تشير التطورات التي أعقبت هبوط أسعار النفط منذ العام الماضي إلى أن هذا التطور سوف يقدم القليل فقط لتحسين الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة، بخلاف التوقعات التي كانت تعتبر أن فارق الوفر سوف يحسن فرص الاستثمار وتحريك عجلة العمل بقدر أكبر.

Ad

ويقول تقرير لصحيفة نيويورك تايمز إن الحقيقة البدهية المتعلقة بالاقتصاد الأميركي طوال عقود كانت تقول إن ارتفاع سعر النفط يعني معاناة الاقتصاد، وأن هبوط السعر يفضي إلى تحسين النمو في البلاد.  لكن الهبوط في أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة لم يحقق الفوائد الاقتصادية المعتادة، كما كانت الحال في الماضي.  ومع انخفاض سعر النفط إلى مستويات لم نشهدها منذ سنة 2003، قبل أن يتعافى بقدر قليل في الأيام القليلة الماضية، وربما بدافع برودة الطقس، قال العديد من الخبراء إنهم لا يتوقعون أن يعزز السعر المنخفض للنفط الاقتصاد الداخلي بصورة كبيرة في 2016.

هبوط تاريخي

ويضيف تقرير الصحيفة، أن الهبوط في سعر النفط كان بشكل تاريخي سبباً للاحتفال في العالم المتقدم – بما في ذلك الولايات المتحدة – لأن تأثيراته كانت تشابه الخفض في الضريبة بالنسبة للمستهلكين.

ونظراً لأن معظم ذلك النفط كان مستورداً، فإن الفائدة كانت أكبر بصورة عامة، وتقل عن الضرر الذي يلحق بالمنتجين المحليين،

وكل دولار يكسبه المستهلك يمثل خسارة مماثلة للمنتج، لكن عندما تلحق الخسارة بالمنتجين يجب أن يستفيد الاقتصاد الأميركي. لكن الوضع اختلف هذه المرة، وكانت الخسائر من هبوط الأسعار أكبر وأسرع من المتوقع، حيث عمدت شركات الطاقة إلى خفض الاستثمار وتسريح العمال، بينما كانت المكاسب أقل وأكثر بطئا مع توجه المستهلكين نحو التوفير، وليس العكس.

وخبراء الاقتصاد في بنك جي بي مورغان تشيس الذين توقعوا في يناير الماضي أن تضيف أسعار النفط المتدنية نحو 0.7 نقطة مئوية إلى معدلات النمو الاقتصادي في سنة 2015 يقدرون الآن أنها ربما شطبت 0.3 نقطة مئوية من تلك المعدلات.

وفي هذه السنة، يضيف التقرير، يتوقع خبراء جي بي مورغان أن تحسن الأسعار المتدنية النشاط الاقتصادي بنسبة 0.1 نقطة مئوية فقط، في حين يقول خبراء لدى "غولدمان ساكس" إنهم يتوقعون أن تكون التأثيرات عند "حوالي صفر".

مشاكل أخرى

وأفضى هبوط أسعار النفط إلى مشاكل أخرى أيضاً، منها أنه أسهم في عملية تصحيح في أسواق الأسهم العالمية، وهبط مؤشر اس and بي 500 بـ 10 نقاط في هذه السنة، كما أن الأسعار الأدنى تلقي بثقلها على معدلات التضخم، وتؤثر في خطط مجلس الاحتياط الفدرالي، لرفع معدلات الفائدة بنحو نقطة مئوية في هذا العام.  ثم إن هبوط أسعار الطاقة أفضى إلى تراجع الاستثمار في صناعة النفط والغاز، وهو ما جعل مكاسب الاقتصاد الأميركي ضئيلة بصورة إجمالية.  ويقول أندرو ليفن، وهو مستشار سابق لرئيسة مجلس الاحتياط الفدرالي جانيت يلين، إن مجلس الاحتياط "يفكر بصورة جدية في إمكانية تعرضنا إلى انكماش اقتصادي جديد، ويتعيَّن عليه وضع خطط طارئة، من أجل مواجهة هذا السيناريو".

ويشكك العديد من خبراء الاقتصاد في كون الولايات المتحدة على وشك الدخول في ركود اقتصادي، مع استمرار نمو الوظائف، وإنفاق المستهلكين عند معدلات جيدة، لكن معظمهم يقرون الآن بأن التوسع الكبير في عمليات حفر آبار النفط والغاز المحلية في السنوات القليلة الماضية غيَّرت من تأثير أسعار الطاقة على الاقتصاد.

تجدر الإشارة إلى أن حصة هذه الصناعة من إنفاق الرسملة ارتفعت بنحو أقل من 5 في المئة سنوياً في الفترة ما بين 1985 و2005، لكن التقنيات الجديدة – وخاصة في عمليات التكسير – رفعت تلك الحصة إلى أكثر من 10 في المئة في 2012 و2013، وعادت تلك الحصة الآن إلى 5 في المئة.

ويقول ويليامز، وهو رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي في سان فرانسيسكو، إن "العالم تغير، وما شهدناه كان مختلفاً عن توقعات مجلس الاحتياط الفدرالي".

وكانت عمليات التكسير في الماضي أكثر سهولة من الطرق الأخرى لاستخراج النفط، وهكذا كانت ردة فعل الصناعة على هبوط أسعار النفط أسرع من توقعات المحللين.