دخلت الهدنة المتفق عليها بين موسكو وواشنطن لوقف الحرب، التي دمرت سورية، وأشاعت حالة من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وفي أوروبا، حيز التنفيذ اليوم، بالتزامن مع تبني مجلس الأمن قراراً حصن الاتفاق الروسي- الأميركي وطالب كل الأطراف المتحاربة بالتزام تطبيقه.
تتجه أنظار العالم إلى سورية اليوم مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار، الذي ألقت روسيا والولايات المتحدة بثقلهما للتوصل إليه لأول مرة منذ قرابة 6 سنوات من الاقتتال وسفك الدماء، حيز التنفيذ، وسط آمال سورية عريضة في وقف المجازر، وعمليات التهجير، وترقب دولي لتحقيق اختراق نوعي في جدار الأزمة الصلب.وقبل ساعات من بدء سريان الهدنة، التي رعاها الكرملين والبيت الأبيض، رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، أن تسوية النزاع سلمياً ستكون "صعبة بل ومتناقضة ربما" لكن لا حل سواها.وأوضح بوتين، في اجتماع مع قادة أجهزة الاستخبارات الروسية، أن هدف وقف إطلاق النار "الدفع في اتجاه تسوية سياسية للنزاع، وتوفير الظروف لبدء هذه الآلية"، مؤكداً عزمه مواصلة ضرب تنظيم "داعش"، و"جبهة النصرة"، والمنظمات المستبعدة من الاتفاق، "بلا هوادة".وأشار الرئيس الروسي إلى تلقيه معلومات حول "استعداد جماعات مقاتلة لوقف إطلاق النار بحلول منتصف نهار أمس بتوقيت دمشق".موقف المعارضةولاحقاً، أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية، أمس، التزام نحو 100 فصيل مقاتل من الجيش الحر والمعارضة المسلحة بوقف إطلاق النار مدة أسبوعين.وأوضحت الهيئة، في بيان، أن "الموافقة تأتي عقب تفويض 97 فصيلاً من المعارضة الهيئة العليا للمفاوضات باتخاذ القرار في ما يتعلق بالهدنة"، مشيرة إلى أنه تم تشكيل لجنة عسكرية يترأسها المنسق العام للهيئة رياض حجاب "للمتابعة والتنسيق"، من أجل إنجاح تطبيق الهدنة.وأكدت الهيئة التزامها بالحل السياسي "الذي يضمن تحقيق عملية انتقال للسلطة في سورية يبدأ بإنشاء هيئة حكم انتقالي تمارس كامل السلطات التنفيذية، لا مكان لبشار الأسد وزمرته فيها".الخطة البديلةإلى ذلك، استغل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اجتماع المنتدى الروسي-العربي بموسكو بمشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، ووزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، لدعوة الولايات المتحدة وحلفائها لتفادي "الغموض" بشأن أي "خطة بديلة"، والتخلي عن فكرة تنفيذ عملية برية في سورية، أو إقامة ما يشبه مناطق عازلة في حال فشل وقف إطلاق النار.وانتقد لافروف عدم التزام الفصائل المقاتلة بوقف إطلاق النار "سوى اسبوعين"، مشيراً إلى أن "المبادرة الروسية- الأميركية لا تنص على شروط مسبقة أو بنود" من هذا النوع.العالم يراقبوبعد اجتماعه بمجلس الأمن القومي في واشنطن، مساء أمس الأول، أقرّ الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي يراهن ووزير خارجيته جون كيري منذ ثلاث سنوات على الدبلوماسية للخروج من "الكارثة"، بأنه "لا أحد لديه أدنى وهم"، مؤكداً أن "وقف الأعمال العدائية خطوة ممكنة باتجاه نهاية الفوضى الآن، وفي أفضل الحالات نحن متأكدون أن المعارك ستتواصل".وشدد أوباما على أن الأيام المقبلة ستكون "حاسمة ومرهونة باحترام النظام السوري وروسيا وحلفائهما لالتزاماتهم"، محذراً دمشق وموسكو من أن العالم سيراقب بانتباه احترام تعهداتهما بوقف إطلاق النار، ومحملاً إياهما مسؤولية المرحلة الأولى من مساعي إنهاء "الفوضى".مجلس الأمنوحصّن مجلس الأمن أمس الاتفاق، الذي أعد وزير خارجية الولايات المتحدة مع نظيره الروسي مسودته في إطار عدد من الاتفاقات الدولية منذ 2012، سواء في جنيف أو فيينا أو نيويورك، وآخرها ميونيخ في 12 فبراير ووقعته 17 دولة وثلاث منظمات تشكل جميعها مجموعة الدعم الدولية لسورية ورعاها. وفي قرار تزامن مع استماعه إلى المبعوث الدولي ستافان ديميستورا عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، قدّم خلالها عرضاً عن جهوده لوقف المعارك واستئناف مفاوضات السلام في السابع من مارس المقبل، طالب مجلس الأمن كل الأطراف المحاربة بتطبيق الاتفاق ووقف الأعمال العدائية على جميع الأراضي السورية.تصعيد روسيوعلى الأرض، شنّ الطيران الروسي قبل سريان الهدنة ضربات مكثفة وأكثر من العادة على معاقل الفصائل المقاتلة، بحسب مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن، الذي أوضح أن الغارات استمرت منذ مساء أمس حتى صباح أمس، وركزت على الغوطة الشرقية شرق دمشق بأكثر من 35 ضربة، وشملت أيضاً ريف حمص الشمالي، وريف حلب الغربي.وبينما أكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن "الطيران الروسي يواصل عمليته لدعم القوات السورية، لاستهداف المنظمات الإرهابية حتى بعد بدء تطبيق وقف إطلاق النار"، اعتبر معلومات المرصد حول استهداف الفصائل المقاتلة "لا تستند إلى أي معطيات جديرة بالثقة". صمود الهدنةوأعربت الرئاسة التركية أمس عن "قلقها الكبير" بشأن صمود الهدنة مع استمرار القصف الروسي خصوصاً شمال حلب، في إعزاز وتل رفعت وفي إدلب وجبال التركمان" وهجمات قوات الأسد على الأرض.وقال المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين، خلال مؤتمر صحافي في أنقرة، "ندعم مبدئياً وقف اطلاق النار وتركيا اضطلعت بدور ناشط فيه"، غير أنه أبدى تشاؤمه بسبب "أحداث وقعت في الماضي" حين استخدم النظام اتفاقات هدنة سابقة مماثلة "لكسب الوقت".وفي وقت سابق، أبدت تركيا شكوكاً حول نجاح الاتفاق، ودعت إلى استثناء حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري، ووحدات حماية الشعب، ذراعه المسلحة، من الهدنة لتصنيفهما على أنهما "من المنظمات الإرهابية"، على غرار "داعش" و"النصرة".
دوليات
«هدنة سورية» تدخل حيز التنفيذ... والعالم يترقب
27-02-2016