ترشيد الوزارات للإنفاق العام... مازال ينتظر التوجيهات
رغم التصريحات والدعوات التي أطلقتها الحكومة للوزارات والمؤسسات التابعة لها بضرورة ترشيد الإنفاق وتقليص المصروفات، نتيجة لانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، فإن قضية الترشيد مازلت تراوح مكانها بسبب اكتفاء الحكومة بمخاطبة الوزارات والمؤسسات والهيئات العامة باعتماد خيارات ذاتية للترشيد، من دون تحديد سقف أو معدلات أو أبواب لخفض الإنفاق.وبذلك بات الترشيد الحكومي مرهونا بمدى تفهم وحماس الوزير لهذا الخيار، الذي وإن كان يمثل حاجة ملحة، لكنه قد لا يكون «شعبويا»، وهو ما قد يتسبب في تجنب بعض المسؤولين اعتماده، ونتيجة لهذه المعادلات أصبح الترشيد الحكومي «كل يغني على ليلاه».
وبالرغم من الحماسة النسبية لدى بعض الوزراء في هذا الشأن، واتخاذهم إجراءات فعلية تعين على الترشيد، فإن البعض الآخر مازال في انتظار توجيهات مجلس الوزراء، وإصدار قرارات ملزمة ومحددة للقطاع الحكومي تعين في تخفيض المصروفات.«الجريدة « فتحت باب الترشيد الحكومي في عدد من الوزارات والهيئات التابعة لها، للوقوف على مدى ترجمتها للتوجيهات الداعية إلى تقليص المصروفات، وكانت المحصلة أن هناك جهات حكومية بدأت العمل بالتقليص، في حين ظلت أخرى تمارس الهدر، على اعتبار أن مجلسي الوزراء والخدمة المدنية لم يصدرا حتى اللحظة قرارات تحدد ضوابط الهدر، إلا في بعض المجالات القليلة التي لا تؤدي الغرض المطلوب.وزارة التربية أكدت أنها ستعمل علي وقف المشاركات الخارجية، إلا في حال الضرورة، كما بينت أنها أجلت المشاريع غير الأساسية، فضلا عن وقف القناة التربوية التي ستوفر نحو 500 ألف دينار سنويا على ميزانية الوزارة. في حين أوضحت وزارة الصحة أنها بصدد تقليص مكافآت اللجان والأعمال الإضافية والمهمات الرسمية، كما بدأت الوزارة بتقليص مخصصات الوزير في المهمات الرسمية من 350 إلى 300 دينار فقط، مشيرة إلى أنها قامت بتلك الخطوات الترشيدية، رغم عدم وصول كتاب رسمي من مجلس الوزراء بهذا الخصوص.أما وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، فكانت من ضمن الوزارات المبادرة إلى الاستجابة لنداء الترشيد وخفض المصروفات، حيث عملت على تقليص أعداد السيارات المؤجرة لقيادييها من 350 إلى 300 سيارة، مما وفر لميزانية الوزارة نحو 208 آلاف دينار، كما أوقفت ما يسمى بالإضافي والاستثنائي، ووعدت بإعادة النظر في مسألة صرف بدل النوبة، إلا في حدود ضيقة جدا، فضلا عن تخفيض أعداد فرق ولجان العمل بالوزارة.وقامت وزارة الإعلام بالأمر ذاته، حين أوقفت فرق العمل واللجان الجديدة، إضافة إلى تأجيل بعض المؤتمرات. ويبقى السؤال الذي يبحث عن إجابة، هل ما قامت به تلك الوزارات وغيرها كفيل بتحقيق الترشيد الحكومي المطلوب؟ وهل خفض وزارة عدد السيارات المؤجرة وخفض وزارة أخرى عدد اللجان يترجم توجهات الدولة بتقليص المصروفات وإعانتها على مواجهة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية؟ أم أن المطلوب قرارات واضحة وملزمة للقطاع الحكومي توقف الهدر وتمنع استمراره وتوضح مكامن الخلل والقصور؟«التربية» توقف المؤتمرات غير الضرورية وقناة التلفزيون«احتياجاتها ٢.١ مليار دينار ولا يمكن الترشيد قبل صدور الميزانية»أكد وكيل وزارة التربيةد. هيثم الأثري اتخاذ الوزارة عددا من الإجراءات التي تصب في خانة ترشيد الإنفاق، موضحا أن الوزارة تعمل وفق المنظومة الحكومية المتكاملة، وتلتزم بما يصدر من توجيهات وخطط.