صفوان داحول في أيام غاليري- دبي «ما زلت أحلم»
«مازلت أحلم» عنوان المعرض الذي تنظمه {أيام غاليري-دبي (11، شارع السركال)، للرسام صفوان داحول، يضم أعمالا جديدة من سلسلة {الحلم} بما فيها لوحات ضخمة.
صحيح أن الفنان التشكيلي صفوان داحول بدأ مجموعته {الحلم} المؤثرة قبل نحو ثلاثة عقود، إلا أن لوحاته المختارة تكشف تبدلات في سرد السلسلة وجمالياتها، ففي عام 2015، بدأ يعزل شخصيته المتكررة في أطر غامضة، محرراً إياها من مشاهد المدينة القاتمة ومشاهد الريف الجرداء التي تشبه مواقع حقيقية في سورية.انطلقت هذه المرحلة الانتقالية مع سلسلة من المشاهد نرى فيها بطلته وهي تمخر عباب بحر يغطيه الضباب، بعد ذلك انتقل الرسام إلى المطر المتساقط الذي يعكس غضباً عارماً. ولكن في هذه الأمثلة والأعمال التي تلتها، يجسّد داحول بطلته على خلفية من الأبيض، ما يوحي بالضوء المشع. فضلاً عن ذلك، يصوّر جسمها بتدرجات من الرمادي مضاءة بلمسات ناعمة.
يبقي الرسام معنى خطة الألوان المعكوسة هذه التي اعتمدها، مفتوحة على التفسيرات كافة. فمن الممكن، مثلاً، اعتبار استعماله المفرط للون الأبيض إشارة إلى الأمل، الولادة الجديدة، أو الابتعاد عن السماء المكفهرة والغرف القاتمة التي كانت تلف شخصياته. ولكن في المقابل، يُعتبر الأبيض لون الكفن عند المسلمين وإشارة إلى الموت والحداد.تعمّد داحول ترك معاني هذه التفاصيل للمشاهد، ولا يقدّم إلا أدلة بسيطة تُظهر الاتجاه الذي سيسلكه فصله الأخير. على سبيل المثال، يظهر مركب ورقي صغير في بعض أعماله، ما يذكّر بما تولّده الحرب من دفق للاجئين والمهاجرين بدّل وجه سورية بشكل جذري.تصوير معاصر يُعتبر داحول أحد أبرز الرسامين في العالم العربي. وقد برهن مراراً أن أساليب التصوير المعاصرة تستطيع نقل الحالة النفسية في منطقة تعيش حالة اضطراب مستمر.تدرَّب داحول، الذي وُلد في حماة بسورية عام 1961، على يد فنانين معاصرين بارزين في كلية الفنون الجميلة في دمشق قبل أن يسافر إلى بلجيكا، حيث نال شهادة دكتوراه في المعهد العالي للفنون التجميلية في مونس. بعد عودته إلى سورية، عمل في التدريس في كلية الفنون الجميلة، وصار شخصية بارزة في عالم الفن في دمشق. وفي غضون عقد، خرّج داحول جيلاً جديداً من الفنانين، مؤدياً دوره كمعلّم نشط تبتكر جمالياته المتطورة باستمرار توجّهات جديدة في الرسم. نتيجة لذلك، تُعتبر مسيرة داحول رابطاً أساسياً بين الفن العربي العصري والمعاصر.منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، تناولت سلسلة {الحلم} المستمرة لداحول التأثيرات الجسدية والنفسية للابتعاد، العزلة والتوق التي تلف تجارب الإنسان في مراحل مختلفة من حياته. تعتمد هذه الأعمال المبدعة التي تروي في جزء منها سيرة الفنان الذاتية، على خصائص الرسم المعتادة بغية إعادة تكوين شعور الاحتجاز اللاواعي، الذي يولد خلال الأزمات بسبب الحداد أو الهجرة أو الصراع السياسي.وتسهّل بطلة هذا الرسام المتكررة له تصوير تجاربه العميقة من خلال جسمها المشوَّه، عينيها الفارغتين عموماً، وسماتها المعبِّرة رغم ضآلتها. نتيجة لذلك، نراها غالباً محتجزة في أطر غامضة، فيحدِّد داحول وجودها بالاستعانة ببعض الأغراض التي تعمّق على ما يبدو نفورها، خصوصاً مع تحوّل المألوف إلى سبب لليأس.تُعرض لوحات داحول في مجموعات خاصة وعامة، بما فيها معهد العالم العربي في باريس، المتحف الوطني في دمشق، مؤسسة بارجيل للفنون في الشارقة، مجموعة السماوي في دبي، مجموعة فرجام في دبي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي في الكويت.