أمرت النيابة العامة المصرية بحبس 26 شخصا تظاهروا أمس الأول ضد اتفاقية إعادة «ترسيم الحدود البحرية» بين مصر والسعودية، بتهمة التظاهر دون تصريح وإثارة الشغب.

Ad

رغم محدودية التظاهرات التي خرجت أمس الأول ضد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، وما تبعها من إقرار رسمي مصري بتبعية جزيرتي صنافير وتيران للسعودية، لاتزال هذه القضية تتصدر المشهد السياسي المصري.

وأفادت مصادر قضائية مصرية بأن نحو 213 متظاهرا تم القبض عليهم عصر أمس الأول، أفرج عن أغلبهم، فجر أمس، بينما قال المحامي مختار منير إن النيابة العامة قررت حبس 26 متظاهرا 45 يوما احتياطيا، بتهم التظاهر دون إخطار، والتجمهر و"إثارة الشغب"، مضيفا: "5 من المتظاهرين المحبوسين أقل من سن 18 عاما".

وكان تقرير "مؤشر الديمقراطية" قال إنه تم تنظيم 33 فعالية في 13 محافظة، ضمن "جمعة الأرض هي العرض"، التي أعلنت رفض قوى سياسية وحزبية اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.

وقال تقرير صادر عن المرصد: "القوى المحتجة نظمت 18 مسيرة و8 تظاهرات و7 سلاسل بشرية، وشهدت محافظات القاهرة والجيزة والمنوفية خمس فعاليات، ثم الشرقية ودمياط أربع مسيرات، كما شهدت محافظتا البحيرة والإسكندرية فعاليتين، وأقيمت فعالية في محافظات الدقهلية والقليوبية وأسوان والبحر الأحمر والسويس والإسماعيلية.

الرئاسة وإخلاء السبيل

إلى ذلك، كشف مصدر أمني مسؤول لـ"الجريدة" أن مؤسسة الرئاسة طلبت من وزارة الداخلية إخلاء سبيل جميع متظاهري "جمعة الأرض"، في حين أعلن قادة التظاهرة العودة إلى التظاهر بشكل أكثر تنظيما، 25 الجاري، والذي يوافق "عيد تحرير سيناء" من قبضة إسرائيل.

من جانبه، قال عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان جورج إسحاق إن التظاهرات كسرت حاجز الخوف لدى المواطنين، خصوصا أن تعامل الداخلية مع التظاهرات كان أفضل من المرات السابقة.

وأضاف إسحاق: "كل هذا يدفع البرلمان إلى ضرورة رفض اتفاقية تقسيم الحدود البحرية التي أثارت هذا الجدل"، وقال مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية رامي محسن إن الأجندة الخاصة باجتماع مجلس النواب المقبلة لا تحتوي على مناقشة قضية الجزيرتين "تيران وصنافير".

بدوره، طالب عميد كلية الحقوق الأسبق بجامعة القاهرة د. محمود كبيش الدولة بتكوين لجان من المتخصصين في مجالات مختلفة بالشؤون السياسية والتاريخ السياسي والجغرافيا لدراسة الأمر برمته، والتأكد من أبعاده، وقال: "نادرا ما يحدث أن تدافع دولة عن أخرى، والأكثر من ذلك تعطيها جزءا من أرضها".

وأردف د. كبيش: "الفقرة الثانية من المادة 151 من الدستور تنص على أنه (إذا كانت الاتفاقية تتعلق بأعمال (التحالف أو الصلح أو حقوق السيادة) فقبل تصديق الرئيس عليها يجب عرضها على الشعب عبر الاستفتاء)، وهذه لا تصلح أيضا في هذه الحالة إلا عند ثبوت أن الجزيرتين سعوديتان، لأنه في حالة ثبوت مصرية الجزيرتين، لا يحق لأي شخص التنازل عنهما ولا حتى الشعب بالاستفتاء".

