أكدت محكمة التمييز، في حكم بارز لها، أحقية الجهات الحكومية في إحالة الموظفين الى التقاعد، ما داموا يستحقون المعاش التقاعدي رغم عدم اكمالهم في الوظيفة العامة الخدمة مدة 30 عاما، وألغت حكم محكمة الاستئناف بإعادة الموظف الى عمله، وأيدت قرار إحالته إلى التقاعد.

Ad

قالت «التمييز» في حيثيات حكمها الذي اصدرته برئاسة المستشار د. جمال العنيزي إن القرار الذي اصدرته الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية بإحالة المسؤول المطعون ضده مع 32 آخرين من الهيئة بهدف تجديد الدماء في الهيئة بإحالتهم الى التقاعد صحيح، ويتوافق مع القانون في حق المطعون ضده، طالما انه استحق معاشا تقاعديا. وفي ما يلي نص حيثيات حكم «التمييز».

تتحصل الحيثيات في أن المطعون ضده اقام على جهة الادارة دعوى بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من جهة عمله في ما تضمنه من إحالته الى التقاعد، مع ما يترتب على ذلك من آثار وتعويضه مؤقتاً بمبلغ 5001 دينار، وقال بيان الدعوى انه يعمل بالهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية، وتدرج في وظائفها.

وأصدرت جهة الإدارة أخيرا القرار الطعين المتضمن إحالته وآخرين الى التقاعد، ولما كان هذا القرار قد صدر بالمخالفة للقانون، لأنه لم يستكمل المدة اللازمة للتقاعد، ولم يبتغ المصلحة العامة، ومن ثم اقام الدعوى بطلباته السالفة.

حكمت محكمة أول درجة بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، والزمت جهة الادارة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ ألفي دينار على سبيل التعويض النهائي. واستأنف المطعون ضده هذا الحكم، كما استأنفته جهة الإدارة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني للأول، قضت بتعديل الحكم المستأنف ليكون بإلغاء القرار الطعين وما يترتب على ذلك من آثار.

طعن «الزراعة»

وطعنت هيئة الزراعة على الحكم الصادر من محكمة الاستئناف أمام محكمة التمييز على هذا الحكم بطريق التمييز، وحيث انه مما تنعاه جهة الإدارة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه اقام قضاءه بإلغاء قرار احالة المطعون ضده الى التقاعد، وتعويضه عن الاضرار التي حاقت به من جراء هذا القرار تأسيسا على أن المطعون ضده لم تتجاوز مدة خدمته في الوظيفة العامة ثلاثين عاما، وفقا للمعيار الذي وضعته جهة الادارة لإحالة الموظفين الى التقاعد، ومن ثم يكون هذا القرار غير مشروع، ويترتب عليه مسؤولية الادارة عن الاضرار التي حاقت بالمطعون ضده، في حين ان القرار الطعين تضمن إحالة اكثر من ثلاثين موظفا الى التقاعد. واستند هذا القرار إلى نص المادة 76 من قانون الخدمة المدنية الذي أجاز إحالة الموظف الى التقاعد بشرط ان يكون مستحقاً لمعاش تقاعدي، وهو ما تحقق في شأن المطعون ضده، فقامت جهة الادارة بإحالته الى التقاعد تجديدا للدماء، وتأهيلا للكوادر الجديدة، ومن ثم يضحي القرار الطعين قائماً على سببه الصحيح المبرر له قانونا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر على النحو المشار اليه، فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه.

