يعتقد كل إنسان أنه أذكى من غيره، وأنه يتخذ قراراته بناء على رأيه الخاص دون تدخل من أحد، ولكن... هل يعرف الناس كيف يتم التحكم بهم وتوجيههم لأخذ قرارات ومواقف بعينها؟ إن السياسيين وغير السياسيين يملكون تلك الطرق التي تدفع الناس إلى تبني مواقفهم ليصبحوا قطيعا يسهل قيادته، فهل تعلم عزيزي القارئ كيف يتم التحكم فيك؟ إن كاريزما الشخص الخطيب تلعب دوراً مؤثراً في قيادة الجماهير، فعطفاً على ما قلناه في المقال السابق بخلق عدو وهمي، لتوحيد الجموع وتسيير رغباتهم، فهنالك دائماً الخطيب المفوه الذي يقوم بتسويق هذه الأوهام والمبررات.

Ad

يقول غوستاف لوبون في كتابه "سيكولوجية الجماهير" إن الخطيب يجب أن يركز على العبارات العاطفية الرنانة، وأن يرددها مراراً في خطاباته أكثر من مرة حتى ترتكز وتستفز عقول الجماهير "الشرف، الكرامة، العزة" وغيرها من المصطلحات بدلاً من الحديث العلمي المستند إلى دليل وإحصائيات مثبتة.  المثير في الموضوع أن لوبون يؤكد أن العقل الجمعي (العقل الموحد التي تفكر به الجماهير، بعضها مع بعض) هو أقل ذكاء من العقل الفردي؛ فحالات العنف والشغب في ملاعب الكرة هل كانت ستقوم لو كان كل شخص يفكر وحده؟ أم هل كانت الجموع التي دخلت إلى مجلس الأمة ستدخل لو عرض الموضوع لكل شخص على حدة؟  من التجارب المهمة أيضاً تلك التجربة الشهيرة التي قام بها العالم سولومون آش "آش للامتثال أو الانسجام"، حيث كان يقوم فيها، بإدخال المتطوع مع مجموعة من الأشخاص المتفق معهم مسبقاً، حيث يعرض عليهم أطوال خطوط مختلفة ويسألهم عن الأطول والأقصر، وبعد عدة إجابات صحيحة من المجموعة، يتعمدون بعدها الخطأ في الإجابة، وعلى الرغم من فرق الأطوال الواضح للعين، إلا أن المتطوع للتجربة يتماشى مع الإجابة الخاطئة تحت تأثير المجموعة، في مقابل ذلك تقل الإجابات الخاطئة كثيراً في حال كانت الإجابات سرية لا علنية.  وينسب إلى برتراند راسل أنه سئل مرّةً: هل أنت مستعد أن تموت دفاعاً عن أفكارك؟ وكانت إجابته: أنا غير مستعد للموت في سبيل أفكاري! لأنني ببساطة غير واثق من صحتها! كما أنه هو الذي قال أيضاً إن "مشكلة العالم أن الأغبياء والمتشددين واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائماً، أما الحكماء فتملؤهم الشكوك!"... فهل عرفت عزيزي القارئ بعض السبل حول كيفية التحكم بالناس؟ وهل مازلت متعصباً لرأيك الحالي أم إنك منفتح لتقبل غيره؟