نجت الحكومة اللبنانية الائتلافية برئاسة تمام سلام، التي تضم خصوصاً تيار "المستقبل" و "حزب الله" من الاستقالة، وخرجت ببيان "الحد الأدنى" الذي يضمن تماسكها من جهة، والتخفيف من الغضب السعودي حيال مواقفها من الجهة الأخرى.

Ad

بعد اجتماع ماراثوني استمر أكثر من 5 ساعات، خصص لبحث التطورات بعد قرار السعودية سحب مساعداتها العسكرية للبنان، بسبب موقفه في اجتماع القاهرة لوزراء الخارجية العرب واجتماع جدة لوزراء منظمة المؤتمر الإسلامي بشأن الاعتداءات على سفارة المملكة في الرياض وقنصليتها في مشهد، أصدرت الحكومة اللبنانية، أمس، بياناً بالإجماع، أوضح موقفها من هذه القضية.

وإثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية، تلا رئيس الحكومة تمام سلام البيان قائلاً: "إننا نجدد تمسكنا بما ورد في البيان الوزراي لحكومة المصلحة الوطنية، وعلينا في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها المنطقة أن نقلل خسائرنا، فنلتزم سياسة النأي بالنفس لئلا نعرض بلدنا للخطر".

ولفت إلى أنه "انطلاقاً من نص الدستور القائم بأن لبنان عربي الهوية والانتماء وعضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية، وانطلاقاً من العلاقات الأخوية التي تربطه بالأخوة العرب، ومن الحرص على المصلحة العليا، فإننا نؤكد وقوفنا الدائم إلى جانب إخواننا العرب وتمسكنا بالإجماع العربي في القضايا المشتركة، التي حرص عليها لبنان".

وشدد على "أننا لن ننسى أن السعودية وباقي دول الخليج والدول الشقيقة والصديقة احتضنت ولا تزال، مئات الآلاف من اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب الذي يساهمون في نهضة هذه المنطقة العزيزة من عالمنا العربي".

وأشار إلى أن "مجلس الوزراء يعتبر أنه من الضروري تصويب العلاقة بين لبنان وأشقائه وإزالة أي شوائب".

ولفت إلى "أننا قلنا بكل وضوح أن همنا يبقى هو توطيد وتوثيق علاقات الأخوة مع إخواننا العرب وخصوصاً مع السعودية، موقفنا واضح وحرصنا واضح، وسنسعى إليه مع الجميع، والبيان الذي تلوته هو صادر عن المجلس بإجماع الوزراء".

وأعلن أن "مجلس الوزراء تمنى على رئيسه إجراء الاتصالات اللازمة مع قادة السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، تمهيداً للقيام بجولة خليجية على رأس وفد وزاري".

وعن موضوع إدانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، أكد سلام رداً على سؤال: "أننا ندين ونستنكر أشد الإدانة والاستنكار ما تعرضت له سفارة المملكة العربية السعودية في إيران، وما هو متعارض مع المواثيق الدولية، ومع كل الاتفاقات، ومع كل ما يحمي البعثات الدولية في الدول الأخرى، ونشدد على ذلك، ونؤكد ذلك".

المشنوق

وبحثت الحكومة الائتلافية المشكلة خصوصاً من تيار "المستقبل" و"حزب الله" السياسيات الخارجية التي يفترض أن يتبعها وزير الخارجية جبران باسيل.

وأعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق أنه غادر مجلس الوزراء قبل ساعة ونصف من انتهاء الجلسة، اعتراضاً على إعطاء فريق لبناني حق الفيتو على الإجماع العربي، الأمر الذي يعني أن الحكومة قررت أن أي طرف أساسي فيها يحق له إصدار "فيتو" على الموقف الرسمي للحكومة في الشأن الخارجي، بما في ذلك ما يخص مواقف لبنان في جامعة الدول العربية، أو في غيرها من المنتديات الإقليمية أو الدولية.

من ناحيته، عقد زعيم تيار "المستقبل" سعد الحريري، أمس، مؤتمراً صحافياً في بيت الوسط في بيروت، أطلق خلاله ما أسماه "وثيقة الوفاء للإجماع العربي والدول العربية".

وفي كلمة قال الحريري، "لن نسمح أن نسلم لبنان لمشروع الفتنة وتقسيم المنطقة، ونطالب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بعدم التخلي عن لبنان، والاستمرار في دعمه واحتضانه، وجميع اللبنانيين معنيون بالوحدة، وبالتوقيع على وثيقة التضامن مع الإجماع العربي لتكون مدخلاً لتصحيح دور لبنان وحماية دوره العربي".

وأضاف: "نقول للسعودية ودول الخليج العربي، إن الاصوات الشاذة التي تتهجم عليكم لا تنطق باسم لبنان، إنما أصوات من خرج عن العروبة والإجماع الوطني، ولن نعطيها فرصة للاستيلاء على الدولة، ولن نسلم لأحد، وخيارنا الدولة، والعبور إلى الدولة، لم نستسلم ولن نستسلم".

