصوَّراً بطريقة واضحة، فليست كل صورة واضحة الألوان، ولا كل لون يدل على لونه الفعلي، فربما ترى اللون أزرق، لكنه في الواقع سماوي فاتح، وأخضر، وهو في الحقيقة مزيج لوني أقرب إلى الأخضر الفاتح أو العشبي كما نسميه بلهجتنا!

ومادام المقام فلسفة فقد كتب ويلسون ويليامز ذات مرة: ما فائدة الدنيا الواسعة إذا كان حذاؤك ضيقاً؟ تفكر وتأمل في فكرته وطريقته في التعبير، لكن لماذا اختار الحذاء ليسقطه كمثال على ضيق الدنيا؟ إنها الفلسفة يا صاحبي!