انقسام نيابي

في السياق، وبينما يواصل مجلس النواب، برئاسة علي عبدالعال، اليوم، مناقشة بيان حكومة المهندس شريف إسماعيل، وتقرير اللجنة الخاصة المشكلة لدراسته، توقع مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية رامي محسن ألا يناقش مجلس النواب أزمة اتفاقية الجزيرتين قريبا، نظرا لأن الأجندة التشريعية للفترة المقبلة لا تحتوي على مناقشة قضية الجزيرتين تيران وصنافير.

برلمانيا، انقسم أعضاء في البرلمان بشأن انتماء الجزيرتين، الأمر الذي سينعكس على المناقشات البرلمانية المتوقعة، فبينما اعتبر نواب التظاهر خطأ فادحا، دعا هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، المواطنين إلى مواصلة الضغط الشعبي على البرلمان والحكومة، لحين الفصل في قضية ترسيم الحدود مع السعودية.

ودون الحريري، عبر صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، "التظاهر السلمي حق مشروع، لكن من المهم أن يسبقه خلق حالة من الوعي الشعبي بأهمية القضية بعيدا عن الموقف الشخصي من النظام".

من جانبه، هاجم النائب محمد أبوحامد التظاهرات، واعتبرها "معادية للدولة"، لكنه أضاف بخصوص تأثير الضغط الشعبي على البرلمان لمناقشة الاتفاقية المثيرة للجدل، قائلا: "الأمر لا تحكمه الشعارات السياسية، وإنما الوثائق الدولية والتقارير التي أعدتها الأجهزة المعنية في مؤسسات الخارجية والدفاع، وموقفي من مسألة الجزيرتين أنهما تتبعان السعودية".

إلى ذلك، هاجم النائب ضياء الدين داوود التظاهرات، واصفا إياها بـ"غير المبررة"، معتبرا ان الهدوء والتأني وتفنيد المشكلات والأزمات وفقا لمراجعات تفصيلية هو الحل.

واعتبر النائب سمير غطاس التظاهرات "فرصة ذهبية" لعودة جماعة "الإخوان المسلمين"، لافتا إلى أن الأعداد المحدودة التي استجابت للدعوات صدّرت انطباعا سلبيا بأن المهتمين بمسألة استرداد الجزيرتين في مصر "ليسوا قطاعا واسعا".

وعن تعامل البرلمان مع الاتفاقية قال غطاس: "أنا من أشد المعارضين لعقد الاتفاقية التي جرت مؤخرا، لكن التظاهر والاحتجاج لن يساعد النواب الرافضين على استغناء مصر عن الجزيرتين، وإنما العكس، سيعمل على التشويش على جهودهم، والأسلم اتباع نهج سلمي مؤسسي، وترك المساحة للمتخصصين في لجان البرلمان لحسم المسألة".

هولاند

في الأثناء، قالت مؤسسة الرئاسة المصرية، أمس، إن الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، سيعقدان مؤتمرا صحافيا في "قصر القبة" عقب المباحثات الثنائية، التي تتم بينهما اليوم، حيث يبدأ الرئيس الفرنسي زيارة رسمية للقاهرة، تمتد يوما ونصف، حيث يستقبله الرئيس السيسي في مطار القاهرة ظهر اليوم، على أن يغادر بعد غد.

وتأتي الزيارة وسط توتر بين مصر وإيطاليا، عضو الاتحاد الأوروبي، ويصاحب الرئيس الفرنسي وفد وزاري رفيع المستوى، وأكثر من 120 رجل أعمال، يعملون في مختلف القطاعات التجارية والاقتصادية، إضافة إلى وفد من البرلمان الفرنسي، حيث يلتقي هولاند رئيس الوزراء المصري ورئيس مجلس النواب ويقوم بجولة في مناطق أثرية مصرية.

وتجري مؤسسة الرئاسة استعدادات رفيعة المستوى لاستقبال الرئيس الفرنسي استقبالا حافلا يليق بالصديق الأوروبي، وأحد رؤساء دول الاتحاد الأوروبي الأكثر دعما لمصر عقب 30 يونيو، وتعد الزيارة هي الرسمية الأولى للرئيس الفرنسي للقاهرة، بعد حضوره احتفال "قناة السويس" الجديدة، أغسطس الماضي.