وقال د. الأثري، في تصريح لـ"الجريدة"، إنه من ضمن الإجراءات التي سيتم اتباعها هو وقف المشاركات الخارجية في المؤتمرات إلا للضرورة القصوى، إضافة إلى عدم تنظيم مؤتمرات داخلية إلا تلك التي سبق الالتزام بها، مشيرا إلى أن "التربية" ملتزمة بالمشاركات الخارجية بتمثيل الكويت في المنظمات التربوية الخارجية والتي تكون الكويت عضوة فيها.وأضاف أن سياسة تقليص المصروفات ستطول المشاريع غير الاساسية في الوزارة، حيث سيتم التركيز على المشاريع الأساسية، والتي لا يمكن تأجيلها، أما المشاريع الثانوية فسيتم وقفها حاليا لحين تحسن الظروف، مشيرا إلى أن الوزارة لديها العديد من المشاريع التنموية التي سيتم دراستها بشكل متأن لاتخاذ القرار المناسب إما باستكمالها أو تأجيلها وفق الحاجة.وأشار إلى أن الوزارة تعمل على تنظيم وتقنين فعاليات المدارس، مضيفا "وهذا الأمر ليس جديدا، حيث نحرص على أن تكون الفعاليات المدرسية من النوع الذي يصب في مصلحة العملية التعليمية ومصلحة الطلاب، لافتا إلى أن الفعاليات هي المتنفس التي يفترض أن تؤسس لنوع من الألفة بين المعلم والمتعلم، بحيث يشتركون في فعالية واحدة تقرب المسافة بينهم، وتنمي قدرات ومهارات الطلاب وهي تركز على الجوانب الفنية.وفي ما يخص الوجبات الغذائية التي يتم تقديمها للاطفال في مرحلة رياض الأطفال، أكد الاثري أنها تعتبر من الخدمات الاساسية ولا يوجد عليها أي شيء حاليا، وهي مسألة جدا مهمة للطالب وهناك عقود تم الالتزام بها مسبقا، مشيرا إلى أن الوزارة اتخذت قرارا بوقف القناة التربوية، بعد أن تم تقييمها وأرتأينا أنه من الافضل عدم تجديد عقدها.مشروع ميزانيةمن جهته، قال وكيل القطاع المالي في "التربية"، يوسف النجار إن مشروع ميزانية التربية للعام المقبل سبق أن أرسل إلى وزارة المالية، وقد قدرنا الميزانية بمبلغ مليارين و100 مليون دينار، وهذا المبلغ يعبر عن احتياجات الوزارة الفعلية، مشيرا إلى أن الوزارة لا تستطيع تحديد أوجه التقليص قبل صدور الميزانية المعتمدة من وزارة المالية.وأضاف النجار أن ارتفاع المبلغ المطلوب للميزانية المقبلة يعود إلى باب الرواتب الذي لا تستطيع الوزارة التحرك فيه إطلاقا، حيث إن تعيين الموظفين الكويتيين أمر إلزامي، إضافة إلى أن بنود الرواتب واضحة ومحددة، وهي تصرف وفق ما يحدده سلم الرواتب المعتمد من الديوان لكل الجهات الحكومية، ومنها "التربية"، وبالتالي فإن ارتفاع الميزانية التقديرية للوزارة بشكل سنوي أمر طبيعي.وذكر أنه بمجرد وصول الاعتمادات المالية من وزارة المالية سيتم ترتيب الأمور، لافتا إلى أن الوزارة سبق أن اتخذت إجراءات للترشيد منها تشكيل لجنة عليا للنظر في أحقية تشكيل اللجان والفرق العاملية في "التربية" حيث يتم اقتصار تشكيل اللجان على الأعمال المهمة والضرورية فقط.وأشار إلى أن الوزارة قررت إيقاف القناة التربوية، حيث تم إبلاغ الشركة المشغلة بإلغاء العقد وعدم تجديده، لافتا إلى أن تكلفتها السنوية تقارب الـ500 ألف دينار، بواقع 50 ألفا شهريا.«الشؤون» تقلص السيارات و«الممتازة»التحقت وزارة الشؤون الاجتماعية والهيئة العامة للقوى العاملة بالجهات الحكومية، التي أعلنت اتخاذ إجراءات صارمة من شأنها "شد الحزام"، وتقليص مصروفاتهما، ووقف أي هدر في ميزانيتهما, تنفيذاً لرغبة القيادة السياسية في تقليص الإنفاق، بما ينسجم مع انخفاض أسعار النفط، وتقنين الحاجات الضرورية للانفاق العام.