لا تزال مصر منشغلة بحادث اختطاف طائرة مصرية إلى قبرص، أمس الأول، والتي انتهت بسلام، لكن بطريقة غامضة، كما طرحت تحديات أمنية، خصوصاً إذا ما قام إرهابي بتقليد ما قام بها الخاطف، وقاد الطائرة وركابها إلى الهلاك أو إلى حادثة تشبه ما جرى في 11 سبتمبر، في الولايات المتحدة. 

Ad

أودع القضاء القبرصي، أمس، الرجل "غريب الأطوار"، الذي خطف طائرة تابعة لشركة مصر للطيران، وأرغمها على الهبوط في مطار لارنكا، قيد الحجز الاحتياطي لثمانية أيام غداة العملية، التي استبعد فيها الدافع الإرهابي.

وقررت محكمة في لارنكا جنوب قبرص، قرب المطار، الذي اضطرت الطائرة للهبوط فيه، وضع المصري سيف الدين محمد مصطفى البالغ من العمر 58 عاماً في السجن، قيد التحقيق لثمانية أيام.

وخلال هذه الجلسة الأولى، لم يتم استجواب المصري عن الأسباب التي حملته على خطف الطائرة التابعة للخطوط الجوية المصرية إلى مطار لارنكا.

وهذه الأيام الثمانية؛ ستتيح للشرطة التحقيق في مسألة خطف الطائرة، التي انتهت بسلام بالنسبة للركاب وطاقمها بعدما أفرج عنهم.

وأبلغت الشرطة القبرصية المحكمة في لارنكا بأن المصري يواجه تهم الخطف، وخطف أشخاص بهدف أخذهم إلى وجهة مجهولة والسلوك المتهور الذي ينطوي على تهديد، وكلها مخالفة لقانون مكافحة الإرهاب، ولم يدل المتهم بأي أقوال أمام المحكمة.

لكن أثناء مغادرته في سيارة للشرطة، رفع شارة النصر أمام الصحافيين، الذين كانوا ينتظرون أمام قاعة المحكمة الواقعة على مسافة كلم من مطار لارنكا، حيث هبطت الطائرة المخطوفة.

ولن توجه رسمياً قبل الجلسة المقبلة أي تهم إلى مصطفى، الذي كان متزوجاً من قبرصية.

ووصفت السلطات القبرصية مصطفى بأنه "مضطرب نفسياً"، وأكدت أن القضية "لا علاقة لها بالإرهاب".

ومصطفى متهم بأنه أرغم الطائرة على الهبوط في مطار لارنكا عبر التهديد بتفجير حزام ناسف تبين لاحقاً أنه مزيف.

وطلب الخاطف خصوصاً رؤية زوجته القبرصية السابقة وحضورها إلى المطار لتسليمها رسالة.

24 عاماً

وحسب قاضي التحقيق آندرياس لامبريانو، الذي تحدث خلال الجلسة، فإن المتهم قال للشرطة: "ماذا يمكن أن يقوم به شخص لم ير زوجته وأولاده مدة 24 عاماً، وتمنعه الحكومة المصرية من ذلك؟"

ولكن حسب عائلة زوجته السابقة في تصريح لصحيفة قبرصية، فان المتهم لم يبد أي اهتمام بعائلة كل مدة الـ 24 سنة.

وقد أقام سيف الدين مصطفى في قبرص حتى عام 1994.

وأوضح القاضي أن الشرطة ستحدد طبيعة سائل عثر عليه في حوائجه.

طلب مصري

وطلب النائب العام المصري من السلطات القبرصية تسليم مصطفى للتحقيق معه في خطف الطائرة، بموجب الاتفاقيات الدولية المعمول بها في هذا الشأن والموقعة في 1996.

شهود عيان

وأثار حادث الخطف توتراً على مدى ست ساعات في مطار لارنكا وتسبب بإغلاقه مؤقتاً.

وقالت الراكبة نهى صالح "بعد 15 دقيقة على الإقلاع، شاهدنا على الشاشات أن الطائرة ليست متجهة إلى القاهرة وإنما كانت تحلق فوق البحر".

وأضاف: "أبلغنا افراد الطاقم بأن هناك مشكلة تقنية، وأنه يجب التوجه إلى قبرص أو اليونان لحلها، لقد تصرفوا بمهنية، وكان سلوكهم عادياً".

