العدالة الخليجية... «كولا» وبنزين!
![عبدالمحسن جمعة](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583383269387080400/1583383291000/1280x960.jpg)
تلك الثروات الخاصة المتوقع أن تصل إلى عتبة الـ7 تريليونات دولار بنهاية العقد الحالي، بحسب توقعات تقرير لـ"مجموعة بوسطن الاستشارية"، لا تخطر ببال مخططي الاقتصاد والمالية الحكوميين الخليجيين عند تداول حلول معالجة الاختلالات الاقتصادية، والعجز الناتج عن انخفاض أسعار النفط، بالتفكير في تشريعات تتعلق بالضرائب على الثروات الضخمة، أو الدخول العالية، بل انها غائبة تماماً عن مخيلة صاحب القرار الخليجي لسبب غير معلوم! نعم أن المالية الخليجية تحتاج إلى إصلاح وإعادة تسعير لبعض الخدمات، وتحمل شعوب الخليج مسؤولياتهم تجاه أوطانهم، ولكن هل يجوز أن نفكر في فرض ضريبة على المياه الغازية، والسجائر ورفع أسعار الوقود والكهرباء ضمن شرائح لا تحقق العدالة؟ فربما محدود دخل لديه عائلة كبيرة يستخدم الكهرباء في ظروف المنطقة الخليجية المناخية الصعبة، أكثر من ملياردير خليجي لديه عائلة محدودة العدد، لذا فإن عنوان العدالة عالمياً يرتكز على تقسيم الأعباء، وفقاً لما يجنيه الفرد من ثروة وطنه، فلا يمكن أن تتساوى أرملة أو معاق يحصل كل منهما على مساعدات اجتماعية، أو متقاعد محدود الدخل في تسديد التزاماتهم لدعم الدولة مع من يحقق الملايين من ثروة وطنه ويكنزها في الداخل والخارج، بأن يدفعوا ضريبة مماثلة على السلع، وأسعار البنزين، والكهرباء، أو تتساوى مسؤولية أصحاب الدخول العليا مع ضريبة يدفعها طفل خليجي عند تناوله قارورة مياه غازية!أنا لا أعلم سبب تجاهل وزراء المالية الخليجيين للثروات الخاصة البالغة 1.5 تريليون دولار عند تناولهم سبل معالجة عجز الموازنات في دولهم وتحقيق الإصلاحات الاقتصادية، واقتصار بحثهم على ضرائب المبيعات، وزيادة أسعار البنزين العادي والممتاز، دون التطرق إلى بحث ضريبة الدخل على شرائح الدخول العالية، وأرباح المناقصات الضخمة، وعمولات الوكالات التجارية، خصوصاً أن ظروفها مختلفة عن بقية دول العالم، ففي الولايات المتحدة الأميركية، واليابان، ودول أخرى تعطى إعفاءات ضريبية لبعض أصحاب الدخول العليا لتشجيعها على مزيد من الاستثمار، بغرض توظيف المزيد من العمالة الوطنية بعكس الأثرياء الخليجيين الذين لا يقومون بأدوار مشابهة، لذا فإن هذه القرارات المجتزأة، والتي لا تأتي ضمن حزمة إصلاح اقتصادي متكاملة تحقق العدالة الاجتماعية، ربما يكون لها كلفة عالية في المستقبل على أمن واستقرار المجتمع الخليجي وتماسكه.***الولايات المتحدة الأميركية تلاحق كل من يحمل الجنسية الأميركية عبر قانون "الفاتكا"، لتقديم إقرار ضريبي وسداد ضريبة الدخل، حتى لو لم يعش يوماً في أميركا، ولم يربح سنتاً من الاقتصاد الأميركي وحصل على الجنسية من والديه، أو ولد على الأراضي الأميركية وغادرها وهو رضيع.