وبينت مصادر مطلعة في "الشؤون" أن "الوزارة، من باب ترشيد الإنفاق، قلّصت أعداد السيارات المؤجرة من 530 إلى 320 سيارة، ما وفّر على ميزانيتها قرابة 208 آلاف دينار، إلى جانب وقفها صرف ما يسمى بالإضافي الاستثنائي، وإعطاء أوامر بإلغاء بعض عقود الحراسة غير المؤثرة أو التي تفوق الحاجة".وأضافت أنه "من بين الإجراءات أيضاً إعادة النظر في مسألة صرف بدل النوبة، على أن يكون الصرف في أضيق الحدود، إضافة إلى قصر صرف مكافأة الأعمال الممتازة على الموظفين الحاصلين على تقارير سنوية "امتياز" فقط، فضلاً عن تقليص أعداد الفرق واللجان، سواء بالإلغاء أو دمج المتشابهة في الاختصاصات، وتقليص أعداد أعضائها".596.773 مليون دينار وأوضحت المصادر أنه "بشأن ميزانية الوزارة للسنة المالية (2016/2015) فقد بلغت 596 مليون دينار و773 ألف موزعة على أبوابها الخمسة على النحو التالي، 195 مليون دينار للباب الأول الخاص بالرواتب والأجور، و14.9 مليونا للباب الثاني الخاص بالمستلزمات السلعية والخدمات، و2.9 مليون للباب الثالث الخاص بوسائل النقل والمعدات والتجهيزات، إضافة إلى 4.6 ملايين للباب الرابع الخاص بالمشاريع الإنشائية وعقود الصيانة، و354 مليونا للباب الخامس الخاص بالمساعدات الاجتماعية والدعوم".وأشارت إلى أنه "في ما يخص ميزانية الوزارة المقترحة للسنة المالية الحالية (2017/2016) فقد بلغت 657 مليون دينار 419 ألف موزعة على أبوابها الخمسة على النحو التالي، 248 مليون دينار للباب الأول، و26.9 مليونا للثاني، و7.8 ملايين للثالث، إضافة إلى 5.6 ملايين للرابع، 381.62 مليونا للخامس".تخفيض مليون ديناروعلى صعيد الهيئة العامة للقوى العاملة، أكد مديرها بالوكالة أحمد الموسى أن "الهيئة، متمثلة في جميع القطاعات والإدارات التابعة لها، حالها حال الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية التي اتخذت إجراءات من شأنها ترشيد الإنفاق، والحد من أي هدر في الميزانية".وأضاف "تم تخفيض ميزانية الهيئة المقترحة للسنة المالية (2017/2016) بواقع مليون دينار، حيث بلغت ميزانية الهيئة للسنة المالية الحالية (2016/2015) قرابة 53 مليون دينار، في حين ستكون خلال السنة المالية الجديد 52 مليونا، منها 33 مليونا مخصصة للباب الأول المتعلق بالرواتب والأجور".وأشار الموسى إلى أن "إجراءات الترشيد ستشمل أبواب الميزانية الخاصة بالمهام الرسمية والدورات الدعوات والمؤتمرات"، مشدداً على أن "ترشيد الإنفاق، لاسيما في ظل الظروف الحالية، يعد واجبا وطنيا كل جميع الجهات الحكومية".«الإعلام»: وقف مكافآت فرق العمل وإلغاء فعاليات ثقافيةتجاوبا مع سياسة ترشيد الإنفاق التي تنتهجها وزارات الدولة ومؤسساتها في الوقت الحالي، تماشيا مع قرار مجلس الوزراء بهذا الشأن، أعلن مصدر مسؤول في وزارة الإعلام أن "الوزارة أوقفت مكافآت فرق العمل واللجان التي يتم تشكيلها خلال فترات متفاوتة على مدار العام، إضافة إلى البدء فورا بإجراءات فعلية لسحب المباني المؤجرة للوزارة وإرجاعها إلى الجهات الأخرى".وأكد المصدر أن "لجنة التوعية للحد من الهدر وترشيد الإنفاق المنبثقة عن مجلس الوزراء أصدرت عدة قرارات لترشيد الإنفاق ومنع الهدر غير المبرر، أهمها تأجيل بعض الملتقيات والمؤتمرات التي تقوم الوزارة بتنظيمها شكل سنوي، وفي مقدمتها الملتقى الإعلامي العربي، وملتقى مجلة العربي"، مشيرا إلى أن "الوزارة ستختار أيضا دورات برامجية محلية داخلية فقط، ولاسيما أن الدورات البرامجية والبرامج الخارجية أو الأجنبية تكلفتها المالية مرتفعة جدا ومكلفة على الدولة، مع ضرورة التركيز على السوق المحلي في اختيار البرامج والمواد المختلفة التي تقدم للجمهور بما يتناسب والمرحلة الحالية"، لافتا إلى أن "هذه القرارات تأتي دعما للميزانية العامة للوزارة والدولة بشكل عام، وامتثالا من وزارة الإعلام للرغبة الأميرية السامية بترشيد الإنفاق والحد من الهدر والإسراف.