بغض النظر عن الظروف والأسباب التي دفعت علي عبدالله صالح وحلفاءه الحوثيين إلى الاستجابة لدعوة الكويت لاستضافة حوار يمني – يمني لإنهاء نزاع مسلح سببه الانقلاب على الشرعية اليمنية، نفذه هؤلاء بترتيب ودفع خارجي معروف ومعلن من إيران، والذين يدورون في فلكها، فإن هذا التوجه جاء كبصيص ضوء في نهاية نفق مظلم سيضع هذه الأزمة، إن صدقت النوايا، على بداية طريق الحل المنشود الذي بات لازماً وضرورياً، بعدما وصلت الأمور في هذا البلد العزيز إلى ما وصلت إليه.

Ad

إنها مبادرة كريمة وخيّرة من الكويت التي لعبت أدواراً قومية فعلاً في العديد من الأزمات العربية، في مقدمتها الأزمة اللبنانية التي تفاقمت ووصلت إلى تلك الحرب الأهلية المدمرة بداية بمنتصف عقد سبعينيات القرن الماضي حتى مؤتمر الطائف الشهير، لكن وقبل الذهاب في التفاؤل بعيداً ولو على أساس: "تفاءلوا بالخير تجدوه" فإنه يجب التأكد ومنذ الآن من أن نوايا علي عبدالله صالح وحلفائه صادقة، وأنهم لن يفاجئوا أصحاب هذه الدعوة الكريمة، التي قوبلت بالتقدير والاحترام من مجلس التعاون الخليجي والسعودية، ومن قبل دول التحالف العربي، بلعبة من ألاعيبهم التي غدت معروفة ومكشوفة، ويعيدوا كل شيء إلى المربع الأول ونقطة الصفر.

يجب التأكد قبل اقتراب موعد العاشر من أبريل المقبل، وبالطبع قبل اقتراب موعد الثامن عشر منه من أن وقف إطلاق النار المقترح والمطلوب سينفذ ويحترم، وأن قرار مجلس الأمن الدولي رقم "2216" سيطبق بحذافيره وبكل بنوده، وأن التدخل الخارجي في شؤون اليمن سيتوقف فعلاً، وخصوصاً، وبكل صراحة، التدخل الإيراني والقوى والتنظيمات التابعة لإيران، وفي مقدمتها حزب الله اللبناني.

هناك مثل يقول: "إن قريص الأفعى يخاف من جرة الحبْل"، فالمعروف أن علي عبدالله صالح تحديداً لا يمكن أن يُؤمن جانبه، وأنه مشهور بعقد اتفاقيات وإبرام صفقات ثم يتخلى عنها قبل أن يصيح الديك وقبل أن يجف الحبر الذي كتبت به، وهذا ما حصل مع المبادرة الخليجية التي وقعها في الرياض، وكانت نهايتها ذلك الانقلاب على الشرعية الذي تسبب في هذه الحرب الطاحنة، وما كان حصل مع اتفاق عمان الشهير عام 1994، الذي انتهى بتلك الحرب التي اعتبرت "حرب الحفاظ على الوحدة"، لكنها في حقيقة الأمر عمّقت النزعة "التشطيرية" بين الجنوبيين والشماليين.

وهنا فإن ما يجب أخذه مسبقاً ومنذ الآن بعين الاعتبار هو أن علي عبدالله صالح له مطالب خاصة، وهذا إن سارت على ما يرام وتم الالتزام بكل ما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي "2216"، من بينها ضمان حياته، سواء في اليمن أو خارجه، وضمان ممتلكاته وأمواله وعائلته وبعض المقربين منه، وحقيقة إن هذه ستكون مشكلة المشاكل بالفعل!