مع أنني قد أكون طارئاً على هذا الموضوع، ومع أنني لم أسمع قبل أن تتفجر هذه المسألة بشخص اسمه عبدالحميد دشتي، وهذا بالتأكيد هو ذنبي وليس ذنبه، إلا أنني وجدت أنه علي، ما دام أنني أحد كتاب هذه "الجريدة" الغراء منذ أول عدد حتى الآن، أن أدلي بدلوي في هذه القضية التي فجّرها النائب في البرلمان الكويتي باستهداف دولة عربية لم تقصر مع أي دولة شقيقة، وخاصة دولة الكويت العزيزة، عندما تعرضت لمحنة احتلالها من قبل صدام حسين، الذي أصبح اسمه، بعد ارتكاب هذه الجريمة، يحتل زاوية مظلمة في واحدة من أسوأ صفحات التاريخ منذ بدء الخليقة حتى الآن.
والواضح أن دافع دشتي، لاستهداف المملكة العربية السعودية، وبطريقة مقصودة ومفتعلة، هو أولاً: حب الظهور واقتداءً بما كان يفعله نمر باقر النمر، الذي نال جزاءه العادل، وبما يفعله الآن وسابقاً حسن نصر الله وهادي العامري، صاحب تنظيم "الحشد الشعبي في العراق"، وأيضاً عبدالملك الحوثي، وثانياً: "الدفاع عن هذا النظام الإيراني الغارق في الموبقات السياسية وانتهاك حقوق الإنسان إلى ما فوق أنفه"!لقد وجه عبدالحميد دشتي، كما فهمت من خلال متابعاتي البعيدة، تهماً للمملكة العربية السعودية، تتعلق بحقوق الإنسان والمحاكمات العادلة، ويقيناً إنه كان عليه قبل أن يصب جام غضبه على دولة، لم "تقصر" مع الكويت وأهلها، ولا في أي يوم من الأيام، ألا يغلب حب الظهور وأيضاً الانحياز الطائفي الأعمى على الحقائق التي تفقأ العيون، وأولاها تلك الحقيقة القائلة بالنسبة لإيران: "وكُلك عورات وللناس أعين"!يُعرف عن المملكة العربية السعودية أنها ما عاقبت لا سعودياً ولا غير سعودي بدون محاكمة عادلة، وبدون أن يستعين المتهم بمحام يتولى الدفاع عنه، كما أنه لا يعرف عن المملكة العربية السعودية، حتى وإن كانت هناك بعض التجاوزات في مجال حقوق الإنسان، وفقاً للمقاييس الغربية وليس وفقاً لمقاييس هذه المنطقة وأعرافها وتقاليدها، أنه حدث فيها ما يحدث في سجن "إيفين" الإيراني، وما يحدث في طهران ليس بالنسبة لمن يعتبرون أقليات طائفية ومذهبية وعرقية، كالعرب والبلوش والآذاريين والأكراد، وإنما أيضاً بالنسبة لكبار رجال الدولة الإيرانية الذين اختلفوا مع رأس السلطة الإيرانية، ومَن هم حوله حتى على بعض القضايا الإجرائية العادية.ربما السيد عبدالحميد دشتي، الذي من الواضح أن العزة أخذته بالإثم، وأنه يرى القشة الصغيرة في عين المملكة العربية، ولا يرى غابة من الأخشاب الناشفة في عين هذا النظام الإيراني، لا يعرف أنه مرّ على إيران بعد ثورتها شخص اسمه صادق خلخالي، كانت أعداد كل وجبة من وجبات الإعدامات التي كان ينفذها مزاجياً وعلى الشبهات وبدون محاكمات، وبدون أن يوفر للمتهم ولو الحد الأدنى للدفاع عن نفسه، تصل إلى الألوف وإلى المئات، وكان شعاره في كل هذا: "إنه لا ضرورة للمحاكمات فإن ثبت أن المتهم الذي تم إعدامه كان بريئاً فإنه سيذهب إلى الجنة، وإن ثبت أنه ليس بريئاً فإنه يكون قد نال الجزاء الذي يستحقه"!لقد تم إعدام آية الله العظمى شريعة مداري بدون أي محاكمة، والسبب أنه اعترض على "ولاية الفقيه"، التي أقرها الخميني، والتي اعتبرتها بعض المرجعيات الشيعية الكبرى: "استبداداً دينياً، وأن للأمة ولايتها على نفسها من خلال الانتخابات الديمقراطية"، ومن هذه المرجعيات اللبناني - النجفي محمد مهدي شمس الدين... ثم ويبدو أن السيد عبدالحميد دشتي لا يعرف أن عدداً من كبار رجال الدولة الإيرانية قيْد الاحتجاز والعزل والإقامة الإجبارية الآن كرئيس الوزراء السابق حسين موسوي، والرئيس الأسبق محمد خاتمي ومهدي كروبي، ولا يعرف أن أول وزير خارجية لإيران بعد انتصار الثورة الإيرانية، الذي هو صادق قطب زاده، تم إعدامه وبلا محاكمة، لأنه أبدى معارضة لولاية الفقيه... وهكذا وبالتالي فإن هذا ليس رداً على النائب دشتي، وإنما حقائق كان لابد من إظهارها من أجل التاريخ.
أخر كلام
ليس رداً على دشتي!
11-03-2016