ترانيم أعرابي: بين صفحات الكتب (٢)
هذا المقال الثاني من سلسلة "بين صفحات الكتب" في زواية ترانيم أعرابي، وكما ذكرت سابقا الهدف من هذه النوعية من المقالات نشر ثقافة القراءة بين قراء الزاوية، وهنا يجب التحذير من أن ما أنشره من الكتب يعبّر عن ذائقتي أنا ولا يعني أبدا أنه يصلح لجميع القراء لكن لعل أحدهم يطلع على العنوان فيستفيد منه.كتاب اليوم هو لشخصية يحبها الكثيرون من العرب وأهل الخليج، رجل بذل جهده وتعب من أجل شعبه، لا يدّعي أحد أن حكمه كان بعيدا عن الأخطاء وإلا لكان من المعصومين، لكن بلا شك كانت فترة حكمه نموذجا ومثالا يصلح للاتباع والاحتذاء به. كتاب اليوم هو "زايد بن سلطان آل نهيان حاكم العين ١٩٤٦-١٩٦٦م"، وهو من تأليف يوسف عبدالرحمن الهرمودي ومنشورات الأرشيف الوطني في أبوظبي عام ٢٠١٤. الكتاب كان في الأصل رسالة ماجستير للمؤلف تحت إشراف الأستاذ الدكتور خالد حمود السعدون أستاذ التاريخ في جامعة الشارقة، الذي شكره المؤلف في مقدمته، وينقسم الكتاب إلى أربعة فصول: المقدمة ثم فصل عن إدارة الشيخ زايد للعين، وبعده فصل عن سياسة الشيخ زايد تجاه قبائل العين، ويختم الكاتب كتابه الواقع في ١٣٧ صفحة بفصل عن صلات الشيخ زايد مع جيران العين. الكتاب أضاف لي معلومات كثيرة عن حقبة من الزمن أُجلّها في تاريخ الخليج الحديث، كما أننا عرفنا، نحن غير الإماراتيين، الشيخ زايد رحمه الله كحاكم للإمارات أكثر من معرفتنا له حاكما للعين، ولذلك القراءة عن فترة حكمه للعين أمر فيه ثراء للمعرفة.
مقدمة الكتاب كانت ثرية بمعلوماتها التاريخية عن جغرافية المنطقة وقبائلها، وكذلك تاريخ مدينة العين في العصور القديمة فالإسلامية ثم تاريخ العين الحديث، ففي هذا الفصل ذكر الكاتب المراحل بشكل سلس وجميل إلا أنني تمنيت أن يتعمق أكثر فيما يتعلق بتاريخ العين الحديث، ويسهب في ذكر التفاصيل، لكن مبرر قيامه بالاختصار أن الكتاب في الأصل رسالة علمية، والرسائل تقع تحت قوانين صارمة من حيث عدد الكلمات، لكن أتمنى أن يتوسع الكاتب أكثر في الطبعة الجديدة من الكتاب. إسهامات الشيخ زايد بعد إدارته للعين مبهرة، وتدل على أنه مذ أن كان حاكما للعين لديه الرؤية للتوسع وتطوير البلاد، وهذا ما حصل عندما تولى حكم الإمارات بعد الاتحاد عام ١٩٧١، فاهتمام الشيخ زايد بالتعليم يحسب له بشكل كبير عندما أسس المدرسة الفلاحية في المويجعي عام ١٩٥٦، واهتم بالطلاب فيها وجلب لهم وسائل التعليم على حسابه الخاص. تبرز أهمية هذه الخطوة من الشيخ زايد، رحمه الله، مدى اهتمامه بالتعليم، فغيره في الخليج العربي قبل الطفرة النفطية كان يصرف جل اهتمامه على السلاح والنفوذ والمسائل القبلية، لكن الشيخ زايد، ساوى بين هذه الأمور كما بين المؤلف، فهو اهتم بالقبائل ورعاها، وكذلك طور مدينة العين من النواحي الصحية والتعليمية والزراعية.في الفصل الأخير كتب المؤلف عن صلات الشيخ زايد بجيران العين من الناحية الحدودية، ودوره في تسوية النزاعات القبلية بين قبائل الإمارات في الساحل المتهادن آنذاك، كما أن المؤلف تحدث عن الدور البريطاني في المنطقة والدور السعودي والعماني كذلك، وتتوقف سيرة الشيخ زايد هنا كحاكم للعين بعد تعيينه حاكما لأبوظبي عام ١٩٦٦ وبعدها حاكما للإمارات العربية المتحدة عام ١٩٧١. الكتاب في مجمله غني بالمعلومات لغير المتخصصين، ويصلح أن يكون مدخلا لمعرفة مدينة العين وتطورها، كما أن المصادر والمراجع التي اعتمد عليها المؤلف غنية وتساعد الباحثين للوصول إلى مبتغاهم في تاريخ مدينة العين بشكل أسرع.شوارد:"يموت الحصان ويبقى سرجه، ينتهي الإنسان ويبقى اسمه".مثل تركي