«الصحة»: تقليل مكافآت اللجان والأعمال الإضافية والمهمات الرسميةأكدت مصادر مطلعة في وزارة الصحة توجه الوزارة لتقليص مكافآت اللجان والأعمال الإضافية والمهمات الرسمية. وأوضحت المصادر أنه تم تقليص مخصصات الوزير في المهمات الرسمية من 350 دينارا في اليوم إلى 300 فقط، إضافة إلى تخفيض مخصصات القيادي من فئة الوكيل المساعد من 250 دينارا في اليوم إلى 220 فقط، إلى جانب تقليص مخصصات الموظفين في المهمات الرسمية من 200 دينار إلى 180 دينارا في اليوم الواحد. وأضافت أن الوزارة تتجه كذلك إلى تقليص ميزانية المؤتمرات الطبية، وهي الآن بحدود مليوني دينار، حيث سيطلب من جميع الأقسام الطبية تخصيص مؤتمر واحد سنويا وورشة عمل واحدة فقط لتحقيق تقشف في هذا الجانب.وقالت المصادر إن الوزارة، ووفق تعليمات مجلس الوزراء وديوان الخدمة المدنية، تتجه إلى تقليص بدل تنقل القياديين (بدل سيارة) من 350 دينارا في الشهر إلى 250.وشددت المصادر على أن إلغاء مكافآت الأعمال الممتازة في الوزارة ستؤدي إلى توفير مئات الملايين من الميزانية العامة للدولة، مشيرة إلى أن ميزانية "الأعمال الممتازة" في وزارة الصحة وحدها بلغت العام الماضي 9 ملايين دينار. وقالت إن إلغاء مكافآت الأعمال الممتازة هذه السنة على جميع الوزارات أو تخفيضها بشكل كبير سيؤدي إلى تخفيض العبء على الميزانية العامة، على أن يتم صرف مكافآت الأعمال الممتازة للموظفين، بعد تعديل أوضاع أسعار النفط. وأكدت المصادر أنه سيتم إيقاف أي هدر في المخصصات المالية لموظفي الوزارة، في ظل التوجه الجديد الذي تنتهجه الحكومة نحو تقليص المصروفات العامة، والحد من الهدر في الميزانية العامة للدولة، مشيرة إلى تخفيض الوزارة للمخصصات والنثريات المحددة للعاملين فيها من جميع المستويات الوظيفية.وأشارت المصادر إلى أن وزارة الصحة لم تتلق كتابا رسميا حتى الآن؛ سواء من مجلس الوزراء أو من ديوان الخدمة المدنية، لكنها قامت بهذه الخطوات لرؤيتها الحالة المالية التي تمر بها البلاد، نتيجة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية.«المواصلات»: ترشيد المهمات الرسميةكشف مصدر مطلع في وزارة المواصلات، أن الوزارة بدأت باتخاذ بعض الإجراءات للحد من الإسراف غير المبرر في مختلف القطاعات، مشيرا إلى أن أبرز تلك القرارات التي تم العمل بها تقليص المهمات الرسمية الخارجية التي تشارك الوزارة خلالها في العديد من المؤتمرات والندوات والفعاليات المتنوعة".وقال المصدر لـ"الجريدة"، إن الوزارة تدرس في الوقت الحالي كيفية اتخاذ إجراءات مشابهة ومرادفة تسمح لتطبيق سياسة ترشيد الإنفاق بالشكل المطلوب من جهة، وبما يمنع الضرر على الموظف وحقوقه من جهة أخرى"، متوقعا "صدور قرارات فعلية خلال أيام بوقف مكافآت اللجان وفرق العمل التي يتم تشكيلها على فترات متفاوتة من العام".وأشار إلى أن "عملية تقليص المصروفات والهدر غير المبرر تعتمد على الميزانية المقبلة للوزارة، وبناء على تلك الميزانية ستتخذ الوزارة إجراءات فورية لمنع أي صرف إضافي يمثل عبئا على الميزانية العامة"، مشيرا إلى أن "هذه القرارات ستكون داعمة لميزانية الدولة بشكل عام".