حصد لبنان نتائج سياسة "حزب الله" المعادية للمملكة العربية السعودية، فصدر أمس قرار من الرياض بـ"توقيف مساعدات تسليح الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي"، وذلك بعد "مواقف لبنانية لا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين".

Ad

جاء هذا القرار، بعد تصعيد "حزب الله" سياسته المعادية للرياض عقب العملية العسكرية التي تقودها في اليمن، وإعدام الشيخ الشيعي نمر النمر المدان بالإرهاب، وصدور أمر عمليات إيراني، على ما يبدو، بتجاوز كل الخطوط الحمر، حيث بات جمهور الحزب يهتف بالموت للسعودية وحكامها، بدلاً من "الموت لأميركا وإسرائيل".

كما جاء أيضاً بعد المواقف المثيرة للجدل لوزير الخارجية اللبناني، رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، في اجتماعَي وزراء الخارجية العرب بالقاهرة ووزراء خارجية دول مجلس التعاون في جدة، اللذين خُصِّصا لبحث الاعتداءات على سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد.

وقال مصدر سعودي مسؤول لوكالة الأنباء السعودية (واس)، إن "المملكة قامت بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع الجمهورية اللبنانية، بما يتناسب مع هذه المواقف ويحمي مصالح المملكة، واتخذت قرارات منها: أولاً: إيقاف المساعدات المقررة من المملكة لتسليح الجيش اللبناني عن طريق فرنسا، وقدرها 3 مليارات دولار. ثانياً: إيقاف ما تبقى من مساعدة المملكة المقررة بمليار دولار المخصصة لقوى الأمن الداخلي اللبناني".

وأوضح المصدر أن "السعودية تُقابَل بمواقف لبنانية مناهضة لها على المنابر العربية والإقليمية والدولية، في ظل مصادرة ما يسمى حزب الله اللبناني لإرادة الدولة، كما حصل في مجلس جامعة الدول العربية وفي منظمة التعاون الإسلامي من عدم إدانة الاعتداءات السافرة على سفارة المملكة في طهران والقنصلية في مشهد، التي تتنافى مع القوانين الدولية والأعراف الدبلوماسية، والتي حظيت بتنديد من دول العالم كافة، ومن مجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية، فضلاً عن المواقف السياسية والإعلامية التي يقودها ما يسمى حزب الله في لبنان ضد المملكة، وما يمارسه من إرهاب بحق الأمتين العربية والإسلامية".

وأفاد المصدر بأن "المملكة ترى أن هذه المواقف مؤسفة وغير مبررة، ولا تنسجم مع العلاقات الأخوية بين البلدين ولا تراعي مصالحهما، وتتجاهل كل المواقف التاريخية للمملكة الداعمة للبنان خلال الأزمات التي واجهته اقتصادياً وسياسياً".

وتابع: "المملكة، وقد عملت كل ما في وسعها للحيلولة دون وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، تؤكد في الوقت ذاته وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق بجميع طوائفه، وأنها لن تتخلى عنه، وستستمر في مؤازرته، وهي على يقين أن هذه المواقف لا تمثل الشعب اللبناني الشقيق".

وختتم: "السعودية تقدر المواقف التي صدرت من بعض المسؤولين والشخصيات اللبنانية، بمن فيهم دولة رئيس الوزراء تمام سلام، والتي عبّروا من خلالها عن وقوفهم مع المملكة وتضامنهم معها، وتعرب عن اعتزازها بالعلاقة المميزة التي تربط المملكة بالشعب اللبناني الشقيق، والتي تحرص المملكة دائماً على تعزيزها وتطويرها".

وكان العاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز قد أعلن في نهاية عام 2013 تقديم هبة سعودية إلى لبنان بقيمة 3 مليارات دولار، على أن يتم بها شراء أسلحة من فرنسا. وتسلم لبنان دفعة على الأقل من هذه الهبة. ثم أعلن في وقت لاحق عن هبة أخرى بمليار دولار إلى قوى الأمن الداخلي.

ومن جهتها، أعربت وزارة الخارجية الإماراتية عن تأييدها الكامل لقرار السعودية، لافتة في بيان إلى أنه "يأتي في أعقاب تكرار المواقف السلبية اللبنانية تجاه الإجماع العربي بصورة واضحة ومسيئة ومثيرة للاستياء والاستغراب، رغم التواصل مع الجهات اللبنانية المعنية".

واعتبرت أن "القرار اللبناني الرسمي بات مختطفاً ضد مصلحة لبنان ومحيطه العربي، كما يبدو واضحاً من هيمنة ما يُسمى حزب الله، ومصادرته القرار الرسمي، ما أسفر موقفاً لبنانياً متبايناً ضد المصالح العربية". وأكدت أنها "تدعم بشكل كامل قرار المملكة، إيقاف المساعدات المقررة للجيش اللبناني وقوى الأمن اللبنانية"، داعية "اللبنانيين في الوقت نفسه إلى إعادة لبنان إلى محيطه العربي، بعيداً عن التأثيرات الإيرانية التي يتبناها حزب الله".

من ناحيته، قال «حزب الله» في بيان، إن «تحميلنا ووزارة الخارجية اللبنانية مسؤولية القرار السعودي ما هو إلا محاولة فاشلة في المضمون والشكل والتوقيت لا تخدع أحداً»، زاعماً أن «القرار يكشف زيف ادعاءات المملكة في مكافحة الإرهاب».

في المقابل، قال زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في بيان: «نتفهم قرار السعودية، ونتطلع أن تنظر قيادتها إلى ما يعانيه لبنان بعين الأخ الأكبر»، مضيفاً أن «من يفترض أن لبنان يمكن أن يتحول إلى ولاية إيرانية فهو واهم».

 ومن جانبه، قال رئيس الهيئة التنفيذية في حزب "القوات اللبنانية"، سمير جعجع، في تغريدة عبر "تويتر": "حزب الله يتحمل مسؤولية خسارة لبنان مليارات الدولارات من جراء تهجمه الدائم على السعودية"، مضيفاً: "على الحكومة الالتئام فوراً واتخاذ التدابير اللازمة لإعادة العمل بالمساعدات المجمدة". وقال رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان إن "أصدقاء سيادة لبنان يأكلون الحصرم وأبناء المؤسسة العسكرية يضرسون".