إن المشاريع التي لا يتوافر فيها دعم مستمر للميزانية العامة للدولة، وخلق فرص عمل جديدة للعمالة الوطنية، وزيادة في المسؤولية الاجتماعية لرأس المال، تعتبر مجرد مشاريع إنشائية للتنفيع، حيث يستفيد منها القِلة وتكون أضرارها على المجتمع أكثر من منافعها، فما الجدوى الاقتصادية من مشروع استثمار الجُزر الذي أعلنته الحكومة مؤخراً؟

Ad

بعد أن اختفى المشروع سنوات طويلة (تم اعتماده عام 2001)، أعلنت الحكومة فجأة نيتها استثمار الجُزر من دون أن تبين للرأي العام أي تفاصيل عن "الدراسات" الاقتصادية والمالية التي اعتمدت عليها عندما قررت المضي قدما في مشروع استثماري ضخم ومُكلف في ظل الظروف المالية الحالية الحرجة.

على أي حال فإنه لا جدوى اقتصادية أو تنموية حقيقية من المشاريع التي لا تتوافر فيها، على الأقل، ثلاث مزايا وهي: دعم مستمر للميزانية العامة للدولة عن طريق نظام ضرائب تصاعدية على دخل الشركات الخاصة وأرباحها مع تطبيق برنامج "الأوفست" الذي تطرقنا له من قبل، وثانيا، خلق فرص عمل جديدة للعمالة الوطنية الأمر الذي يخفف الأعباء عن ميزانية الدولة، وأخيراً زيادة في المسؤولية الاجتماعية لرأس المال من خلال تقديم القطاع الخاص خدمات مجتمعية جديدة ومتطورة مع الالتزام بالمحافظة على البيئة.

 بعبارات آخرى، فإن المشاريع التي لا تتوافر فيها هذه المزايا تعتبر مجرد مشاريع إنشائية للتنفيع، حيث يستفيد منها القِلة وتكون أضرارها على المجتمع أكثر من منافعها، فما هي، يا ترى، الجدوى الاقتصادية من مشروع استثمار الجُزر الذي أعلنته الحكومة مؤخراً؟

ليس لدينا معلومات دقيقة ووافية حول مشروع استثمار الجُزر تمكننا من الجواب بدقة عن هذا السؤال المحوري الذي تتحمل الحكومة وحدها مسؤولية الإجابة عنه، وتوضيح الحقائق كاملة للمواطنين، ولكن الشيء المؤكد هو أنه لا يوجد لدينا نظام للضرائب التصاعدية على الدخول والأرباح التي تحققها الشركات الخاصة، مما يعني أن الميزانية العامة لن تستفيد بشكل مستمر وتصاعدي من المشروع، أضف إلى ذلك أن الحكومة سبق أن ألغت برنامج "الأوفست" الذي يُلزم الشركات الأجنبية باستثمار (30%) من قيمة الصفقة في السوق المحلي (تدريب وتوظيف للعمالة الوطنية)، فحرمت بالتالي الميزانية العامة من موارد مالية مضمونة.

 أما فيما يتعلق بخلق فرص عمل جديدة للعمالة الوطنية تتناسب مع حجم المناقصة من أجل معالجة مشكلة البطالة وتخفيف العبء على الباب الأول من الميزانية العامة، فإنه من غير المتوقع أن يقوم القطاع الخاص بذلك، فتجاربه السابقة والحالية غير مشجعة بالمرة، إذ إنه لا يوظف حتى الآن، بالرغم من الدعم الحكومي السخي، إلا ما نسبته (4%) من العمالة الوطنية، وقس على ذلك بالنسبة إلى المسؤولية الاجتماعية لرأس المال التي يفترض أن يتحملها القطاع الخاص، وكذلك الأمر بالنسبة إلى موضوع المحافظة على البيئة وحماية صحة الإنسان.

ومن الآن إلى أن توفر الحكومة معلومات وافية وشفافة عن الجدوى الاقتصادية للمشروع، فإن السؤال يبقى قائماً وهو: ما الجدوى الاقتصادية لمشروع استثمار الجُزر؟