وأشار إلى أن "خروج البعض عن حدود الأخلاق والمصلحة الوطنية بمخاطبة الدول الشقيقة جريمة، وأي إهانة توجه إلى السعودية سنردها إلى أصحابها، ونحن هنا لنؤكد بأعلى صوت أن أحداً لن يتمكن من تغيير عروبة لبنان، وأن مؤسسات الدولة ليست محميات لحلفاء إيران، وسنستمر بالسياسة السلمية لحماية لبنان وشعبه، وتاريخ السعودية ودول الخليج مع لبنان واضح وضوح الشمس من إعمار وسلام وأمان، ولم تقاتل بشباب لبنان بحروب الآخرين، ولم تطلب من لبنان أن يكون ساحة لفلتان السلاح".

وختم الحريري قائلاً، إن "الوفاء للسعودية يعني الوفاء للبنان، والإساءة لها تعني إساءة إلى لبنان".

الحكومة السعودية

وترأس العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء بعد ظهر، أمس، في قصر اليمامة بمدينة الرياض. وأوضح وزير الثقافة والإعلام د. عادل الطريفي في بيانه لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة، أن "مجلس الوزراء شدد على ما عبر عنه مصدر مسؤول بشأن وقف مساعدات المملكة لتسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي اللبناني"، مؤكداً أن "المملكة العربية السعودية دأبت وعبر تاريخها على تقديم الدعم والمساندة للدول العربية والإسلامية، وكان للجمهورية اللبنانية نصيب وافر من هذا الدعم والمساندة، ووقفت إلى جانب لبنان في كل المراحل الصعبة التي مر بها وساندته دون تفريق بين طوائفه وفئاته، حرصاً منها على ما يحقق أمن لبنان الشقيق واستقراره ويحافظ على سيادته".

وشدد على أنه "رغم هذه المواقف المشرفة، فإن المملكة العربية السعودية تقابل بمواقف لبنانية مناهضة لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية في ظل مصادرة ما يسمى حزب الله اللبناني لإرادة الدولة، كما حصل في مجلس جامعة الدول العربية وفي منظمة التعاون الإسلامي من عدم إدانة الاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران والقنصلية العامة في مشهد التي تتنافى مع القوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية، فضلاً عن المواقف السياسية والإعلامية، التي يقودها الحزب في لبنان ضد المملكة العربية السعودية، وما يمارسه من إرهاب بحق الأمة العربية والإسلامية، وترى أن هذه المواقف مؤسفة وغير مبررة ولا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين، ولا تراعي مصالحهما، وتتجاهل كل المواقف التاريخية للمملكة الداعمة للبنان خلال الأزمات التي واجهته اقتصادياً وسياسياً".

وبيّن أن "المملكة التي عملت كل ما في وسعها للحيلولة دون وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، لتؤكد في الوقت ذاته وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق بكل طوائفه، وأنها لن تتخلى عنه وستستمر في مؤازرته، وهي على يقين بأن هذه المواقف لا تمثل الشعب اللبناني الشقيق، مقدراً المواقف التي صدرت من بعض المسؤولين والشخصيات اللبنانية بمن فيهم دولة رئيس الوزراء السيد تمام سلام، التي عبّروا من خلالها عن وقوفهم وتضامنهم مع المملكة، ومعرباً عن الاعتزاز بالعلاقة المميزة التي تربط المملكة العربية السعودية بالشعب اللبناني الشقيق، التي تحرص المملكة دائماً على تعزيزها وتطويرها".

فرنسا تسعى إلى وقف تجميد «هبة الرياض»

أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال، أمس، أن "باريس ملتزمة حماية لبنان من نتائج الوضع في المنطقة. وهذا الالتزام جزء من استراتيجيتها في الشرق الأوسط".

وفي تصريح اعتبر أنه يتضمن تلميحا إلى سعي فرنسا لوقف تجميد "هبة الرياض"، قال نادال: "البرنامج الذي موَّلته السعودية هدفه المساهمة في تجهيز القوى العسكرية اللبنانية، للتمكن من حماية البلد بكل استقلالية"، مشيراً إلى أن "باريس تتابع حوارها مع السلطات اللبنانية والسعودية، للتوصل إلى هذا الهدف".

«حزب الله» يريد اعتذاراً!

رد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب، محمد فنيش، الذي ينتمي الى حزب الله على المطالبات بتشكيل وفد وزاري الى المملكة العربية السعودية لمناقشة قرارها توقيف الهبة السعودية، فقال قبيل دخوله الى جلسة مجلس الوزراء: "عندما تعتذر السعودية عن الإساءة لحزب الله والمقاومة، عندها نفكر بزيارتها".