قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك في يناير الماضي: "نعتقد أنه من المناسب بدء المحادثات والمناقشات في فبراير مع "أوبك"، بشأن الوضع الحالي لأسعار النفط، لقد اعتدنا على مثل هذه المحادثات مع المنظمة عندما تكون الأوضاع غير مريحة".

Ad

وعلى إثر ذلك، بدأت أسعار النفط العالمية بالارتفاع، ولم تعلن "أوبك" حينها عن انعقاد أي اجتماع غير عادي في فبراير، إلا أنه في الأسبوع الماضي اجتمعت روسيا والسعودية وفنزويلا وقطر في الدوحة، وجاء الاتفاق على تثبيت إنتاج الدول المجتمعة على معدلات يناير.

التزام الكويت

وأعلنت الكويت، على لسان وزير النفط بالوكالة أنس الصالح، أنها ملتزمة بالاتفاق الذي توصلت إليه روسيا والسعودية، أكبر بلدين مصدرين للنفط في العالم، بتجميد الإنتاج، إذا سانده المنتجون الآخرون، لكن مؤسسة البترول الكويتية تؤكد استمرارها بالمضي في مشاريعها النفطية، التي تتضمن زيادة الإنتاج إلى 4 ملايين برميل يوميا عام 2020.

وتعليقا على الاتفاق بتثبيت الإنتاج على معدلات الشهر الماضي، وصف القيادي السابق بمؤسسة البترول الكويتية عبدالصمد العوضي، المقيم في لندن، هذا الاتفاق بـ"الكوميديا السوداء"، لأن المشكلة ليست في تجميد الإنتاج عند معدلاته الحالية، بل في الضخ السعودي والخليجي الإضافي قبل عامين تقريبا، الذي أدى إلى إغراق الأسواق وانهيار الأسعار.

وأشار إلى أن السعودية زادت إنتاجها بمعدل مليون برميل، فيما حذت الكويت حذوها قبل ثلاثة أشهر، وزادت إنتاجها بأكثر من 300 ألف برميل، والتجميد يعني "شرعنة" هذه الزيادة واستمرارها.

وأوضح العوضي أن السعودية هي التي خلقت المشكلة، والآن تحاول تداركها، لا حلها.

مناورات

وأكد أن هذه المناورات لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح لن تفيد، ومن الصعب أن تغير الوضع، وأن أي زيادة في الأسعار ستكون مؤقتة، وسرعان ما ستتبخر.

ولفت إلى أنه لابد من إقناع العراق وإيران للالتزام بمضمونه، لكن المشكلة أن هذه الدول، مثل إيران خاصة، التي فقدت مليون برميل من حصتها المقررة من قبل "أوبك"، تريد استعادة حصصها، التي استولت عليها السعودية، وخاصة بعد رفع الحصار والعقوبات الدولية عنها، وأي حديث معها حول تجميد الإنتاج بالمعدلات التي كانت عليها قبل يناير الماضي، أي قبل رفع العقوبات، يعني القبول بحصص مخفضة، والتراجع عن خططها في ضخ 500 ألف برميل يوميا ابتداء من أول الشهر المقبل.

استعادة التوازن

من جهته، قال الخبير النفطي محمد الشطي، إن الانطباعات في السوق إيجابية، لعوامل معينة بعد الاتفاق الروسي - السعودي، مشيرا إلى أن "أوبك" تستعيد دورها في تنظيم الإمدادات.

وأضاف أن ردة فعل السوق النفطية ستكون إيجابية، على الأقل في المحافظة على مستويات الأسعار الحالية، وربما مع دعم طفيف، بدلا من استمرار هبوط الأسعار، لافتا إلى أن أكبر تحدٍ يواجه الاتفاق، هو إقناع إيران، بأن تكون جزءا من الاتفاق.

وأشار الشطي إلى أن السوق النفطي يتوقع أن تكون هذه خطوة لخلق أجواء إيجابية، وبناء الثقة ما بين مختلف المنتجين ومتابعة تطبيق القرار ومدى نجاحه في تعافي الأسعار واستقرارها، متوقعا أن تفضي هذه الجهود إلى خفض فعلي في الإنتاج، بعد أشهر لإعادة التوازن في السوق، وإلا لن تستمر أسعار النفط في التعافي بصورة أكيدة وثابتة، كما يتوقع السوق وجود مذكرة إيضاحية للاتفاق.

وأكد أنه لا يمكن توقع تغيير جذري سريع لاستراتيجية "أوبك" قبل تغير معطيات السوق، وفي مقدمتها هبوط إنتاج النفوط الغالية الكلفة، مثل النفط الصخري. وقال إن أوضاع السوق تحتاج إلى كثير من المراقبة والمتابعة، للتأكد من خطوات "أوبك" وبقية المنتجين، بما يضمن خلق انطباعات إيجابية في سوق النفط، مشددا على ضرورة أن يتبع تثبيت الإنتاج خفض فيه، لتحقق تعافي الأسعار.

جدير بالذكر، أن مندوب إيران لدى "أوبك" قال الأربعاء الماضي إن إيران ستواصل زيادة الإنتاج إلى أن تصل إلى مستوى ما قبل فرض العقوبات الدولية عليها، بسبب برنامجها النووي.

وقال المندوب لوسائل الإعلام: "مطالبة إيران بتجميد مستوى إنتاجها غير منطقية. عندما كانت تخضع للعقوبات رفعت بعض الدول إنتاجها، ما تسبب في هبوط أسعار النفط. كيف يمكن أن تتوقع الآن من إيران أن تتعاون وتدفع الثمن؟ قلنا مرارا إن إيران سترفع إنتاجها النفطي إلى أن يصل إلى مستوى ما قبل العقوبات".

في المقابل، أعلن وزير النفط الإيراني بيغان نمدار زنقنة، بعد لقاء الأربعاء الماضي مع نظرائه العراقي والقطري والفنزويلي، أن إيران تدعم "أي تدبير لاستقرار السوق (النفطية) وتحسين الأسعار".

وقال زنقنة، كما نقلت عنه وكالة شانا التابعة لوزارته: "ندعم القرار المتخذ في قطر، كي تبقي الدول الأعضاء في أوبك والبلدان غير الأعضاء على سقف إنتاجها، لاستقرار السوق وتحسين الأسعار"، لكنه لم يوضح ما إذا كانت إيران ستواصل زيادة إنتاجها.