نعي سديد

وقالت محكمة التمييز في حيثيات حكمها:

وحيث ان هذا النعي سديد، ذلك ان المقرر- في قضاء هذه المحكمة – أن القضاء الإداري بالأساس هو قضاء مشروعية، إذ يسلط رقابته على مشروعية القرار الإداري المطعون فيه ليزنه بميزان المشروعية في ضوء صحيح واقعة وحقيقة ما بنيت عليه أركانه ومدى استقامته على أسس مستمدة من عناصر ثابتة بالاوراق، وتؤدي الى النتيجة التي انتهى اليها وإنه ولإن كانت مراقبة الأسباب التي بني عليها القرار من حيث الصحة ومدى استخلاص هذه الأسباب من واقع الحال التي تكشف عنها الأوراق هي من أمور الواقع التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع بغير معقب عليه متى كان استخلاصها سائغاً مستنداً الى ما هو ثابت بأوراق الدعوى، إلا ان مدى مطابقة الأسباب التي ارتكن اليها القانون من مسائل القانون التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة التمييز.

انتهاء الخدمة

وأضافت المحكمة في حيثيات حكمها أن النص في المادة 71 من المرسوم بالقانون رقم 15 لسنة 1979 في شأن الخدمة المدنية على ان تنتهي الخدمة لأحد الاسباب الآتية:

 1- الاستقالة 2---- 3- الإحالة الى التقاعد.... «كما تنص المادة 76 من ذات القانون، على أنه «تجوز احالة الموظف الى التقاعد، بشرط ان يكون مستحقاً لمعاش تقاعدي فيما لو انتهت خدمته بالاستقالة وقت هذه الاحالة، وتكون الاحالة الى التقاعد بقرار من الوزير في ما عدا شاغلي مجموعة الوظائف القيادية، فتكون بقرار من مجلس الخدمة المدنية، بناء على اقتراح الوزير، يدل على ان المشرع اعتبر احالة الموظف الى التقاعد طريقا من طرق انهاء خدمته، واشترط المشرع ان يصدر القرار من الوزير المختص اذا كان المحال للتقاعد لا يشغل وظيفة قيادية او من مجلس الخدمة المدنية بناء على اقتراح الوزير إذا كان يشغل وظيفة قيادية، وان يكون الموظف مستحقا لمعاش تقاعدي وفقا للاحكام القانونية المنظمة لذلك، وانه ولإن كانت السلطة المختصة بإصدار هذا القرار تتمتع بسلطة تقديرية في هذا الشأن، الا انه يتعين ان يقوم قرارها على سببه المبرر له واقعا وقانونا، وأن تكون التزمت بما وضعه المشرع من ضوابط وكان باعثها على اصداره تحقيق مصلحة عامة، ولم يقيد المشرع سلطة الادارة عند احالة الموظف الى التقاعد، إلا بشرط واحد، هو ان يكون مستحقا لمعاش تقاعدي فيما لو انتهت خدمته بالاستقالة وقت هذه الاحالة، وان المنوط في الزام الإدارة بالتعويض عن قراراتها هو الخطأ الذي يتمثل في إصدارها قرارا إداريا غير مشروع، او كان يتعين عليها اصداره وفقا للقانون.

لا انحراف

وقالت المحكمة انه كان الثابت من الأوراق ان جهة الادارة اصدرت قرارها الطعين رقم 874 لسنة 2013 الذي تضمن احالة ثلاثة وثلاثين موظفا الى التقاعد من بينهم المطعون ضده استنادا الى السلطة المخولة للوزير المختص بمقتضى المادة 76 من قانون الخدمة المدنية في ضوء أن المطعون ضده لا يشغل وظيفة قيادية ومستحق معاشا تقاعديا، وهو ما لا ينازع فيه، واذ لم يقم دليل من الأوراق على انحراف أو إساءة استعمال الجهة الادارية لسلطتها حال اصدار القرار الطعين، ومن ثم يكون هذا القرار مشروعا وبمنأى عن الالغاء، ومن ثم ينتفي خطأ جهة الادارة المستوجب لمسؤوليتها، وإن ذهب الحكم المطعون غير هذا المذهب وخلص غير سائغ الى عدم مشروعية القرار الطعين على النحو المشار اليه وأحقية المطعون ضده في التعويض المقضي به، فإنه يكون معيبا بما يستوجب تمييزه، وحيث انه عن موضوع الاستئنافين رقمي 199، 1051 لسنة 2014 إداري، ولما تقدم فإن المحكمة تقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.