وقالت راكبة أخرى تدعى فايزة بكري، إن الخاطف "لم يتحدث" إلى الركاب لكنه كان "يتناقش مع قائد الطائرة والمضيفة".

العائدون

وعاد غالبية الركاب إلى القاهرة، مساء أمس الأول، وقال بعضهم إنهم خاضوا تجربة غريبة.

وقال أحدهم رداً على أسئلة التلفزيون المصري الرسمي: "كانت تجربة لذيذة" لا تحصل إلا مرة واحدة في العمر، مضيفاً: "حصل خير".

الإفراج عن سجينات

وقالت صحيفة "سايبراس ميل"، إنه بعد هبوط الطائرة سلم الخاطف ظرفاً باسم وتفاصيل تتعلق بسيدة قبرصية هي زوجته السابقة. وفي داخل الظرف كان هناك خطاب يطالب بالإفراج عن 63 سيدة محتجزة في سجون مصرية بسبب آرائهن السياسية، بحسب الصحيفة.

وأبلغ أحد أفراد الطاقم الشرطة القبرصية بأنهم كانوا يعتقدون فعلاً أنه يحمل متفجرات، وأنه بدا "شخصاً مستقراً ومسيطراً"، وأنه سينفذ فعلاً تهديده.

40 تقريراً

وقالت الشرطة، إنها تتوقع تلقي 40 تقريراً، حصلت بالفعل على نصفها، من طاقم وركاب الطائرة وأقارب المشتبه به في قبرص ومصر وغيرهم ممن لهم صلة بالواقعة، وأبلغت الشرطة المحكمة، أن التحقيقات ستجرى بالتعاون مع الإنتربول الدولي لمعرفة كيف تمكن من الصعود إلى الطائرة ومعه كل الأشياء التي عثر عليها بحوزته.

تداعيات سياحية    

حادث اختطاف الطائرة المصرية، ألقى بتداعيات على قطاع السياحة في مصر، إذ يمر القطاع بأزمة ثقة منذ العام الماضي عقب عدة حوادث أبرزها سقوط الطائرة الروسية في سيناء نهاية أكتوبر الماضي، والذي يشتبه في أن عملية إرهابية السبب فيه، وأعقب الحادث إجراءات احترازية من عدة دول في مقدمتها بريطانيا وروسيا، اللتان أعلنتا وقف رحلاتهما إلى مصر.

قطاع السياحة المصرية الذي حقق إشغالات لم تتجاوز نسبة 10 في المئة خلال موسم أعياد رأس السنة الميلادية (ذروة الموسم السياحي)، كان يأمل في انتعاشة بعد إعلان عدة دولة عن استئناف أو نية استئناف رحلاتها إلى مصر، لكن الحادث الأخير، وعلى الرغم من عدم وقوع ضحايا بدد هذه الآمال، إذ أكد "الاتحاد الروسي للسياحة"، أن الجانب الروسي لن يستأنف الرحلات الجوية إلى مصر حالياً.

وكانت هيئة تنشيط السياحة المصرية، تستعد للاستفادة من مبادرة دشنها مواطنون بريطانيون ترمي إلى جمع توقيعات على وثيقة تُطالب البرلمان ، برفع الحظر الجوي المفروض على الرحلات الجوية إلى منتجع "شرم الشيخ" المصري، والتي حملت اسم "مواطنون بريطانيون يُطالبون بالحق في السفر إلى شرم الشيخ"، وقع عليها نحو 1700 بريطاني.

من جانبه، قال خبير السياحة الدولي، زين الشيخ، إنه على الرغم من أن الحادثة فردية، ولا تخفي وراءها أي عمل إرهابي، فإن من الطبيعي أن تؤثر الواقعة بالسلب على قطاع السياحة المصرية، لما خلفته الواقعة من بلبلة إعلامية عالمية.

وأضاف: "ستكون سبباً طبيعياً في تراجع المبادرات البريطانية المصرية لعودة السياحة مرة أخرى، إلى جانب باقي الجنسيات".

إلى ذلك، وبينما سيؤدي انخفاض عائدات السياحة بشكل كبير إلى أزمة في خطط القاهرة للسيطرة على ارتفاع سعر صرف الدولار، الذي يدور حول عشرة جنيهات مصرية، أكد مصدر مصري رفيع المستوى أن استعدادات خاصة بدأت في القاهرة لاستقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، المقررة الخميس المقبل ولمدة يومين، وهي الزيارة المتوقع أن تشهد توقيع اتفاقيات بمليارات الدولارات.